بشار يغدر بالعرب ويغلق آخر أبواب الحل السياسي

سجّل بشار الأسد في مقابلة أجرتها معه قناة سكاي نيوز اعترافاً معلناً برفض المبادرة العربية وإغلاق آخر أبواب الحلول أمام السوريين، في لهجة تصعيدية ضد العرب والغرب وتركيا من شأنها إطالة أمد الأزمة، وتزيدها تعقيداً وتعمّق معاناة السوريين ولا سيما في مناطق سيطرته، مع ما يقابل خطابه التصعيدي من ردود فعل إقليمية وعربية ودولية.

وإن لم يذكر بشار في المقابلة التي بُثّت أمس المبادرة العربية بالاسم، إلا أنه نفى أن تكون الجهود التي بذلتها الجامعة تصبّ في إطار وضع الحلول، وبأن العلاقة معها ستبقى "شكلية"، وقال إن الجامعة لم تتحوّل إلى مؤسسة بالمعنى الحقيقي، ولم تصل إلى مرحلة وضع الحلول، وبأنه لا توجد حلول للمشاكل، فإذاً العلاقة معها ستبقى "شكلية".

بشار والعرب

وما يدعو للاستجهان أن بشار أبدى في المقابلة "مسامحته" للعرب على الرغم مما فعلوه وقال: إن نظامه لم يقم بأي عمل ضد أي دولة عربية، وإنه لم يوجّه اللوم في خطابه بعيد إعادته للجامعة العربية لأي طرف عربي، ولم يسأل أي طرف لماذا فعلتم ذلك؟ وبأن ما مضى مضى، وهو دائماً ينظر إلى المستقبل بحسب تعبيره. 

ويأتي موقف بشار من الجامعة وبشكل غير مباشر المبادرة العربية ليؤكد ليس فقط خديعته للعرب بعد أن أعادوه للجامعة العربية، بل وأيضاً ليكرر بصيغة أخرى اتهامات كان وجهها وزير خارجيته فيصل المقداد للعرب بدعم الإرهاب والفتنة وتفتيت سوريا، وبأن النظام سار مئات الخطوات، ولم يلق من العرب مقابلها أية خطوة.

بشار يرفض الحوار مع تركيا ولا يرحب بعودة اللاجئين

وأعلن بشار قطيعته مع المسار التركي ضمن الحوار الرباعي "تركيا روسيا إيران النظام" وشن هجوماً غير مسبوق عليها واتهمها بدعم الإرهاب، وقال لو أتت ظروف مختلفة في المستقبل بعد انسحاب تركيا من أجل تحسين العلاقات فمن الطبيعي أن نعود للسياسة نفسها، "أي حسن الجوار وإقامة علاقات دبلوماسية".

وبخصوص اللاجئين، قال إنه لا يمكن إعادتهم بسبب واقع الأحوال المعيشية، متسائلاً كيف يمكن للاجئ أن يعود دون ماء ولا كهرباء ولا مدارس لأبنائه ولا صحة للعلاج، هذه أساسيات الحياة هذا هو السبب.

العلاقة مع إيران وروسيا مستمرة

وأكد استمرار علاقة نظامه مع إيران وعدم المراهنة على الابتعاد عنها، وقال إن العلاقة مع إيران وروسيا أثبتت أن سوريا تعرف كيف تختار أصدقاءها بشكل صحيح.

ونفى بشار الأسد أن يكون نظامه متورّط بتجارة الكبتاغون، وقال إن الولايات المتحدة والغرب بشكل عام وبعض الدول الإقليمية استخدمت ملف تجارة المخدرات ضد النظام لأسباب سياسية.

بعد أن دمر سوريا بشار ليس نادماً

ولم يبد بشار الأسد ندماً على ما فعله في سوريا، من قتل وتدمير وإحراق مدن وبلدات وتهجير الأهالي، وقال: لو عدنا بالزمن إلى الوراء فسوف نبني ونتبنى السياسة نفسها، ورؤيتنا كانت الدفاع عن المصالح السورية، وعن سوريا في وجه الإرهاب، وعن استقلالية القرار السوري بحسب تعبيره. 

وقال بشار إن من يتحمل مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في سوريا هي "الدول التي ساهمت في خلق الفوضى في سوريا" وليست الدولة السورية، متهماً الغرب ودولاً عربية دون أن يسمها بالوقوف خلف من أسماهم بالإرهابيين.

ونفى أن يكون السوريون طالبوا في سنوات الثورة برحيله عن الحكم، مقللاً من أهمية المظاهرات التي انطلقت ضده، وقال إنه حتى العدد الكبير الذي خرج ضده لم يتجاوز في أحسن الأحوال مئة ألف ونيف وفي كل المحافظات، مقابل عشرات الملايين من السوريين حسبما قال.

أوضاع مزرية لحاضنته

لم يأت بشار الأسد في المقابلة على ذكر الأوضاع المعيشية للأهالي في مناطق سيطرته والتي وصلت حد الكارثة، مع انهيار الليرة السورية، لكنه أشار إلى أن العقبة الأكبر أمام اقتصاده هي تدمير البنية التحتية من قبل الإرهابيين وصورة الحرب التي تمنع أي مستثمر من القدوم للتعامل مع السوق السورية، وأن النتائج لا تأتي خلال أشهر.

وظهرت في الأيام القليلة الماضية دعوات من حاضنته من بينها محللون سياسيون يروّجون لروايات النظام بينهم المحلل السياسي بسام أبو عبد الله الذي دعا لوقف انهيار الأوضاع المعيشية، وقال لصحيفة الوطن إن منظومة الفساد والإفساد تتحمل المسؤولية، إذ إنها تركز على النهب المنظم وتبادل المنافع، وتشكلت عبر سنوات طويلة، وازداد دورها خلال فترة الحرب لتشكل قوة ضاربة، قادرة على إحباط أي مشروع إنقاذي للبلاد.

بشار يدفن المبادرة العربية

وتأتي تصريحات بشار الأسد ولا سيما بالنسبة للمبادرة العربية لتسدّ آخر أمل أمام السوريين بقرب إيجاد حل سياسي على الرغم من الجهود العربية التي بذلت وتقدم العرب من خلالها خطوات إزاء النظام بإعادته للجامعة، وماطل طيلة ثلاثة أشهر على الرغم من الإشارات التي صدرت عن السعودية بضرورة أن يساعد النظام السوريين بموافقته على الحل السياسي واتخاذ مقاربة مختلفة تسمح بالخروج من عنق الزجاجة بحسب ما ذكرته صحيفة عكاظ.

وتتزامن تصريحات بشار مع وجود وفد من لجنة الأمن والخارجية الإيراني بدمشق ومع إرسال إيران قائد ميليشيا فيلق القدس إسماعيل قاآني إلى سوريا ليعلن خلال تفقده الجبهات أن "أعداء إيران وسوريا يعرفون جيداً أن المبادرة في المنطقة بيد محور المقاومة"، وهي رسالة للأهالي وللعرب أيضاً.