منصتا القاهرة وموسكو تنغّصان على هيئة التفاوض رحلة جنيف.. ماذا طلب بيدرسون من الهيئة؟

منصتا القاهرة وموسكو تنغّصان على هيئة التفاوض رحلة جنيف.. ماذا طلب بيدرسون من الهيئة؟

باشرت هيئة التفاوض السورية المعارضة لقاءاتها في جنيف بعقد اجتماع مع المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون، وسط أجواء حذرة تترقب ما ستسفر عنه رحلة جنيف التي تجمع مكونات الهيئة للمرة الأولى منذ نحو أربع سنوات.

لقاء مع المبعوثين

وحسب المكتب الإعلامي للهيئة، فقد ناقش أعضاؤها مع بيدرسون إمكانات الأمم المتحدة لتطبيق القرار الدولي 2254، مؤكدين تمسك الجميع بهذا القرار "باعتباره خارطة الحل الوحيدة لتحقيق الاستقرار في سوريا".

وفي إحاطة نشرها المكتب، فإن هيئة التفاوض عقدت مساء الجمعة في جنيف بسويسرا لقاءً مع بيدرسون، حيث جرى نقاش العملية السياسية وبحث الآليات الممكنة لسير الحل السياسي والتطبيق الكامل لقرار الأمم المتحدة 2254، والإمكانيات الموجودة لدى الأمم المتحدة لتنفيذ القرار الأممي وإنهاء معاناة السوريين.

وحسب الإحاطة، فقد أكد أعضاء هيئة التفاوض خلال اللقاء مع بيدرسون، أن الأمم المتحدة هي المظلة الرسمية والراعية للعملية التفاوضية، وأن القرار الدولي 2254 هو خارطة الحل السياسي التي من الممكن أن تحقق الاستقرار لسوريا وتنهي هذه المأساة، محذرين من خطورة تجاهل الوضع السوري بهذا الشكل "لأن المجتمع الدولي لا يتعاطى بما يرقى لحجم الكارثة السورية".

وأكد أعضاء هيئة التفاوض خلال اللقاء أن قوة هيئة التفاوض بتمسكها بأهداف الثورة والمبادئ التي خرج من أجلها الشعب السوري، ويجب أن يكون هناك تحرك دولي أكبر لتحقيق الحل السياسي وتطبيق القرارات الدولية.

وحسب جدول الأعمال، فإنّ الهيئة ستلتقي بعض المبعوثين الخاصين لعدد من الدول إلى سوريا، ومنهم المبعوث الأمريكي والفرنسي والألماني والتركي والقطري الذين لبوا دعوتها وحضروا إلى جنيف.

قلق التفاوض واللجنة الدستورية

بعد وقت قصير من انتهاء الاجتماع، سارع المكتب الإعلامي لنشر بيان صحفي عن اللقاء، وكان من الواضح أنه يريد قطع الطريق على الشكوك التي ثارت حول أهداف رحلة جنيف وعقد اجتماع مع بيدرسون في هذا التوقيت.

التأكيد على "تطبيق القرارات الدولية، والعمل على تحقيق أهداف ثورة الشعب السوري" كان واضحاً التركيز عليهما في البيان، الذي أرادت من خلاله الهيئة، كما يبدو، الرد على تسريبات سبقت وصول أعضائها إلى جنيف، واتهمتها بالتوجه للتفاوض مع نظام ميليشيا أسد على أساس المبادرة العربية، ما يعني التخلي عن القرار 2254، والدخول معه في حكومة شراكة.

وبينما بدا هذا الاتهام مبالغاً به، على الأقل بالنظر إلى عدم وجود المعطيات التي تشير إلى ذلك حالياً، فإن التخوف من الموافقة على استئناف عمل اللجنة الدستورية، وفق محددات نظام ميليشيا أسد وشروطه، كان هو مبعث القلق الذي رافق إعلان الهيئة عن اجتماعها الحالي.

قلق زاد منه بيان فراس الخالدي منسق منصة القاهرة، إحدى مكونات هيئة التفاوض، والذي أكد قبل ساعات من اجتماع الأمس على ضرورة توضيح "الموقف المُلتبس" لهيئة التفاوض من الدعوات لعقد جلسات اللجنة الدستورية في دمشق "دون ضمانات دولية، ودون أدنى معرفة أو اطّلاع حول مستقبل اللجنة الدستورية أصلاً، ومدى ملاءمة مخرجاتها لتطلّعات الشعب السوري وانسجام هذه المخرجات مع مضمون القرار 2254".

تساؤلات نقلتها "أورينت نت" إلى بعض أعضاء الهيئة الذين حضروا اللقاء مع بيدرسون، فأكدوا أن المبعوث الدولي طلب بالفعل استئناف اجتماعات اللجنة الدستورية، لكنه لم يتطرق إلى أن تكون هذه الاجتماعات في دمشق.

ونقل هؤلاء تأكيد جميع المتحدثين من أعضاء الهيئة في لقائهم مع بيدرسون على أن المكان الوحيد للتفاوض هو في جنيف وتحت مظلة الأمم المتحدة ووفق القرارات الصادرة عنها، مشددين على أن اللجنة الدستورية فشلت حتى الآن بتحقيق أي شيء مفيد بسبب تعنت النظام، الذي مع ذلك لا يتم التعامل معه كمعطل، ويطلب باستمرار من المعارضة تقديم التنازلات.

الانقسام وهاجس التوحد

وسبق لرئيس هيئة التفاوض بدر جاموس، التشديد في تصريحات إعلامية أدلى بها قبل الاجتماع، على أن الهدف الرئيسي من هذا الاجتماع هو إنهاء الانقسام الذي عانت منه المؤسسة منذ عام 2019 بسبب قضية المستقلين وفصل أحد ممثلي منصة موسكو منها.

وكانت الهيئة قد أصدرت قراراً عام 2020 بإنهاء عضوية مهند دليقان عضو منصة موسكو التي يقودها قدري جميل، بسبب تصريحات دعا فيها إلى نقل مفاوضات اللجنة الدستورية إلى العاصمة السورية. ومنذ ذلك الوقت قاطعت كل من منصة موسكو وهيئة التنسيق الوطني اجتماعات الهيئة وأنشطتها، بينما انقسمت منصة القاهرة على نفسها.

وبينما استمر ممثل تيار أحمد الجربا في المنصة بحضور الاجتماعات والمشاركة في التصويت والانتخاب، علّق التيار الذي يقوده جمال سليمان مشاركته بشكل كامل تقريباً. لكن اللافت أنه وبعد التصويت على إعادة عضوية دليقان الأسبوع الماضي، ونجاح مكونات الهيئة بتجاوز خلافات وتحديداً الانقسام بخصوص فئة المستقلين "من أجل توحيد قوى المعارضة الممثلة في الهيئة، وتأكيد تماسكها بوجه الضغوط التي تتعرض لها حالياً للتماهي مع خطة الخطوة مقابل خطوة، والمبادرة العربية للحل" غاب ممثلو تيار أحمد الجربا، بينما حضر جمال سليمان الاجتماع يوم الجمعة.

مفارقات منصة القاهرة لم تتوقف عند هذا الحد، حيث شكل البيان الصادر عن منسقها فراس الخالدي صدمة كبيرة للكثيرين.

بيان الخالدي

وفي بيانه الذي سبق وصول أعضاء الهيئة إلى مكتبها في جنيف، قال الخالدي: ردّاً على الدعوة الأخيرة التي تلقّيناها في منصة القاهرة لحضور جلسات جديدة لهيئة التفاوض في جنيف، أُعْلِن وبصفتي منسّق منصة القاهرة إستمرار العزوف عن أي نشاط يخصّ الهيئة نتيجة إستمرار الأسباب التي أدت لقرارنا هذا، وعلى رأسها عدم الالتزام الفعلي بآلية توافقية وطنية لاتخاذ القرارات التي من شأنها إظهار وجود نواة صلبة في المعارضة السورية قادرة على فرض نفسها أمام المجتمع الدولي كشريك أساسي في تقرير مصير سوريا وشعبها، وكشريك حتمي في تطبيق القرار 2254 وفق "مرجعية بيان جنيف" التي توافقت حولها جميع الأطراف المعنية في الصراع السوري (الشعب السوري والدول المنخرطة في هذا الصّراع).

وأضاف: إن الفشل في إيجاد هذه النواة الصلبة أَفْقَدَنَا القدرة على مقاومة حالة الاستقطاب الدولي والإقليمي، وإمكانية رفض سياسة المحاور التي تفرّقت حولها تيارات وشخصيات المعارضة السورية التي شكلت بمجملها هيئة التفاوض السورية، التي قامت أساساً على مبدأ التفاوض مع النّظام لإيجاد حل حقيقي للقضية السورية من خلال القرار 2254.

الخالدي استغرب "حالة التخبط الإداري في الهيئة، من خلال سياساتها غير المتزنة فيما يخصّ فصل الأعضاء لأسباب معينة وإعادتهم بعد سنوات رغم إستمرار أسباب فصلهم" من دون أدنى توضيح.

وتابع: نعود ونؤكّد اليوم ورغم ملاحظاتنا على ما سبق بأنه لم يعد أمامنا الكثير من الفرص لتوحيد أنفسنا والخروج بمبادرة وطنية (في إطار القرار 2254) تُعيد الأَلَق لمؤسسات المعارضة، خاصةً في ظل التطورات الإقليمية الأخيرة التي لا تصبّ في صالحنا أبداً، وعلى كل القوى الوطنية التي تعففت عن الاستمرار في نشاطاتها بسبب سيطرة فئة معينة على قرار المعارضة وحَرْف الثورة عن مسارها، أن تعود للعمل بالسرعة القصوى لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان.

بالإضافة إلى الجدل الذي خلفه بيان الخالدي، فإن بياناً آخر أصدرته منصة موسكو يوم الخميس أيضاً، أثار لغطاً حتى داخل هيئة التفاوض، حيث اعتبر البعض أنه يمثل خروجاً جديداً من قبل المنصة عن إجماع المعارضة ومكونات الهيئة، خاصة لجهة مطالبتها مرة أخرى بنقل مفاوضات اللجنة الدستورية إلى دمشق، مؤكدين أن هذا الموقف خاص ويمثل المنصة المعروفة بتماهيها مع الموقف الروسي، الأمر الذي يطرح التساؤلات مجدداً حول نجاح القائمين على الهيئة في تحقيق هدفهم من هذا اللقاء، وهو توحيد قوى المعارضة لمواجهة المنعطف الخطير الذي تمر به القضية السورية.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات