سوري.. جنسية أم تهمة؟

سوري.. جنسية أم تهمة؟

لعل الورقة السورية التي كانت مطلع العام 2011 الورقة الجوكر على طاولات القمار العالمية؛ والتي كان الجميع يسعى للحصول عليها أو على جزء منها من خلال استقبال أكبر عدد ممكن من السوريين العُزّل الناجين من براثن الموت الهاربين من سياطه؛ لعلها باتت اليوم عبئاً أو هكذا يُراد لها أن توصف، وهي في الحقيقة ما تزال -وفق ما يجري الآن-  تعتبر الورقة الجوكر وربما بشكل أهم من ذي قبل.

في بداية الأمر كانت الدول المُستضيفة للسوريين تُصَدِّر هذا الاستقبال عنواناً عريضاً للشرف والإنسانية والإحساس بالغير؛ وعليه يترتب تقديم كل ما يجب من دعم مادي ومعنوي من جميع الدول والمنظمات عالمياً لهذا المستضيف، ثم تحول الأمر لمقامرة بالأعداد التي تحولت إلى ورقة ضغط يتم التلويح بها من وقت إلى آخر فيحصل المُلوِّح على ما يريد وأكثر.

بعد ذلك وللتخلص من ورقة الضغط هذه بدأت جميع الأطراف تعمل بشكل منفصل في الظاهر مترابط في الخفاء لسحب صولجان القوة المتمثل باللاجئ السوري من اليد التي تستخدمه؛ من المستضيف، فبدأ الضغط يسلك قوانين الفيزياء التي تخضع لرد الفعل وأصبح الضغط داخلياً في كل مكان توجد في الجنسية السورية متمثلة بحامليها من الباحثين عن فرصة جديدة لحياة ربما يكفيها أن توصف بالآمنة لا أكثر.

بعد عقد من موجة النزوح السوري نحو الجوار والعالم بدأ الأمر ينحو منحى الاعتراف أولاً بأن السوري أصبح يتحول بالفعل إلى عبء حقيقي على كل المُضيفين؛ ثم بدأت تعلو أصوات الضجر من وجوده بحجج غير منطقية ومقارنات غير مقبولة خاصة بعد بدء النزوح الأشقر المتمثل بالروسين والأوكرانيين وظهور ازدواجية التعامل مع كل من النزوحين العربي السوري والأوربي أو الشبيه بالأوربي كما يحلو للكثيرين تسميته.

ولسنا نناقش عدم موضوعية الحجج في هذا المقال إلا أنه لا بد لنا أن نذكر نقطة هامة يتغافل عنها الكثيرون؛ هذه النقطة تقول: إذا كان السوري -من وجهة نظر البعض- أقل ثقافة من مضيفيه فإن الروسي أو الأوكراني أكثر ثقافة من مضيفيه أيضاً.. نستطيع أن نقول هذا أو أن نفرضه على الأقل.

عموماً.. بعد مرحلة الاعتراف بضغط السوري على المجتمع المضيف بدأت موجة الضجر من وجوده وجعل إعادته إلى بلاده المدمرة وغير المستقرة وغير الآمنة أولوية من أولويات استقرار المُضيفين؛ وبناء على ذلك وبشكل مفاجئ ودون علم السوري نفسه باتت سوريا منطقة آمنة أو شبه آمنة، ولم تعد تعاني من أهوال الحرب، ولم يعد يُخيِّم على أرضها شبح الموت، وبدأت البنية التحتية في سوريا تتعافى بشكل تلقائي وذاتي دون تدخل خارجي فعلي، وكل هذا دون علم السوري النازح، ودون شعور السوري المحاصر داخل جغرافيا الفقر والخوف المسماة اصطلاحاً (سوريا).

المضحك المبكي في أمر القضية السورية على امتداد خريطة العالم هو وجود المئات إن لم يكن الآلاف من الهيئات والمنظمات الرسمية والحقوقية والإنسانية والاجتماعية والثقافية.... 

وجميع هذه الأجسام تلتقي بصنّاع القرار أو بممثلين عنهم في البلدان المُضيفة من وقت إلى آخر تحت مسميات عديدة، ولكن دون جدوى حقيقية ودون مجرد الشكوى أحياناً مما يحصل رغم افتضاح بعض الممارسات واعتراف الطرف المضيف نفسه بتلك الممارسات اللا إنسانية واللا قانونية أيضاً، والأغرب من ذلك أن البعض من السوريين أنفسهم يخرج بتبريرات ربما لم تخطر في بال المسؤول عن التجاوزات نفسه حين أراد التبرير؛ الأمر الذي يفسح المجال أمام الاستمرار في التجاوز إلى حد التمادي في ظل سكوت غير مفهوم، وكأن الجنسية السورية تحولت إلى تهمة خطيرة كالإرهاب مثلاً ويخشى الجميع الدفاع عنها أو الحديث بأي شيء يتصل بها حتى وصل الأمر في بعض أماكن وجود السوريين مؤخراً إلى إصدار فتوى ولو بشكل غير رسمي تقضي بسقوط صلاة الجمعة عمن لا يأمن على نفسه الخروج من بيته، وهذا أمر في غاية الخطورة لمن يعي عمق مثل هذه الفتوى التي كان معمولاً بها في بعض مناطق الاشتباك الساخن في سوريا قبل سنوات من الآن، فهل يحق لنا القياس والإسقاط على هذا الأمر من حيث التوصيف بكل ما فيه من تفاصيل مع اختلاف الجغرافيا؟ أم إنه من المحظورات والمحرّمات أيضاً؟

بعد كل تلك السنوات، وبعد كل الخيبات السورية التي علّقها أصحابها هنا وهناك؛ يجري ما يجري ربما ليفهم السوري عدداً من الحقائق التي لم تعد مجالاً للشك في أنه ومنذ البداية كان وما يزال ورقة لها أكثر من وجه في يد تبحث عن أكبر قدر ممكن من المكاسب في لعبتها العالمية، وأنه هو وحده المعني بتحديد مصيره ومصير أرضه ومستقبلها دون الاتكال على أحد أو انتظار محارب يحارب لأجل أهدافه بالوكالة.

ويبقى السؤال المؤلم: هل سيدرك السوري هذه الحقائق ويعمل بموجبها؟
والسؤال الأكثر إيلاماً: إذا أدرك السوري هذه الحقائق وقرر العمل بموجبها، هل سيُسمَح له؟
سؤال برسم القادم من الأيام

 

التعليقات (1)

    جواسيس وخيانة

    ·منذ 8 أشهر 4 أسابيع
    بينما كان اعوان البهرزي يذهبون الى اي بلد بلا صعوبة وكان يرسلهم لفرنسا وانكلترا وامريكا بسهولة كان السوري كمواطن ممنوع من الذهاب حتى ترانزيت وهذا لتدمير شخصية السوري وأنا أتذكر عندما رمى لي جواز سفري خارج بابه وطردني القنصل الالماني ١٩٨٠ بينما خبراء المانيا كانوا يدربون مخابرات البهرزي على التعذيب ، الموساد هو من بناهم جميعا ولدي اثباتات بعقد الطيران بين اوربيين واوكرانيين ولكن الطيارة كانت من اسراءيل قبل حرب ٦٧ وهذا عقد لحافظ الفاطس مع الموساد . والشركة للتجسي في سامت غالن السويسرية.
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات