للمرة الأولى منذ عقد من الزمان، يحضر بشار الأسد قمة جامعة الدول العربية، حيث أعرب فيها رئيس ما تبقى من "الدولة السورية" عن أمله في بداية جديدة للعلاقات بين الدول العربية في أول مشاركة له في قمة جامعة الدول العربية منذ عقد.
وقال أسد في كلمة ألقاها أمام المشاركين في القمة في جدة السعودية، إنه يأمل أن يكون هذا الاجتماع "بداية مرحلة جديدة في العمل العربي المشترك من أجل التضامن والسلام الإقليمي والتنمية والازدهار بدلاً من الحرب والدمار".
واعترف الأسد "بانتمائه العربي" وطالب بمنع "التدخل الأجنبي" في شؤون الدول العربية.
وحضر الأسد قمة المنظمة المكونة من 22 عضواً لأول مرة منذ 2011 بعد تعليق عضوية بلاده فيها، بسبب تعامل حكومته الوحشي مع الحرب الأهلية في بلاده.
نزح حوالي 14 مليون شخص خلال الحرب وقتل أكثر من 350 ألفاً، وحكومته متهمة بارتكاب جرائم حرب مثل استخدام الغازات السامة والبراميل المتفجرة والتعذيب والقتل خارج نطاق القضاء. وبحسب المنظمة السورية لحقوق الإنسان، توفي 15 ألف مدني جراء التعذيب، واعتقل 150 ألفًا بشكل تعسفي.
المعارضة السورية تتحدث عن "خيانة"
وفقًا للنشطاء، تظاهر مئات الأشخاص في شمال غرب سوريا ضد إعادة انضمام بلادهم إلى جامعة الدول العربية وظهور الأسد، وكان شعار الاحتجاجات "الأسد المجرم لا يمثل سوريا"، فيما شهدت مناطق الباب وعفرين شمال حلب وإدلب مظاهرات احتجاجية.
وردد المشاركون شعارات انتفاضة 2011. التقارب مع الأسد "على حساب دماء الشعب السوري". كتب على اللافتات أن زعماء الدول العربية الأخرى "باعوا ضمائرهم". ووصف آخرون الأسد بأنه "مجرم حرب" و "قاتل أطفال". المعارضة السورية تحدثت عن "خيانة" و"شهادة براءة قاتل".
وبحسب ما أوردته قناة العربية الإخبارية وصحيفة "ذا ناشيونال" الإماراتية، فإن عودة سوريا إلى الجامعة العربية تخضع لعدد من الشروط. لذلك ينبغي إلزام سوريا باستئناف المحادثات مع المعارضة حول دستور جديد وتمهيد الطريق للانتخابات. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الحكومة تمكين اللاجئين من العودة والمساعدات الإنسانية عبر الحدود والحد من تهريب المخدرات إلى البلدان المجاورة.
وجاء في البيان الختامي للقمة أن سوريا يجب أن تستأنف "دورها الطبيعي" في المنطقة.
يعتقد الأسد أنه لم يذهب إلى جدة ليعلن الحرب على إخوانه، بل لاحتواء الحروب، وليفهّم المجتمعون والعالم أن معارضته لا تغسل أقدام أعدائها.
كما يرى في نفسه أنه شخص ذكي للغاية، فهو لم يقم بضم أي دولة أخرى لبلاده مثل بوتين وأردوغان، فهو مهتم فقط بالحفاظ على السلطة لعائلته المالكة وما تبقى من ثروات في بلاده.
وترى المعارضة في الوقت نفسه، على الرغم من مرحلة القوة الحالية وسلطات الأمر الواقع، سينتهي عهد الأسد بمجرد الإطاحة بالرئيس الروسي بوتين. بعد ذلك، من المحتمل أن يشتد الصراع في سوريا بشكل ملحوظ مرة أخرى.
لكن هذه المرة، لن تقدم روسيا وإيران مساعدات مكثفة هناك، بل تركيا وفرنسا.
لذلك ينبغي من الآن إلزام سوريا باستئناف المحادثات حول دستور جديد وتمهيد الطريق للانتخابات بإشراف الأمم المتحدة، بالإضافة إلى ذلك، يتعين على الحكومة تمكين اللاجئين من العودة الآمنة لبلادهم وتقديم المساعدات الإنسانية عبر الحدود والحد من تهريب المخدرات إلى الدول المجاورة.
لا يؤمن أي من السوريين ومعهم الحكام العرب في جامعة الدول العربية بالنقطة الأولى، أما النقطة الثانية تعمل على ما يبدو على تمهيد الطريق أمام ترحيل اللاجئين السوريين. النقطة الثالثة تتعلق بكون سوريا دولة مخدرات وتهدد دول الجوار بصادراتها من المخدرات.
تعتبر المحادثات مع حكومة الأسد، التي فرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية ضدها عقوبات شاملة، مستبعدة بالنسبة للدول الغربية مثل الولايات المتحدة وأوروبا.
ولكن يمكن للأسد أن يجتمع مع رؤساء تلك الدول، فقد تمت دعوته إلى مؤتمر المناخ العالمي في دبي في نهاية شهر تشرين الثاني الحالي، والذي يمكن أن يحضره أيضاً الرئيس الأمريكي جو بايدن أو بعض رؤساء دول الاتحاد الأوروبي.
والمثير للدهشة أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حضر القمة أيضاً، إذ يعتبر روسيا أحد أهم حلفاء الأسد واتهم بعض أعضاء الجامعة البالغ عددهم 22 بعدم دعم بلاده في حرب العدوان الروسية.
حسناً، كما هو الحال مع جميع التفسيرات شديدة الوضوح. لا يزال الأسد يعتمد على الدعم الروسي في الوقت الحالي، ولا يزال زيلينسكي بعيداً بعض الشيء عن هدف أن يصمد أمام مرور الغاز الروسي عبر أراضيه. لكن الولايات المتحدة لديها مشاكل أخرى في الوقت الحالي، وهذا يمنح الجهات الفاعلة في الشرق الأوسط مزيداً من الحرية في التعامل مع ملفات هذه المنطقة.
وقد جدد ولي العهد السعودي الأمير محمد دعمه لعملية السلام بين روسيا وأوكرانيا، كما رحّب بالأسد وقال إن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية ستؤدي إلى مزيد من الاستقرار في الدولة التي مزقتها الحرب الأهلية وتسمح لسوريا باستئناف "دورها الطبيعي" في العالم العربي.
وقد وعد الأسد بالمال إذا أعاد اللاجئين وسمح لهم بالمشاركة في الحياة في البلاد.
ولكن المستقبل وحده هو الذي سيظهر ما إذا كان الأسد جاداً في رغبته في أن يكون جزءاً من هذا المستقبل أم لا.
ولنا الحق هنا أن نتساءل هل ستشهد الأحداث في غضون الأربعة أعوام القادمة تغيراً، أم سنقرأ أيضاً بعدها مقالاً عن بوتين ونعبّر عن دهشتنا لحضوره القمة القادمة في البحرين أو في دمشق؟
ما حدث وما يحدث وما سوف يحدث
يذكرنا بقصة أحد البنوك الاستثمارية، حيث يعمل فيه مستشار قانوني يخطط مع صديقه المغترب الوسيم لنهب أموال البنك، يلتقي المستثمر بمدير البنك ويظهر بمظهر المستثمر القوي الشريف، ويظهر المستشار القانوني للبنك بمظهر الرافض بقوة لإعطاء المستثمر القرض المطلوب، وفي النهاية ينجح في خطته في نهب أموال البنك ويهرب مع سكرتيرة المدير الجميلة خارج البلد، وعندما يأتي الأمن للقبض على مدير البنك يقول المستشار القانوني موجهاً كلامه للأمن: يا ما حذرته من هؤلاء اللصوص المحتالين، ولكنه رفض كلامي وهاهي النتيجة..
التعليقات (34)