بشار الأسد وأزمة الصرف الصحي

بشار الأسد وأزمة الصرف الصحي

بينما عجّت وسائل إعلام النظام وبينها "صحيفة الوطن" بأخبار مشاركة المقداد في الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية وتصريحاته حول مواجهة التحدّيات وبينها الصراع العربي الإسرائيلي وقضية المناخ، وأهمية مشاركة بشار الأسد في القمة، كان هناك خبر نشرته الصحيفة حول استمرار مشكلة تسرّب مياه الصرف الصحي في دمشق إلى نحو مئة موقع لمسار الكوابل الضوئية التي تؤمّن خدمات الاتصالات الدولية والإنترنت، ما يهدد في حال عدم معالجتها بتوقف الخدمات في جميع المحافظات.

أخبار أخرى نشرتها الصحيفة إلى جانب تصريحات المقداد والحديث عن قمة "نصر سوريا".. بينها ما قاله رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال جمال القادري خلال لقائه رئيس الوزراء حسين عرنوس: إن الحد الأدنى للأجور لا يكفي سوى يوم واحد والطبخة الواحدة أصبحت تكلّف 100 ألف ليرة، لكن اللافت أن عرنوس لم يردّ على ما قاله القادري خلال اللقاء الذي شارك فيه أعضاء المجلس العام المركزي للاتحاد العام لنقابات العمال، بل بالحديث عن شعارات الصمود وختمه بأن نقَلَ لهم ومن خلالهم إلى جميع عمال الوطن تحية ومحبة بشار الأسد.

مثل تلك الشعارات لا تزال الحامل الرئيس لسياسة النظام، ولا حامل لها على أرض الواقع الكارثي، فحديثه عن الصمود ومواجهة التحديات التي تواجه الأمة العربية، إضافة للضجيج الإعلامي الذي يفتعله حول مشاركته في قمة جدة على سبيل المثال والصور والأخبار المكثفة التي يبثها، هي مسائل شكلية يريد من خلال تراكمها "الكوبليزي"، الهروب إلى أمام، والإيحاء بأنه انتصر وبأن كل شيء عاد كما كان قبل العام 2011.

في واقع الأمر أن نظام العائلة يَعُدّ نفسه منتصراً طالما أنه ما زال يحكم البلاد والشعارات التي يستمر بإطلاقها يعدها ثوابت ومبادئ وهو مستمر بالحفاظ عليها كما يقول، أما ما فعله في البلاد والعباد طيلة السنوات الماضية من قتل وتدمير وتهجير وما آلت إليه أوضاع الأهالي في مناطق سيطرته فهو برأيه من متطلبات الصمود وأن قضية بقائه في الحكم تستحق تضحيات أكثر ودمار أشمل.

حديث النظام بالشعارات واستجرارها منذ عقود ليس عبثياً بل هو سياسة ممنهجة يريد من خلالها البقاء ضمن عناوينها عامة وجعلها معايير كبرى تضعه بعيداً عن المُساءلة والمحاسبة وهو ما اختصره مسؤول لدى النظام في رده على سؤال لأحد العمال عن الأزمة المعيشية إذ قال: إن نقطة عرق واحدة على جبين جندي في الجبهة أشرف من حديثك بمسائل سخيفة... 

بمثل هكذا ردود واجه النظام طيلة العقود الماضية الأزمات التي أوجدها في المجتمع من خلال استبداده ونهبه البلاد، فالشعارات هي العلاج الحاضر دائماً والتي من خلالها يستطيع إسكات الأصوات المتذمرة أو المتسائلة، والقمع والقتل إن لم تصمت كما حدث خلال السنوات الماضية. 

لغة النصر التي يتحدث بها النظام لا تضعه إلا في موقع "مافيا" قتلت وهجرت ودمرت وما تزال تمسك برهائن لا تعبأ بأوضاعهم، ولا يحق له الحديث عن دولة أو أن في سوريا دولة، إذ إن أبسط معايير الدولة هي الحرص على دماء أبنائها وتعنى بقطرة واحدة تسيل سواء بسببها أو بغير ذلك لأنها مسؤولة عن سكانها دون تمييز.

بعقلية المافيا يذهب النظام للقمة العربية ويشارك بفعاليات التحضير لها، فبعد أن تجاهل بنوداً أساسية في قرار إعادته وتتعلق بالحل السياسي الذي هو بشكل أو بآخر مصلحة للسوريين، وركز فقط على بند وحيد هو عودته، يتحدث عن قضايا مثل المناخ والقضية الفلسطينية والسودان وعن عودة "الحبيب إلى حبيبته" بحسب تعبير فيصل المقداد وزير خارجيته إذ أبعد ما ذهب إليه بالنسبة للاجئين هو ربط هذا الملف بإعادة الإعمار أي ابتزاز العرب بالسعي للحصول على أموال يضعها في البنوك.

وبتلك العقلية يرسم إعلامه ما يندرج في إطار شعاراته وسياسته ويقتطع أو يلغي من تصريحات المسؤولين العرب ما يريد ويتجاهل على سبيل المثال دعوة أحمد أبو الغيط أمين عام الجامعة النظام للتفاعل بإيجابية مع الحراك العربي من أجل مصلحة الشعب السوري، وتحتل صور المقداد وتصريحات بعض الدول المشابهة للنظام عناوين بارزة وطبعاً دون أن يكون لديه أي حرج من وضع أخبار إلى جانبها تتعلق بأزمات الأهالي المتفاقمة، إلى درجة بات معها الأهالي مقتنعين بأن تلك الأوضاع ستزداد صعوبة أكثر مما كانت عليه خلال سنوات الحرب بسبب عجز النظام عن وضع حلول وفشله في تجاوز أزمة غلاء المعيشة وتوفير الوقود والغاز المنزلي، وانقطاع الكهرباء لساعات طويلة، واستمرار انخفاض قيمة الليرة.

وبغض النظر عن تلك الشعارات التي يستخدمها حلاً للأزمات محلياً، والهروب إلى أمام خارجياً، وأيضاً بغضّ النظر سواء في عجزه عن إيجاد حلول لتلك الأزمات، أو عدم رغبته بالأساس بالحل، تبقى الصورة هي أنه لا يستقيم حديثه عن قضايا دولية مثل المناخ على سبيل المثال، مع عدم قدرته على تعزيل ريكارات الصرف الصحي التي تهدّد بانقطاع الإنترنت عن معظم المحافظات.

التعليقات (2)

    Hope

    ·منذ 10 أشهر أسبوع
    وكان النصر المزعوم _على جماجم السوريين بمساعدة اجرام ايران و روسيا ومساعدة من صمت عالمي و نباركه من ( الاشقاء العرب )_ هذا النصر اختلط بالصرف الصحي ... هنيئا لكم بهذا النصر !!

    Adam

    ·منذ 10 أشهر 5 أيام
    والله يازمن زمن الخول والجواسيس والراقصات والداعرات والمواخير .هذا اللقيط يهدد أردوغان هو والجزار الأسد قاتل الملايين من السنة . مصيركم ومصير المجوس والعلويين والعملاء الأرمن كمصير ثمود وعاد.عندما ينهض المارد السني سننتقم لكل سني قد قتل أو شرد سندوسكم بأحذيتنا كما ندوس الحشرات.
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات