ضعف مشاركة المرأة بالعمل السياسي في المنطقة الكردية

ضعف مشاركة المرأة بالعمل السياسي في المنطقة الكردية

لم يشهد "ملف" مشاركة المرأة في العمل السياسي ضمن المنطقة الكردية بما تحتويه من تنوع وتتعدد قومي وسياسي وديني، أيَّ استقرار موضوعي، بالرغم من أنها ركيزة أساسية لإعادة الإعمار التي لا يتوجب أن يقتصر الإعمار على العقار والبنية التحتية فحسب.

كما لم يشهد توجهاً لتضمين أو تأمين مشاركة فاعلة للمرأة وشراكة حقيقية لها ضمن دوائر صناعة القرار السياسي أو الإداري ضمن هياكل الحكم المحلية، والمجالس المحلية والأحزاب السياسية، ما خلا بعض الأسماء التي تتكرر دوماً، أو البعض الآخر كواجهة لا غير. 

خاصة مع تسبب قوانين مشاركة المرأة في تلك الأطراف، بإعاقة تمثيل العنصر النسائي ضمن الأطر القيادية وصناعة القرار السياسي، وهو ما ساهم في غياب الشروط الأساسية التي تسمح ببناء رؤية أو مقاربة واقعية لشكل مشاركة المرأة من كافة المكونات (العربية، الكردية، السريانية الآشورية، الأرمنية) في العمل السياسي.

هذا الإقصاء والإجحاف بحق التمثيل السياسي للمرأة في هذه المنطقة يحتاج إلى رؤية نقدية جديدة مبنية على خصائص المشاركة المطلوبة والسلوكيات الواجب توافرها لتحقيق المشاركة الحقيقية للمرأة، وبالرغم من تكاثر المنظمات غير الحكومية والناشطة في مجال حقوق المرأة منذ نهايات 2011 بعد أن كان التمثيل حكراً على الاتحاد النسائي العربي السوري التابع لحكومة أسد. 

لكن المؤسف أن غالبية تلك المنظمات لم تتخطّ النماذج التقليدية ولم ترتقِ بمكانة المرأة، والأكثر إجحافاً أن الخلفيات السياسية للنساء المشاركات في العمل الحزبي، تسببت بإعاقة تمثيلهن في الأعمال الاجتماعية والثقافية واللجان المدنية، وشكّل تغول العنف والإرهاب وعقلية الإقصاء والذكورة السياسية عوامل متكاملة لإقصاء تمكين النساء في العمل السياسي.

ولا تزال العوائق أمام مشاركة المرأة في العمل السياسي العام، وطبيعة العلاقة بينها وبين المجتمعات التي تعيش فيها قائمة وتزداد شرخاً، بل أشبه بنفق مظلم يمنع المشاركة النسائية، علماً أن نهوض وتقدم تلك المجتمعات المرتبط بأحد أبرز جوانبه بتحرير المرأة ومشاركتها السياسية، يتأثر بارتباط وعلاقة السياسة بالسلطة والعنف الذي يمارسه السياسيون على المرأة لمنعها من المشاركة، لضمان هيمنة الرجال على مفاصل السلطة ضمن الفضاء العام للأحزاب، هياكل الحكم، مجالس محلية وهيئات عامة، التمثيل المستقل للمرأة، وحتّى التدخل في قضية "كوتا" النساء.

وهو ما يشرح الفهم الاختزالي السائد في أصل إبعاد المرأة وتهميشها في المجتمعات وأسباب بقاء المرأة ضمن القواعد العريضة للحزب والإدارات وبعيداً عن القيادة دون أن تتكلف تلك الجهات البحث في الإجراءات الممكنة والواجبة لضمان المشاركة السياسية الواسعة للمرأة حالياً وفي مرحلة ما بعد النزاع وضمان مكانتها على مائدة التفاوض.

مع ذلك يبقى السؤال الرئيسي: هل سيبقى رهان المرأة كسابق عهدها، تمثيل شكلي والاستفادة السياسية من وجودها غير الفعلي؟ أو هل ستبقى المعوقات التي تقف في وجه المشاركة الحقيقية والفعالة للمرأة في الحياة السياسية ذات فاعلية واضحة، وهل الكوتا كنظام يحمي حقوقها وهو السبيل الأمثل والأضمن لمشاركتها في صناعة القرار السياسي والإداري والعام.

وكيف يمكن ضمان مشاركة المرأة لتولي المناصب القيادية في الحياة العامة، وماهي الفرص والتحديات أمام مشاركة المرأة في العمل السياسي في ظل تغول ثقافتي العنف والذكورة السياسية، وهل من خطط واقعية للأحزاب لضمان مشاركة فعالة حقيقية للمرأة في الهيئات القيادية.

لا يُمكن إغفال دور الانقسام السياسي في انشطار المجتمع النسوي وتعدد الانتماءات للأحزاب الكردية والعربية والآشورية السريانية والشخصيات المستقلة مابين هياكل الحكم المحلية (الإدارة الذاتية) وأحزاب ومنظمات نسوية كردية ضمن المجلس الكردي، وأحزاب عربية وآشورية خارج كل الأطر، في زيادة التباعد والخلافات بين النساء أنفسهن، وهو ما وفّر بيئة آمنة وخصبة تم استغلالها بعمق كبير من قبل القيادات السياسية، واللعب على ثلاثة أوتار في لحظة واحدة: الخلافات النسوية، ضعف غالبية النساء في الجوانب الإدارية والسياسية والاقتصادية، عدم بلورة خطط واضحة للتمكين النسائي أو تدريبهن.

 إن مناقشة عملية إبعاد المرأة تاريخياً عن المشاركة السياسية والتي تمنعها حالياً، يتم عبر تحليل يشمل ثلاثة مستويات، الأول: الروايات الشخصية للسيدات كيف ينظرون إلى تأثير الخلافات السياسية والحزبية والصراع والعقلية الذكورية في السياسة وتأثيرها على بنائهن لذاتهن، وخاصة تطلعات المرأة ومعوقات مشاركتها في القرار، وماهي إستراتيجية المواجهة السلمية المدنية التي توصلوا إليها، وكيف يمكن تمكينها في سياق الصراع والعملية السياسية الحزبية.

الثاني: استكشاف العوامل السياقية التي تؤثر على عملية مشاركة صنع القرار لدى المرأة وهوامش المناورة بما في ذلك اقتصاديات الحرب وبناء السلام والتماسك المجتمعي ودورها في هياكل السلطة والتسلسل الهرمي الاجتماعي في تشكيل روايات وإستراتيجيات عمل المرأة في السياسة والإدارة.

الثالث: تقييم المحتوى المتنوع للسياسات المتّبعة بما يتعلق بالمرأة وإشكال المشاركة مع التركيز بشكل خاص على المشاركة السياسية لها ودورها في بناء السلام وترسيخ المساواة بين الجنسين.

لذلك أعتقد أن المطلوب الآن وليس بعد قليل، اليوم وليس غداً، وفي السعي لتوفير بيئة آمنة لمشاركة المرأة في العمل السياسي، يتطلب ما يلي:

1-وضع رؤية وسردية المرأة نفسها حول مستقبلها أمام صناع القرار بمختلف مستوياته، لتنفيذ ولو الحد الأعلى منه.

2-الوصول إلى توصيات واضحة حول آلية مشاركة المرأة في صناعة القرار السياسي والاقتصادي و غيره.

3-كشف المستور حول ألاعيب وطرق الالتفاف التي تلجأ إليها الأطراف المتحكمة بالقرار.

4-إعداد دراسة واضحة وشاملة حول ضمان المشاركة النسوية في هياكل الحكم بصفتها كياناً وعضواً مستقلاً وليس تمثيلاً شكلياً.

5-الوقوف عند نظام الكوتا للتمثيل النسائي، مابين الاكتفاء أو الدعوة لتوسعة المشاركة، ومنع احتكار مناصب محددة على الرجال وحدهم.

6-فصل التمثيل النسائي عن الحسابات والتوافقات الحزبية.

7-معرفة تأثير العنف والحرب على عمل المرأة السياسي والإداري.

8-أهم الإستراتيجيات الواجب اتباعها من المرأة والمجتمع ككل لضمان مشاركتهم.

9-الأدوار التي يمكن أن تنهض بها المرأة في بناء السلام والتماسك المجتمعي.

10-شرح السياسات المتبعة لإجهاض مشاركة المرأة وتقييمها من قبل الباحث والمشاركات في البحث، بناءً على تفرغ المقابلات، والسياق العام لدور المرأة في محافظة الحسكة.

التعليقات (1)

    namroud

    ·منذ 11 شهر أسبوع
    لا يكون رفيقك ابو عمشه هيك وصال تكتب؟؟؟؟ والبنات اللي نسفو ابو داعش كانو جايين من المريخ يا راعي... قال شفان قال, ولك اقل ما يقال عنك انك كافان ابن شفان يعمل في مزرعة ابو عمشه, لو كان فيك خير لوقفت مع الشعب الكردي يا خائن
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات