الترويع يحاصر السوريين أيضاً!!

الترويع يحاصر السوريين أيضاً!!

يكتسي المشهد السوري مزيداً من "الترويع المعرفيّ" ذاك الذي يقتصّ من إمكانية التصوّر الإيجابي لما هو قادم، وهذا ليس بسبب العراضة الشاميّة المدوّية وسط العاصمة السعوديّة الرياض، حين استقبل موظفو السفارة السورية هناك فيصل المقداد وزير خارجية نظامهم، وليس أيضاً بسبب ظهور الممثل السوري الموالي أندريه إسكاف في برنامج "شب الكبة" على شاشة قناة تلفزيون سوريا المحسوبة على إعلام المعارضة، ليعلن للعالم كيفية صناعة وجبة "مفركة البطاطا" بلا أخطاء أو عثرات.

هو ترويعٌ يوقظ فجاجةً يصعب احتمالها أو تصديقها، لكن من السهل الاستدلال عليها وتخمين مواضعها، قبل إنكارها أو التعافي منها، ترويعٌ بشروط جديدة يصلح أن يكون عنواناً إضافياً لسكن السوريين الجديد، حيث الخوف من الغد أمرٌ حتميّ لا حياد عنه. 

أميركا عرّابة كل هذا الجحيم!

ما يبصره السوريون مؤخراً من مواقف دولية وإقليمية، أو ما يسمعونه من تصريحات تُبارك بقاء النظام السوري، إنما يدلف عليهم من فضاء "الترويع المعرفيّ" ذاك.

يشاهدون رياض نعسان آغا المستشار السابق لدى الديكتاتور الأب، ووزير الثقافة بين عامي 2006 و2010 في حكومة الديكتاتور الابن في لقاء مع طوني خليفة، ويسمعون كيف يقول له بأن الولايات المتحدة هي من يدعم بشار الأسد وحكمه، وبأنها طمأنته في السابق، وأخبرته بأن يفعل ما يشاء، فهو باقٍ.

يروّع مثل هذا التصريح الكثير من السوريين، إذ فيه أنّ موتهم وتهجيرهم وخراب بلدهم كان برعاية أمريكية، ولعلّ ما صرّح به الوزير السوريّ السابق يحمل الكثير من الصحة والإثارة، ويؤدي دوراً منطقياً مثمراً في فهم دلالات ما يحدث، ويبرر وقوع كل هذه المجزرة البشعة من استباحة حياة السوريين، والتنكيل بآدميتهم.

فكل القوانين الأمريكية التي ركنت نفسها، وتجنّدت لأجل التضييق على حكم الأسد، لم تؤدِّ في نهاية المآل إلى إزالة حكمه كما كان مفترضاً بها أنْ تفعل، سواء كنّا نتحدث عن قانون قيصر، أم عن قانون محاربة كبتاغون الأسد، أم عن قانون مناهضة التطبيع معه وهو أحدثها.

ثمّة إذاً سياسة دولية تراوغ ببراعة ما تتلفظّ به أحلام السوريين، وما تنطقه بالخلاص من واقعهم المُزري الذي أنجبه لهم هذا النظام السياسي، وربّاه بعناية فائقة، وكأن تعويم معاناتهم اليوميّة هو شأنٌ متفَق عليه، وهذا ترويعٌ أيضاً، لا يفضي إلا لمزيد من السوداويّة والقتامة والانحدار نحو القاع أكثر.

المقصلة التي اختارت الجميع!

أنْ تعيش في سوريا، فهذا يعني إفلاساً يشبه الشتيمة، وكثيراً من الانتظار، وقليلاً من الاعتياد على سواه من تأويلات حسيّة مخالفة له، فالحياة العامة هنا معتقلة، يروّعها الغد، وكأنه عدّوها.

في الشمال يخافون من إبرام أيّ اتفاق بين نظام بشار وحكومة أردوغان قد يدخلهم في بؤرة من المرارة والمساومة، وفي الجنوب ينتظرون الحوالات الشهرية الخارجية من ذويهم ليرموا بها إلى قنوات النهب العام التي أبدع النظام شقّها، ويتمنون فتح معبر حدودّي بري يصلهم مع الأردن، أما في باقي مناطق سيطرة النظام فيمكن الاهتداء إلى حساب بشار برهوم على فيس بوك، واقتناء واحدة من وصفاته على الأقل في انتقاد ترّدي الحياة الاقتصادية والخدميّة في مناطق النظام، لدرجة أن برهوم يربط مدّة حبّه لبشار بفترات تقنين الكهرباء، فيحبه نصف ساعة، ويكرهه خمس ساعات ونصفاً.

وفي مقطع آخر يلوم فيه إسرائيل على الانتقائية التي مارستها بما يخص المناطق التي احتلتها في حرب 1967، ويتمنى لو أن الاحتلال وصل إلى قريته الساحلية حيث يعيش، فهو يعيب على السوريين رواتبهم الشهرية المصابة بالسقم، والتي لا تتجاوز 12 دولاراً، ويحسد من يعيش في كنف إسرائيل على الرواتب التي يتقاضونها، وأقلها يعادل خمسين ضعف ما يتقاضاه الموظف السوري شهرياً.

لكن لا شيء يمكن أن يقي السوريين شرَّ هذه الرداءة التي تصطادهم، وكأنها مقصلة، وعليهم جميعاً تجريب النوم فوق نصلها، إذ لم يعودوا قادرين ومنذ حين على تقرير مصائرهم بمفردهم، فالترويع يحاصرهم وكأنه المصيدة، وعليهم فقط تصديقه.

التعليقات (1)

    ابو عقال وكفييه

    ·منذ 10 أشهر أسبوعين
    استضافة الممثل اندريه سكاف من قبل محطة السيد عزمي ،هي هي نفس استضافة المطرب جورج في قنوات السيد تركي ، مقدمات تطبيع لا اكثر ولا اقل ،هل للموضوع سوابق في استقبال ممثلين ومطربين في مطعم اسطنبول الذي يقدم طبق المصارين والكرشة ، بالتأكيد نعم لكن بمستوى اقل
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات