نسب وأرقام.. الموت المفاجئ يهدّد حياة الشباب بمناطق أسد

نسب وأرقام.. الموت المفاجئ يهدّد حياة الشباب بمناطق أسد

تكشف الإحصائيات الصادرة عن وزارة صحة أسد تزايد حالات الوفيات وأعداد المصابين بالجلطات وأمراض احتشاء العضلة القلبية بين فئة الشباب، جراء الضغوط النفسية والمعيشية المتفاقمة التي أثقلت كاهلهم، مع قتامة المشهد الاقتصادي وغياب أفق الحل السياسي الذي يُنذر بمزيد من المعاناة ومن كل الاتجاهات.

وبحسب مدير عام مستشفى جراحة القلب في دمشق "حسام خضر"، فإن أعداد عمليات القلب المفتوح والقسطرة، زادت عن المعدّل الطبيعي خلال السنوات القليلة الماضية، حيث تجري المستشفى بين 1750 و2000 عملية قلب مفتوح، ومن 4000 إلى 5000 عملية قسطرة قلبية سنوياً.

ولفت إلى أن نحو 50 في المئة من إجمالي العمليات التي يُجريها طاقم المستشفى تكون لمرضى شبان لا تتجاوز أعمارهم الثلاثين سنة، ما يؤكد تزايد الضغوط النفسية والاضطرابات المتراكمة التي تواجه هذه الفئة.

الموت المفاجئ يزحف إلى الشباب

 وفيما يبدو أن مثل "هموم لا تحملها جبال" قد تحول إلى واقع في مجتمع يُصنّف من بين الأكثر فقراً بحسب مؤسسات الأمم المتحدة، تحوّلت الأمراض القلبية بين فئة الشباب إلى وعكات لا تختلف عن بقية الأسقام، سوى بارتفاع كلفتة العلاج ونسب الوفاة.

حيث يتحدث الطبيب ياسر في مناطق سيطرة أسد، عن أن الأرقام الصادرة أخيراً تقتصر على مشفى دمشق فقط، بينما إجمالي أعداد المرضى الذين خضعوا للعمليات أو العلاج أعلى بكثير، مؤكداً ضرورة تدخّل جميع الجهات الطبية وغير الطبية لوضع حلول تساهم في خفض معدّلات المرض الذي يهدد أجيالاً قادمة.

ويرجع تنامي نسب الجلطات بين الشباب إلى أوضاع الحياة الصعبة والظروف المعيشية القاسية التي تواجه الناس، وتجعلهم يتغاضون عن الأعراض، حيث يكتشف معظمهم الإصابة بالجلطات، على اختلاف أنواعها وموقعها من الجسد بعد مرور وقت من حدوثها.

وتعيش مناطق أسد تدهوراً اقتصادياً غير مسبوق وصل مرحلة التضخم المفرط، مع وصول سعر صرف إلى أرقام قياسية تجاوزت 13 ألف ليرة لكل دولار، جعل غالبية المدنيين عاجزين عن شراء أبسط السلع الأساسية، فضلاً عن انعدام الخدمات الذي زاد من أعباء توفيرها وأرهق جيوب الأهالي. 

ويقول الطبيب: إن زحف المرض نحو شريحة الشباب يعود إلى أسباب متشعبة من العامل النفسي الذي أنتجته الأوضاع المعيشية والحرب، مثل شراهة التدخين، والقلق المستمر والخوف والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، فضلاً عن سوء التغذية وزيادة تناول الوجبات غير الصحية والاعتماد على المواد الرديئة في الطبخ بسبب الظروف الاقتصادية.

جلطات مختلفة

وهو ما يؤكده، بحسب الطبيب ياسر، زيادة أعداد المصابين بالنبض القلبي الهاجر الذي يشكل خطراً كبيراً في حال كانت قوية أو مستمرة وتجاهل أعراضها، وبالتالي تدهور الحالة الصحية التي تؤدي إلى توقف القلب المفاجئ، إضافة إلى أمراض القلب الوعائية ومتلازمة القلب المنكسر، وهذه الأنواع تحدث غالباً جراء اضطرابات نفسية وزيادة القلق والتوتر المستمر، فضلاً عن الجلطات التقليدية الناجمة عن انسداد الشرايين بسبب التدخين وارتفاع نسبة الشحوم، وأيضاً الجلطات المفاجئة الناجمة عن صدمة نفسية قاسية وغالباً ما تكون الفتيات أكثر ضحاياها.

ويشير إلى أن خطر هذا المرض لا يتوقف على المصاب فقط، فقد يتحول إلى عامل وراثي يؤثر على أجيال قادمة، من خلال نقل المصاب خلل الشرايين إلى أبنائه، وبالتالي ارتفاع معدل الإصابة بالمرض في المجتمع بشكل كبير.

استمرار التدهور المعيشي ينذر بكارثة

بدوره، يؤكد طبيب الأمراض القلبية "حمزة مروح" في حديثه لأورينت، أن استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي يزيد من نسب الإصابة بالجلطات والأمراض القلبية، التي أصبحت مرتبطة فعلياً بتحسن وضع السكان الذي يساهم بصفاء الذهن وتوجه فئة الشباب إلى ممارسة الرياضة واعتدال وجباتهم وقابليتهم على اتباع الحميات الغذائية والابتعاد عن الكوليسترول.

ويقول أيضاً: بشكل عام فقد أصبحت الجلطات تصيب الشباب بعمر مبكر، بسبب الضغوط الاقتصادية والأوضاع المعيشية، فضلاً عن نقص الحركة والاعتماد على الوجبات غير الصحية المشبعة بالدهون.

كلفة علاج الجلطات

لكن الجلطات لم تعد تمثل جوهر الأزمة بالنسبة إلى السكان بقدر تكاليف العلاج، حيث تتراوح تكلفة مراجعة الطبيب بين 20 إلى 60 ألف ليرة سورية، يضاف إليها مبلغ التخطيط والفحص المتقدم، مثل الرنين والطبقي المحوري ليصل في غالب الأحيان إلى أكثر من مليون ليرة.

وبحسب مصادر محلية، فإن معظم المشافي الخاصة بجراحة القلب في مناطق أسد، مثل الباسل المعطل دائماً ومشفى دمشق وغيرها، ترفض استقبال المرضى إلا في حال وجود "واسطة" قوية، ما يضطر قسماً كبيراً من المرضى لإجراء العمليات في المستشفيات الخاصة.

وتبلغ كلفة الخضوع لإجراء تصوير الرنين المغناطيسي والطبقي المحوري بين 600 إلى 800 ألف ليرة في العيادات الخاصة، بينما تصل كلفة عملية القسطرة القلبية أكثر من 12 مليون ليرة سورية.

ويمكن ملاحظة حجم المعاناة التي وصل إليها سكان مناطق أسد بمقارنة هذه الأرقام مع متوسط الأجور التي لا تتجاوز 110 آلاف ليرة شهرياً، وهو مبلغ لا يكفي لتغطية الوصفات العلاجية، خاصة مع ارتفاع قيمة أدوية القلب في حال توفرها.

يبدو أن التداعيات الاقتصادية وانهيار الواقع المعيشي في ظل تقلص فرص العمل التي زادت من قتامة المستقبل بالنسبة إلى شريحة واسعة من الشباب، مع انسداد طرق الفرار إلى دول الخارج، لم تعد تقتصر على آثارها التقليدية بعد أن وصلت مراحل يصعب التعامل معها، وبدأت نتائجها تظهر على الشباب الذي حمل مسؤوليات كبيرة يفترض أن تقع فعلياً على عاتق حكومة أسد التي لا توفر جهداً للتملص منها.

التعليقات (2)

    ابو عبدالرحمن

    ·منذ 9 أشهر يوم
    لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم لك الله ياسوريا

    اللعنة على بشار

    ·منذ 9 أشهر يوم
    اللعنة على بشار وكل من والاه .... لو يخرج هذا الحيوان من سوريا لارتاح اكثر من 20 مليون سوري .. شيطان خبيث على شكل انسان سبب المأسي والحزن والكأبة والفقر والتشرد والجوع لملايين السورين ..الله ينتقم منه
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات