الأسد يطلق حملة تسويات جديدة.. لماذا يستثني الشمال كوجهة للترحيل؟

الأسد يطلق حملة تسويات جديدة.. لماذا يستثني الشمال كوجهة للترحيل؟

يشكك السوريون في جدية التزام زعيم عصابة المخدرات بشار أسد بالمبادرة العربية وتخليه عن تجارة الكبتاغون، بعد افتضاح حقيقة الحملات الأمنية والعسكرية التي تشنها ميليشياته ضد مناطق المصالحات تحت غطاء محاربة المخدرات، واستمرار التهديدات بترحيل المطلوبين إلى الشمال التي تتعارض مع مساعي دول المنطقة لإعادة اللاجئين.

وشهدت الأيام الماضية إطلاق ميليشيا أسد حملات تسوية جديدة في ريف درعا الشرقي ومقرها "قصر الحوريات" بمدينة درعا، بالتزامن مع دفعه بقوات عسكرية وأمنية إلى محيط مدينة تلبيسة شمال حمص، ضمن حملة وصفها "بتطهير المنطقة من تجار المخدرات".

الشمال السوري الغائب الحاضر

وبدا لافتاً تجنّب وفود ميليشيا أسد ذكر الشمال السوري كوجهة لنفي الرافضين لإجراء عمليات التسوية كما جرت العادة، التي استهدفت، ولأول مرة، مناطق المصالحات بين روسيا وفصائل المعارضة في مدينة تلبيسة بريف حمص الشمالي.

مصادر محلية في مدينة تلبيسة تحدثت لـ أورينت نت عن مطالبة ميليشيا أسد بتسليم أكثر من 1000 شخص من أبناء المدينة والسماح بدخول ميليشياتها إلى المنطقة، حتى بعد إصدار الوجهاء بياناً يتماشى مع ما يتم الترويج له من مكافحة المخدرات وغيرها.

وتضمّن البيان الذي نشره الشيخ زكريا الدقة القيسي، أحد وجهاء المدينة عبر حسابه الشخصي في فيسبوك، مجموعة من البنود التي تؤكد منع تجارة المخدرات ومكافحة الجريمة المنظمة وعمليات السرقة والسلب وتجارة الأسلحة، إضافة إلى تشكيل قوة من أبناء المدينة تزيد عن 300 شخص تتبع لـ "اللجنة الأمنية" لحماية المدينة والطريق الدولي.

وأكدت المصادر علم ميليشيا أسد المسبق بصعوبة تطبيق هذه البنود، بسبب حمايتها تجار المخدرات وعصابات المنطقة، إضافة إلى امتناع الوجهاء تسليم المطلوبين ورفض مقاتلي المعارضة أن يكونوا جزءا من أي قوة تتبع لأجهزة نظام أسد.

وأشارت المصادر إلى أن "الاجتماع الذي عُقد بين وجهاء المدينة وحسام لوقا مدير مخابرات أسد، ركّز على تسليم المطلوبين دون تسوية، ثم ألمح بعدها إلى إمكانية السماح للرافضين بالالتحاق بصفوف ميليشياته بالتوجه نحو الشمال السوري، لكن كل هذه المطالب ما تزال مرفوضة".

ولفت الناشط الإعلامي "سيف الأحمد" من مدينة تلبيسة، إلى أنه لم يفتتح أي مركز للتسوية في المدينة لحساسية وضعها وطبيعة اتفاق المصالحة الذي تم عام 2018 بين "جيش التوحيد" وروسيا، الذي ينص على منع دخول ميليشيات أسد العسكرية.

وقال الأحمد: "وفد النظام اشترط دخول ميليشياته والتفتيش عن السلاح داخل المدينة، لمعرفته بامتلاك معظم السكان للأسلحة الفردية بهدف حماية ممتلكاتهم بسبب الفلتان الأمني، الأمر الذي ينذر بكارثة جديدة قد تتطور إلى مواجهات بين الأهالي والميليشيات وهو ما تريده لنقض اتفاق المصالحة الذي تم مع روسيا".

ضوء أخضر 

وبحسب "مدير المركز السوري للتنمية المجتمعية"، رضوان الأطرش، فإن غياب بند الترحيل إلى الشمال السوري عن عمليات التسوية الحالية، ينذر بحصول أسد على ضوء أخضر لمهاجمة كل المناطق الخارجة عن سيطرته، وبسط نفوذه على كامل الأراضي السورية كمقدمة للحل السياسي وفق منظور حلفائه إيران وروسيا.

وذكر أن بشار أسد يعمل على نفي جرائم المخدرات عنه ولصقها بفصائل المصالحة التي ما تزال تشكل عائقاً لبسط نفوذه، كما هو الحال في مدينة تلبيسة، حيث قام بإجبار الوجهاء المحليين على الاتفاق معه لإصدار بيان مكافحة الممارسات التي ترتكبها ميليشيا أسد، خاصة بند المخدرات وتجارة الأسلحة وتهريب البشر.

وأشار إلى أن هذه التجربة كُررت في درعا، وتحديداً في بلدة النعيمة التي داهمتها ميليشيا أسد بذريعة الحد من ترويج المخدرات وإجبار المدنيين من جديد على تسويات تستهدف العناصر المنشقين عنه والذين بلغ عددهم قرابة الخمسين.

ووفق الأطرش، فإن هذه التحركات توحي باستمرار سياسات أسد بتسويف المبادرات الأممية والعربية والمراوغة بتنفيذها بحسب مصالحه بعيداً عن الشرعية الدولية، مع حرصه على إيصال رسائل إيجابية تظهر جديته بالتعامل مع المبادرة العربية.

ما الذي ينتظر الشمال السوري؟

لكن الكاتب السياسي "درويش خليفة" يعتقد بوجود ضغوط عربية على نظام أسد لإيقاف عمليات الترحيل إلى الشمال السوري، لعدة أسباب أهمها خلو مناطق أسد من الشباب، إضافة إلى ضبابية الوضع السوري عامةً ومناطق المعارضة بشكل خاص.

وقال: "لا تزال بوادر الحلول السياسية غائبة عن المنطقة، وجميع الأطراف تعمل بشكل منفرد في دعم حلفائها وتنمية مناطق نفوذهم، الأمر الذي يشير إلى استمرار واقع السيطرة الحالية إلى سنوات طويلة قادمة".

وتوقع خليفة أن يتجه الشمال السوري إلى منطقة حكم ذاتي بأدوات جديدة، من خلال التوافق التركي مع الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، الذي يؤدي إلى المزيد من دعم استقرار المنطقة وتنمية اقتصادها.

ولفت إلى أن مناطق أسد تعاني من شيخوخة المجتمع، بينما تعاني مناطق شمال غرب سوريا من اكتظاظ سكاني كبير، وبالتالي فإن الدول العربية تحاول إعادة إحياء مناطق أسد وإيقاف هجرة وترحيل الشباب.

ورغم محاولات نظام أسد إظهار جدية في تنفيذ خطوات المبادرة العربية، إلا أن قرب نفاد أوراق لعبه المتمثلة بالحل العسكري والترهيب، في ظل رفضه إيقاف إنتاج المخدرات وتصديرها وعدم تقبله وجود معارضيه ضمن مناطقه، يجعل من فشل المبادرة بالنسبة إلى كثير من السوريين مسألة وقت.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات