السؤال المُلح.. من يكون الزعيم؟!

السؤال المُلح.. من يكون الزعيم؟!

هل يمكن أن نستمر في انتظار قائد كاريزمي في السياسة العربية حيث ما زلنا عند موقع الزعيم، وفي القضية السورية كثيراً ما تأجج السجال حول شخصية هذا الزعيم، والسؤال الذي يلحّ هنا، لماذا لم نصل بعد إلى مرحلة المؤسسة التي تشكّل أو تعدّ قائداً؟ ولماذا استولى العسكر والمدرسة الأمنية على الحكم؟

وقد يكون مردّ ذلك إلى التوطئة التاريخية القديمة والمعاصرة التي احتضنت تلك الظاهرة، ويكفي هنا أن نبدأ من التاريخ القريب والذي يبدأ بعام 1970 والذي كان بداية لاهتزازات وتغييرات على كل مستوى، وخاصة المستوى السياسي والعقائدي وغياب مرحلة عبد الناصر والمد القومي بشكل كامل وصولاً إلى سلسلة من الوقائع والتي كانت ذروتها الثورة السورية، وهنا علينا أن نعي أسئلة الأجيال؛ من الذي يحكم، من أين سياتي الزعيم؟ من نخب فكرية أم من مؤسسات إعداد القادة؟ أو هل سيستمر العسكر مع المدرسة الأمنية في الإمساك بتلابيب الأمور، كلها أسئلة مشروعة وملحة.

ولما كانت الأسئلة تشرعنها اللحظة التاريخية، فإنه علينا أن نبدي رأياً متواضعاً حول المآلات المتوقعة على المستوى الراهن أو القريب، ومن الجدير بالذكر أن نستوعب المرحلة التغييرية التي طالبت بتقديم الأجوبة منذ انفجار الحدث السوري منذ عقد ونيّف وما زالت حتى هذا اليوم، وإننا نحاينها وأن الأجوبة حرجة ومربكة بسبب جملة ظروف محلية وإقليمية ودولية.


فالتركيبة العسكرية الأمنية مازالت موجودة والتغيير مع الاحتفاظ بكرسي الحكم هو تغيير بالكاد يترك أثر فراشة في البنى التحتية ومن الصعوبة في مرحلة مخاض هو الأعسر، إطلاق توقع القادم، وإذا أخذنا علماً أن التنبؤ سابقاً كان من السهولة بحيث يأتي التحديد مطابقاً بنسبة كبيرة بحيث كان القائد أو الزعيم هو ممن ساهموا في الاستقلال أو من خلال أحزاب تشكلت في زمن وحي هذه المرحلة أو ممن تأثروا بالفكر القومي، ونستطيع القول إن كل هذا شكّل مؤسسات انتجت قادة.


حتى وقت معيّن ومن بعد ذلك اغتصب العسكر مع الحزب والأمن، الشرعية التي رافقت مرحلة التحرر وتربع على الحكم منهياً تماماً دور الحزب والنقابات والاتحادات وجعلها أنظمة أمنية رديفة وانتهى منذ ذلك الوقت دور أي مبادرة مدنية أو سياسية أو حزبية في إعداد القادة وأصبح الزعيم محصناً ببناء أمني مجهّز ومسلّح أكثر من الجيش نفسه، وذلك استعداداً لمرحلة قادمة حرجة لا ريب، لحظة تمرد الأجيال على هذا التآزر العسكري الأمني المريب والمعيق إلى حد استحالة المشاريع الوطنية بكل مستوياتها، ولنا أن نرى تعيّن ذلك في استمرار النظام وإن كان متخلخلاً وضعيفاً وبمرحلة تيه وبوضع دفاعي شرس بشكل غير مسبوق.

  
وذلك بقوة الجهاز الأمني المتطور لوجستياً ومكنة وخبرة مدعماً بدعاية أيديولوجية لحزب غادر حينه الزمكان، وأما العسكر في سوريا، فتبقى مهمته منذ بردت الجبهات حماية النظام وستبقى الأيام القادمة رهن انفجار أكبر على ضوء حصار فكري واقتصادي وسياسي وعجز كلي عن إحداث أي إنجاز وسيقع الحكم العسكري الأمني بحرج، بل ومأزق وسيبقى الأمن متجاهلاً وناكراً  للزلزلة والمطلوب أن تقوم النخب بوعي الواقع واللحظة.

ومن خلال إعداد مؤسسات مدنية منفتحة تعلّم المطالبة المستمرة بالدولة المدنية، دولة العدالة والقانون وهي نخب حتماً قادرة لأنها في لحظة تفجّر معرفي وفي لحظة جمع الخبرة التغيرية أو الثورية متحررة من وهم الشعار ومن قيد الأيديولوجيا والزعيم المخلص أو الزعيم الكاريزما أو المستبد العادل وستعمل حتماً على إنتاج زعامات شابة جماعية تعددية ديقراطية.

 
وأخيراً يبدو أن فكرة القائد المخلص هي فكرة مفلسة تماماً، الزعيم المخلص هو الذي يحمله تيار وطني  واسع جداً ويعي هذا الزعيم أنه ضمن مؤسسة تقيم دولة ديقراطية يحكمها القانون.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات