يعكس خطاب ما يسمى "حزب البعث" الذي عاود الهجوم على جامعة الدول العربية والمبادرات المطروحة مؤخراً، حالة التململ وسخط زعيم الحشاشين بشار أسد من غياب الدعم الاقتصادي وتدفق الاستثمارات إلى مناطقه كما كان يتوقع، في ظل اشتداد الأزمات الاقتصادية المزمنة التي بدأت تهدد أمنه.
خطاب المؤامرة من جديد
وتزايد هجوم حزب البعث الذي يتخذه زعيم الحشاشين بشار أسد واجهة سياسية، ضد الدول العربية التي كان آخرها نشر إعلامه افتتاحية لبسام هاشم الموالي، يتهم فيها الدول العربية بالغدر بسوريا وتبني النظرة الغربية والتركية.
وبحسب هاشم، فإن بشار أسد ذهب إلى القمة العربية بروحية ووعود مغايرة لما يجري الحديث عنه اليوم، وأن هدف الدول العربية كان التسريع برمي أسد في أحضان الغرب، من خلال تحميله مسؤولية المماطلة في إيجاد الحلول المخطط لها.
واتهم هاشم المقرّب من ميليشيا أسد، بعرقلة قطر جهود عودة أسد الطبيعية إلى الجامعة وتدفق الدعم لميليشياته، مشيراً إلى أن المبادرات العربية حملت بنوداً معدّة مسبقاً من قبل طرف واحد لتنضم إليه أطراف أخرى مقابل الدعم، في تناقض مع حديثه عن عدم طلب ميليشيا أسد فتح خزائن العرب لهم.
ورغم تأكيده على وجود بنود والتزامات يفترض تنفيذها لتخليص السوريين من بؤسهم الاقتصادي، إلا أنه لم يفوت الفرصة للتعبير عن موقف أسد الذي لا يلقي بالاً لأحوالهم، بالحديث عن استمرار انتظار انتهاء الأزمة وعدم استعدادهم لتقديم أي تنازل يساهم في إنجاح المبادرة العربية والتخفيف من كوارث السوريين المتفاقمة.
ثلاثة أسباب خلف تغيّر خطاب البعث
ويعتبر سياسيون سوريون أن خطاب حزب البعث، يحمل تعبيرات خطيرة والتفافة على المبادرات العربية التي أُطلقت بشكل فردي أو تلك المقدّمة من خلال جامعة الدول العربية، وعلى أساسها جرى إعادة مقعد سوريا إلى أسد، مع تبدد الآمال بالحصول على دعم اقتصادي وأموال غير مشروطة، لتجاوز حالة الانهيار الكبير الذي يعانيه اقتصاده على مختلف الأصعدة.
ويؤكد السياسي السوري أيمن أبو هاشم منسّق عام تجمع مصير، أن جريدة حزب البعث تمثل التوجّه العام لنظام أسد والحزب الحاكم، ووجهة رسمية لنقل سياساته وخطابه ومواقفه إلى الرأي العام.
ويعتقد أن تغيّر خطاب ميليشيا أسد وحزب البعث تجاه الدول العربية التي حاولت إعادة تدويره وتأهيله من خلال إعادته إلى جامعة الدول العربية والمبادرات التي أطلقتها، يعود إلى ثلاثة أسباب رئيسية.
السبب الأول، بحسب "أبو هاشم" يتمثل بمطالب الدول اتخاذ إجراءات عاجلة تصبّ في سياق حسن النية في الاستجابة للمبادرات التي أطلقتها، ومنها العمل على إيقاف إنتاج وتصنيع وتصدير المخدرات إلى الدول العربية، ورغم وعود أسد إلا أن عمليات التصدير ظلت مستمرة، خاصة إلى الأردن ودول الخليج، الأمر الذي فُهم منه رفض أسد الالتزام بهذه الخطوة، ما دفع الأردن إلى اتخاذ تدابير مضادة عبر فرض قيود على الحدود والشاحنات والتبادلات التجارية مع سوريا.
أما السبب الثاني، يقول أبو هاشم: مرتبط بعلاقة أسد مع إيران وتوغلها في سوريا، إضافة إلى حثه على تقديم خطاب جديد يبدي من خلاله رغبته واستعداده بالدخول في تسوية سياسية حقيقية، واتخاذ خطوات مطمئنة مثل إطلاق سراح المعتقلين والكشف عن مصير المغيّبين، وهو ما لم يفعله.
مضيفاً: أن السبب الأخير يتعلق بغياب الثقة والتفاهم على صيغة الدعم النقدي الذي يفترض أن يصل إلى مناطق أسد، إذ إن الواضح هو طلب أسد دعمه اقتصادياً ومالياً بشكل مباشر، واشتراطه تسلم هذه الأموال وإدارة صرفها، لتأمين التغطية النقدية وحمايته من حالة الانهيار التي يعيشها على المستوى المالي والاقتصادي، لكن سبب غياب الثقة بقدرة مؤسسات أسد وانعدام شفافيتها الاقتصادية، كان الطلب العربي بإدارة عملية توزيع الدعم، سواء على المشاريع الإنسانية أو مشاريع البنية التحتية والمشاريع الحكومية الأخرى.
مشيراً في حديثه لأورينت إلى أن أسد لم يقم بأي خطوة جدية، بل على العكس فقد زاد من ارتمائه بالأحضان الإيرانية، وهو ما بدا واضحاً من زيارة الوفود الاقتصادية إلى طهران، والذي مثّل رسالة إلى العرب تؤكد على أنه مرتبط بإيران ارتباطاً وثيقاً، وغير مستعد لأي تنازلات تنتظرها الدول التي تراهن على تعويمه.
المبادرات العربية تفشل
بدوره يرى الكاتب والباحث السوري عمر كوش، أن خطوات التطبيع شبه متوقفة لعدم تلبية الشروط غير المعلنة للجنة الخماسية في الجامعة العربية، وأهمها إيقاف إنتاج المخدرات، التي اتهم فيها أسد الدول العربية في تصنيعها.
ويعتبر كوش أن نظام ميليشيا أسد لن يتغيّر بأي شكل من الأشكال، خاصة وأنه قائم على مبدأ الابتزاز والإرهاب وافتعال الأزمات في الدول المحيطة، رغم المحاولات العربية وانتظارهم المأمول في أي خطوة تشفع لهم، الأمر الذي أوصلهم إلى نتيجة حتمية بفشل كل محاولاتهم في تغيير هذا النظام.
ويقول: لم يكن أسد رافضاً لتقديم أي خطوة فقط، بل على العكس اتهم العرب في تصنيع المخدرات وتخريب الأوضاع في سوريا، في محاولة للتهرّب من جرائمه ضد الشعب السوري، وابتزازه هذه الدول عن طريق تصدير المخدرات وإغراق أسواقهم منها، عدا عن ابتزازهم بإيران ووجودها في سوريا.
مضيفاً: وصل الأمر إلى الرفض صراحة عودة أي لاجئ سوري، وهو من الملفات الهامة بالنسبة إلى المبادرة العربية، ومن تم إعادتهم قسراً من لبنان وغيره من الدول، جرت ملاحقتهم واعتقالهم وتعذيبهم ومنهم من قُتل في السجون.
التعليقات (8)