في "سوريا المتجانسة".. مدارس باليه في المزة 86 وسيارات "الماشية" تقل تلاميذ آخرين إلى الامتحانات

في "سوريا المتجانسة".. مدارس باليه في المزة 86 وسيارات "الماشية" تقل تلاميذ آخرين إلى الامتحانات

في مشهد يلخص الحال الذي آلت له الأوضاع الاجتماعية في سوريا، كانت مدرسة "العلم الحديث الخاصة"  في المزة 86 تروّج لإعلان افتتاح مدرسة باليه، بالتزامن مع انتشار صور لطلاب وطالبات الإعدادية والثانوية من أبناء ريف الرقة يستقلون سيارات شحن المواشي للتوجه إلى مدينة الرقة ومنها إلى مدينة السبخة لتقديم امتحاناتهم.

 في حي المزة 86 وسط دمشق والذي تقطنه أغلبية من المتطوعين في جيش الأسد والقادمين من قرى الساحل السوري، وصل الحال بطبقة جديدة من أثرياء وتجار الحرب بالتفكير في تعليم أبنائهم الباليه، في حين يعجز أهالي معظم المحافظات السورية لا سيما الشرقية والشمالية عن تأمين المواصلات لإيصال أبنائهم إلى المراكز الامتحانية في الشهادتين الإعدادية والثانوية.

يقول محمد خليل الصالح من مدينة تل أبيض في الرقة: "لم أجد طريقة لتأمين أجار نقل أبنائي لتقديم الامتحانات في مدينة السبخة سوى بيع ثلاثة رؤوس ماشية من الأغنام حتى أضمن الاشتراك مع سيارة نقل الطلاب التي يتكدس بها الطلاب كما الماشية، ولكن تبقى أفضل من حرمانهم من تقديم الامتحانات".

في ريف الرقة الخارج عن سيطرة قوات الأسد لم يتم اعتماد أي مركز امتحاني لذلك اضطر التلاميذ والطلاب من مجمعات تل أبيض وسلوك، وعين عيسى الانتقال إلى مدينة الرقة ليتم  إيصالهم إلى ريف الرقة التابع للأسد في مدينة السبخة.

في حين نقلت وسائل إعلام موالية للأسد، أن محافظة الرقة التي تسيطر عليها قوات قسد شهدت إقبالاً كبيراً من الطلاب على المشاركة في العملية الامتحانية للشهادتين الأساسية والثانوية داخل مناطق سيطرة النظام.

وأضافت وسائل الإعلام المختلفة أن "عددهم تجاوز 16 ألف طالب وطالبة رغم المعاناة التي يتعرض لها الطلاب القادمون من المناطق خارج السيطرة، بسبب قلة النقل وقيامهم بالتنقل على عدة مراحل، لدرجة أن الكثير منهم اضطر للتنقل من خلال الشاحنات ولمسافات طويلة تصل إلى أكثر من مئة كيلو متر، ودفع مبالغ تصل في بعض الأحيان إلى حوالي 250 ألف ليرة سورية للطالب الواحد".

في مدينة دمشق، قال المواطن حسن الحفار لـ"أورينت نت" إنه تواصل مع مدرسة "العلم الحديث الخاصة" في المزة 86 لتسجيل ابنته فكان الجواب أن القسط لدورة الصيف يبلغ مليوناً و250 ألف ليرة سورية، علماً أن الدوام سيكون جلستين أسبوعياً، وشدد موظف المدرسة أن المقاعد محدودة وأولوية التسجيل لأبناء حي المزة 86.

ويرى الخبير الاقتصادي عاطف الخليل أن خطورة الفوارق الطبقية بين أبناء المجتمع الواحد وصلت لدرجة أن 90% من المجتمع يفكر في تأمين الحد الأدنى من متطلبات العيش من مأكل وملبس وأقل من 5% تفكر بالعيش على النمط الغربي من الرفاهية المفرطة والدخيلة على المجتمع.

ويضيف الخليل في حديثه لـ"أورينت نت" بالتأكيد لا أحد ضد أي نشاط اجتماعي أو رياضي ترفيهي كان أو تعليمي ولكن المشكلة عندما نشاهد أن تلاميذ وطلاباً حُرموا من مدارسهم لسنوات عديدة بسبب عدم تأمين مدارس أو عدم تمكن وصول المدرسين إلى المدارس بسبب انعدام المواصلات ومن جهة أخرى نرى أن جزءاً من المجتمع يفكر بأنشطة لا تطبق إلا في دول محدودة من العالم، هنا نكون أمام شرخ كبير بين طبقات المجتمع يستحيل ترميمه.

وختم الخليل كلامه بالقول: "من غير المنطقي القول بأننا في سوريا يمكننا اعتبار الناس يعيشون كمجتمع واحد، بل يوجد طبقتان، والأخطر من ذلك أن القوانين سوف تسنّ في المستقبل القريب لخدمة الطبقة القليلة على حساب الأكثرية وما نسمع عنه عن خصخصة قطاع التعليم والصحة ماهي إلا إرهاصات لما هو أخطر".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات