بنية النظام الأسدي المغلقة وراء فشل تطبيع العرب علاقاتهم معه

بنية النظام الأسدي المغلقة وراء فشل تطبيع العرب علاقاتهم معه

زار أيمن الصفدي وزير خارجية الأردن دمشق في الثالث من شهر تموز/ يوليو الجاري، وفي اليوم التالي زار أنقرة والتقى وزير خارجية تركيا هاكان فيدان، فما العلاقة بين الزيارتين، وماذا وراءهما من نتائج؟
في دمشق التقى الصفدي برئيس النظام بشار الأسد، وبوزير خارجيته فيصل المقداد، وتبيّن له أن بشار الأسد لا يزال يعتقد أنه انتصر على المؤامرة الكونية التي روّج لها، وكان يقصد الانتصار على ثورة الشعب السوري، التي لا تزال متّقدة.
وقال بيان رئاسي سوري: "إن الأسد شدّد على أن العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى قراهم وبلداتهم أولوية بالنسبة للدولة السورية، مع ضرورة تأمين البنية الأساسية لهذه العودة، ومتطلبات الإعمار والتأهيل بكافة أشكالها، ودعمها بمشاريع التعافي المبكّر، التي تمكّن العائدين من استعادة دورة حياتهم الطبيعية".
أما وزارة الخارجية الأردنية فأصدرت من جهتها بياناً قالت فيه: "إن الصفدي بحث مع الأسد الخطر الذي يمثله تهريب المخدرات عبر الحدود السورية إلى المملكة، وضرورة التعاون في مواجهته، وجاء في البيان أن اللقاء بحث الجهود المبذولة للتوصل لحلٍ سياسي للأزمة السورية ومعالجة تبعاتها، إضافة إلى العلاقات الثنائية".
زيارة الصفدي لدمشق ولقاؤه مع الأسد تناولا قضيتين رئيسيتين، الأولى تتعلق بتنفيذ المبادرة العربية لحل الصراع في سوريا، والتي ارتكزت على مبدأ خطوة مقابل خطوة، بحيث يجب أن  تنتهي الخطوات إلى تنفيذ للقرار الدولي 2254 لعام 2015.
الأسد يريد تأمين البنية الأساسية لعودة اللاجئين، أي باختصار، يريد أموالاً عربية تخرجه من أزمته الخطيرة، التي تعصف بنظامه نتيجة الوضع الاقتصادي والمعاشي بالغ السوء، وفي الآن ذاته، فإنه لم يقم بأي إجراءات ثقة تقبل بها الأمم المتحدة، حيال عودة آمنة للاجئين السوريين أو النازحين داخل البلاد.
بمعنى أوضح، الأسد يريد الحصول على أموال إعادة الإعمار دون التزام زمني صريح بتنفيذ جوهر المبادرة العربية التي وافق عليها في القمة العربية بجدة، أي إنه يريد تجديد بنيته لتبقى قادرة على استمرار نظام حكمه المغلق، دون تقديم تنازلات سياسية جوهرية على صعيد تغيير بنية نظام الحكم في البلاد.
نظام الأسد ليس في وارد تطبيق بنود المبادرة العربية، لأنه يعرف حق المعرفة أن تنفيذه للمبادرة وبنودها سيلغي نظام حكمه العائلي المغلق، لهذا، فهو لم يوقف عملية تصنيع الكبتاغون ومحاولات تهريبه عبر الأردن، لأنه يستخدمه كسلاحٍ ذي حدين، الأول الحصول على أموال كبيرة تقدّر بأكثر من خمس مليارات دولار سنوياً في ظل العقوبات الدولية عليه، والحدّ الثاني هو استخدام العقاقير المخدرة كسلاح ضغط على الحكومات العربية في الخليج، فإما التطبيع وقبول ما آلت إليه الأمور من انتصار وهمي يروّج له، أو استمراره في رفض الحل السياسي وفق قرارات الأمم المتحدة، تلك القرارات تشكّل ركيزة للمبادرة العربية.

أنظمة الحكم العربية وضعت تصورات للحل في سوريا (المبادرة العربية)، شملت إعادة النظام إلى الجامعة العربية، وقام بعضها بتطبيع علاقاته مع نظام الأسد، مع الاستعداد لإعادة الإعمار، وتبنّي برنامج التعافي المبكر، مقابل خطوات متتالية يجب أن ينفذها نظام أسد، وفق برنامج زمني يؤدي إلى حلٍ سياسي للصراع في سوريا، ومن هذه الخطوات عودة اللاجئين السوريين من دول الجوار إلى بلادهم على أرضية "عودة آمنة" تضمنها دول الجامعة العربية والأمم المتحدة.
الصفدي، الذي التقى بشار الأسد ووزير خارجيته فيصل المقداد، خرج بقناعات عميقة، أن النظام ليس في وارد تنفيذ جوهر المبادرة العربية، فهو يفكّر بالأمر على الصورة التالية: أموال عربية ودولية لإعادة إعمار ما هدمته قوات ميليشياته، هذا الإعمار هو من يقوم بالإشراف التام عليه، وتلزيم مشاريعه للشركات التي يريدها، وهي طبعاً الشركات التابعة لنظامه ولحليفيه (إيران وروسيا).
والصفدي خرج بقناعات حول عودة اللاجئين السوريين، وفهم أن نظام أسد سيطبّق قوانين الطوارئ التي يحكم بواسطتها سوريا على اللاجئين، وهذا يعني أنه يعتبر كل ما ارتكبه من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية هي حرب على الإرهاب، وليس إرهاباً مارسه عبر سنوات تجاوزت عقداً من الزمن، وأن عودة للاجئين بهذه الصورة لا يمكن القبول بها.
الأسد يريد مالاً واعترافاً بأنه نظام شرعي رغم كل الكوارث التي سببها للشعب السوري، ولا يقبل بحل سياسي يخرجه من نظام الحكم العائلي لآل الأسد، وهذا موقف لن يحلّ الصراع في سوريا، ولن يجعلها تعود إلى درب استقرارها السياسي والاقتصادي، ولذلك، ينبغي على دول المبادرة العربية إعادة تقييم طبيعة نظام الحكم في دمشق، وعدم وضع فرضيات لحل سياسي لا يمكن أن يحدث في ظل بقاء أسد في السلطة.
دول المبادرة العربية، لا ينبغي لها أن تتجاهل أن النظام الأسدي هو نظام أمني عسكري شديد الانغلاق على نفسه، ولا ينبغي لها إيهام نفسها بأن إعادة النظام إلى الجامعة العربية سيعمل على تغيير بنية هذا النظام، أو تغيير تحالفاته مع حليفيه الإيراني والروسي.
إن زيارة الصفدي لأنقرة في اليوم التالي تذهب إلى تنسيق عربي تركي لحل الصراع في سوريا، وفي مقدمة ذلك العودة الآمنة للاجئين والنازحين السوريين إلى بلداتهم وقراهم دون أي تهديد أمني يبيّته النظام لهؤلاء، فإذا لم تستطع الدول العربية الضغط على النظام الأسدي لتنفيذ التزامه حيال المبادرة العربية المرتكزة على القرار 2254، فهي معنيّة أن يكون لديها خيارات بديلة تجبر النظام على الرضوخ للحل السياسي في سوريا.
إن الحل السياسي الحقيقي للصراع في سوريا لن يحدث دون تشكيل هيئة حكم انتقالية بيدها كل السلطات، بما فيها السلطات الأمنيّة، والعسكرية، فما دام ذلك لا يزال بعيداً عن التحقيق، فالبديل الممكن هو فرض مبدأ المناطق الآمنة، ويكون حولها اتفاق دولي بضمانات أممية، حيث يستطيع وقتذاك اللاجئون العودة إلى هذه المناطق، من خلال تهيئتها اقتصادياً وأمنياً.
فهل ناقش الصفدي هذا البديل مع الأتراك؟ وهل هناك إمكانية للتنسيق العربي التركي في مسألة الحل السياسي في سوريا؟ وهل يمكن تنفيذ مفهوم المناطق الآمنة؟
أسئلة مشروعة تنتظر إجابات واضحة.

التعليقات (4)

    الحاج عمر الالفي

    ·منذ 9 أشهر 4 أسابيع
    نظرة قاصرة او هكذا يتصور الكاتب .في الحقيقة التطبيع نجح لكن نتاءجه حتظهر مع الغاء العقوبات الغربية ودي مسالة وقت مش اكتر لان اللوبي السعودي والاماراتي بينشطوا في الغرب لانهاء العقوبات بينما اللوبي القطري والاسراءيلي والكويتي بينشطوا في فرض مزيد من العقوبات ولكن التحالف القطري الاسراءيلي هش ومش في قوة التحالف الاماراتي السعودي

    سوري مُشرد

    ·منذ 9 أشهر 4 أسابيع
    المجرم السفاح زعيم العصابة النصيرية و زعيم المخدرات في نفس الوقت لجأ لتفعيل صناعة المخدرات التي كانت موجودة بالأصل زمن الهالك حافظ في الأراضي اللبنانية في البقاع و إهدن ، فعلها لكي يتحدى المجتمع الدولي و يُعاقبه بسبب العقوبات التي طبقها عليه و على أفراد عصابته و كل من يٌسهل له الأعمال.وهكذا وجد زعيم العصابة أنه بات زعيماً و يتحكم بطريق المخدرات ويستطيع أن يُهدد دول الجوار و يتلاعب بها تماماً كما يمارس ألعاب الفيديو المدمن عليها كما يعلم الجميع.صناعة المخدرات و تهريبها باتت الرئة التي يتنفس بها هذا النظام و يستخدم زعيم العصابة هذه الأموال لكسب الموالين و للحفاظ على نظام العصابة و أي شخص عاقل يعلم أن تدفق المخدرات لن يتوقف طالما ظل حكم هذه العصابة النصيرية الطائفية الإجرامية قائماً.و هذه الزيارات المكوكية لدمشق للتفاوض مع زعيم العصابة هو من باب الجهل و الغباء السياسي لأن كل الإغراءات لن تقنع زعيم العصابة بالتوقف عن تهريب المخدرات. و الحل الوحيد أمام الدول المحيطة و المجتمع الدولي هو بتصفية هذه العصابة و زعيمها .لكن يبدو أن الحكام الذين أعادوا تأهيل زعيم العصابة عاجزون عن محاربته لأنهم لا يملكون خبرة الحرب فهم لم يٌحاربوا من قبل أبداَ لأجل ذلك فضلوا استجداء زعيم العصابة و إغراءه بالمال للتوقف عن إرسال المخدرات لبلادهم.

    مصطفى الدروبي

    ·منذ 9 أشهر 4 أسابيع
    فالج لا تعالج"! "هذا المثل الشعبي ينطبق على هذا النظام الشمولي المقيت وعلى رموزه المجرمة فلا أمل بزحزحته عن نهجه المراوغ قيد أنمله حيث السوريين يعرفونه جيدا فلا عهد ولا ميثاق له وعلى بعض العرب ممن يعتقدون أنهم سينجحون بإقناع هذا المجرم بالخارطة التي اعتمدتها المبادرة العربية فهم واهمون. هذا النظام علاجه بخلعه وسوقه لأقواس المحاكم الدولية.

    نهى نهى

    ·منذ 9 أشهر 4 أسابيع
    نظام ارهابي مجرم طائفي لن يرحل الا بالتدخل العسكري
4

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات