بالتزامن مع توتر العلاقات مع طهران وتصريح الأخيرة بأحقيتها في حقل غاز الدرة وتهديدها بمواصلة أعمال التنقيب فيه، كشفت مصادر صحفية أن السعودية اتخذت خطوات ضد إيران وحليفها الأسد في معرض ردّها على التصعيد الجديد، حيث أعلنت مع الكويت أنهما وحدهما من يمتلك استغلال الثروة في المنطقة.
وبحسب "موقع المدن" فقد أوقفت الرياض أيضاً أعمال الترميم في سفارتها بسوريا والواقعة بحي مزة فيلات شرقي، الأمر الذي شكّل عثرة في مسار التطبيع بين البلدين، بعد أن بدأ قبل أشهر وتم خلاله دعوة الأسد لحضور القمة العربية وطرح مبادرة خطوة بخطوة لإعادته إلى الساحة الدولية، شرط إبعاده الميليشيات الموجودة بسوريا وإيقاف تهريب المخدرات.
وذكر الموقع اللبناني وفق مصادر محلية داخل العاصمة دمشق، أن إيقاف أعمال الترميم لم يُعرف بعد إذا ما كان مؤقتاً أم بشكل نهائي، ولا سيما أنها بدأت في آذار الماضي، كما إن الرياض التي قامت بتسمية سفراء جُدد لها حول العالم، لم تسمِّ سفيراً لها بعد في دمشق، الأمر الذي يشير بوضوح إلى أن الملف الإيراني وتطوراته منعكس على الملف السوري.
وأشار إلى أن السعودية بخطوتها الأخيرة خالفت الموعد الذي حددته مع ميليشيا أسد لتبادل افتتاح السفارات وتعيين دبلوماسيين، والذي كان مقرراً في الأصل مطلع حزيران الماضي، ما يؤكد أن المملكة تنتظر الانتهاء من بعض الترتيبات التي تشهدها المنطقة، كعودة الحضور العسكري الأمريكي والذي يمكن أن يستهدف إيران وفق ما قاله المحلل السياسي "درويش خليفة".
وبيّن خليفة أن الأسد لم يكتفِ فقط بإخلاف وعوده للدول العربية التي أرادت التطبيع معه، بل سعى لعقد اتفاقيات اقتصادية مع الإيرانيين -إضافة للعسكرية- بهدف إثبات أنه لن يقوم بأي خطوة تجاه طهران وميليشياتها الموجودة بسوريا، وأن مسار خطوة بخطوة لن يأخذه على محمل الجد مثلما جاء تقييم الأردن له، والذي اعتبر ما يجري من استمرار تهريب المخدرات أمراً غير مبشّر ولا يدعو للمزيد من التقارب أكثر مع نظام الأسد.
محللون من جهتهم ألمحوا إلى أن تأخر تبادل افتتاح السفارات والأنباء عن توقف ترميم السفارة السعودية، ينبئ بفشل التطبيع مع الأسد الذي تقوده الرياض ولا سيما أن مطالب الدول العربية كانت محددة لنظام أسد، ومتمثلة بوقف شحنات المخدرات إضافة للتقدم الجزئي بالعملية السياسية، الأمر الذي رُفض بشكل عملي من الأخير.
تنازل جديد لإيران
وقبل أيام ألغت ميليشيا حكومة أسد جميع الرسوم الجمركية على البضائع مع إيران، مقابل إلغاء الطرف الثاني لها، إضافة إلى نية طهران تأسيس بنك مشترك وشركة تأمين لأول مرة، كما إن ميليشيا الملالي أجبرت الأسد على تقديم المزيد من التنازلات لصالحها.
وفي تعليقه على القرار، ذكر الخبير الاقتصادي كرم الشعار أن إيران حققت أرباحاً طائلة في سوريا من عدة أمور، منها الشحن البحري وإنتاج الألبان واستخراج الفوسفات، لكن تبقى أقل بكثير من الـ 30 ملياراً التي تم إنفاقها لدعم الأسد وميليشياته على مدى أكثر من عقد، لكن ومع ذلك أحرزت طهران تقدماً ملموساً نحو تحقيق أرباح من مجالات الاتصالات وتوليد الكهرباء والطيران، حيث منحها الأسد البلد بأكمله لإبقائه على رأس السلطة.
خبراء آخرون لفتوا إلى أن الخطة الأخيرة بين الطرفين جاءت لفتح سوق جديدة للمنتجات والصادرات الإيرانية التي لا تلقى رواجاً لها في أي بلد آخر، في حين أن الأسد لا توجد لديه أصلاً أي صادرات لا في المجال الصناعي ولا الزراعي، ما يجعل البلاد الخاسر الأكبر من هذه الصفقة، ويحرم السوريين ومؤسسات سوريا الخاضعة لسيطرة أسد من عشرات الملايين التي تدرّها عليهم عوائد الجمارك.
معلّقون انتقدوا تلك الصفقات بين ميليشيا طهران والأسد، متسائلين في الوقت نفسه عن فائدة ذلك وجدواه لسوريا في ظل ما تشهده من تدهور اقتصادي وانهيار للعملة لم يسبق له مثيل، فيما اعتبر آخرون أن الأسد باع سوريا كوالده الذي باع الجولان، وسمح للمحتلين الروس والإيراني بتقاسم ثروة البلد فقط للبقاء في السلطة.
التعليقات (7)