الغرافيتي.. فن ثورة الجدران الغائب عن السوريين في أوروبا

الغرافيتي.. فن ثورة الجدران الغائب عن السوريين في أوروبا

شهدت الضفة الغربية خلال الأشهر الماضية تصعيداً لافتاً من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، شنت خلالها عدة حملات اعتقالات طالت عدداً من الشبان الفلسطينيين. وأدت الحملات منذ بداية عام 2023، إلى مقتل 165 فلسطينياً برصاص الاحتلال بينهم 28 طفلاً، و6 سيدات.

حاولت الجالية الفلسطينية الموجودة في عدة عواصم أوروبية، القيام بمظاهرات تنديداً بالتصعيد الإسرائيلي وما قابله من صمت دولي، إلا أن السلطات الألمانية منعت الأنشطة والفعاليات الوطنية الفلسطينية في برلين وعدد من المدن الألمانية، حيث ألغت ترخيص إقامة مظاهرة لإحياء الذكرى الـ 75 للنكبة الفلسطينية، وتبعها منع عقد أي نشاط أو عقد أي حدث بديل للتظاهرة التي كانت مقررة في ساحة "Hermannplatz" وسط برلين.

وبحسب تبريرات شرطة المدينة، فإنّ الإلغاء جاء نتيجة تحسس "خطر مباشر" قد يطرأ خلال اجتماع مئات الأشخاص، وينتج عنه خطاب "معاداة السامية، والكراهية وتمجيد العنف وأعمال العنف".

ولم يعدم الناشطون الفلسطينيون وسيلة لإيصال صوتهم للعالم، بل دوّت صرخة الكتابات التي عكست غضبهم والتي ملأت شوارع برلين في الأوساط الأوروبية، حتى دفعت السفير الإسرائيلي في ألمانيا رون بروسر لزيارة شارع العرب وسط برلين.

وهاجم بروسور الكتابات والملصقات في حي "نيوكولن" وسط برلين الذي تقطنه أغلبية عربية، بسبب ملصقات وكتابات داعمة للقضية الفلسطينية انتشرت على جدرانه.

وقال عبر حسابه على تويتر: "عندما وصلت إلى هنا قبل عام تقريباً، لم أكن أتوقع أن تكون شوارع نيوكولن (في العاصمة الألمانية برلين) مشابهة جداً لشوارع غزة. هذه الدعاية الإرهابية في قلب برلين هي وصمة عار. وينبغي معاقبة من فعلوا وساهموا بالتحريض".

وعلى الجانب الآخر، فإن اللاجئين السوريين في ألمانيا يبلغ تعدادهم أكثر من مليون ونصف مليون سوري، هجّرهم نظام أسد منذ اندلاع الثورة السورية حتى اليوم والعدد في ازدياد، لكن مظاهراتهم وأنشطتهم الثورية خبت وتيرتها عمّا كانت عليه خلال السنوات الأولى التي تلت وصولهم.

الغرافيتي.. ثورة على الجدران

وحول الأسباب التي جعلت النفس الثوري يضعف لدى العديد ممن حمل معه مبادئ الثورة الأولى إلى بلدان اللجوء، قال "عبد القادر العموري"، وهو لاجئ من ريف حماة وصل إلى ألمانيا عام 2015: "لا شكّ أن حالة اليأس التي تسرّبت إلى نفوس السوريين من حالة التطبيع التي تبعت كل جرائم الأسد وما قابلها من لا مبالاة من قبل المجتمع الدولي بصرخات السوريين، جعلت الكثير يشعرون أن كل هذه المظاهرات لن تُجدي نفعاً، ورغم أن الأدلة دامغة على تورّط الأسد بجرائم ضد الإنسانية لم يتم اتخاذ أي إجراء ضده".

وأضاف العموري في حديثه لـ"أورينت نت": "صُوَر قيصر التي تجاوز عددها عشرات الآلاف، وكذلك فيديوهات توثيق جرائم الكيماوي في الغوطة وخان شيخون وباقي المناطق التي تعرضت لإجرام الأسد وصور البراميل لحظة سقوطها على منازل المدنيين العُزّل وما يرافقها من حالات خوف وهلع وموت بالجملة، كلها كانت أقوى بكثير من أي عمل فني أو عبارات تُكتب على الجدران".

في حين رأى خليل عبد الرزاق، وهو من مدينة التل في ريف دمشق، أن "هناك تقصيراً واضحاً من قبل الجميع، ولعل فن الغرافيتي هو رائج هنا في أوروبا وبالإمكان إيصال رسالة لصناع القرار في ألمانيا وكل أوروبا بأن لا حل سياسياً في سوريا في ظل وجود النظام، وبالتأكيد لا تزال الفرصة قائمة، ولا سيما أن الموقف الأوروبي لا يزال صُلباً ضد التطبيع مع الأسد على عكس مواقف بعض الدول العربية المؤسفة".

ولفت عبد الرزاق إلى أن العبارات بالتأكيد لها نفع، لكن عندما تكون على شكل فن تشكيلي أو غرافيتي تصل إلى كل شرائح المجتمع، وخصوصاً إذا كانت بلغة البلد وليست فقط بالعربية.

مساحة مفتوحة لإيصال رسالة السوريين 

من جهتها، اعتبرت "فاتن جمال الفرج" من ريف حلب، أن "فكرة إيصال صوتنا عبر الكتابات والرسومات فكرة مُجدية في المجتمع الأوروبي، ولعل ما شاهدناه من زيارة السفير الإسرائيلي لشارع العرب تعكس مدى نجاعة الرسائل التي حملتها الكتابات على الجدران، وخصوصاً بعد أن ركّزت عليها وسائل الإعلام الألمانية، ومن باب أولى أن نستغل هذه المساحات المفتوحة للجميع، ولا سيما أن الفنانيين منا يستطيعون أن يقدّموا لوحات فنية هادفة وليست فقط كتابات لا تحمل لمسة فنية".

وأكدت فاتن لـ"أورينت نت" أن "الاستكانة وعدم إبداء أي ردة فعل على تطبيع الدول العربية مع نظام الأسد يعطي رسالة سلبية جداً لأوروبا، مفادها أن سوريا باتت آمنة فعلاً حتى في ظل وجود السفاح الأكبر وطغمته الحاكمة، وهذا ليس من مصلحة أحد، وأن ردود الفعل المنددة مطلوبة من الجميع بدءاً بالمظاهرات وليس انتهاءً بلوحات الغرافيتي والكتابات المعبّرة عن حجم الظلم الذي لحق بنا ولا يزال الظلم قائماً ولا يزال المجرم طليقاً".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات