لا جديد مع الانتخابات التركية لكن الوضع غير مطمئن

لا جديد مع الانتخابات التركية لكن الوضع غير مطمئن

أيام معدودة تفصلنا عن موعد الانتخابات التركية المقررة منتصف شهر أيار القادم. شاءت الأقدار أن تكون هذه الانتخابات محط اهتمام وترقب من السوريين، وذلك لعدة اعتبارات منها: استضافة تركيا لملايين اللاجئين السوريين، واستحواذها على النصيب الأكبر من القرار السياسي للمعارضة السورية. ورغم أن رضا السوريين عن توجهات حزب العدالة والتنمية قد تراجع في الآونة الأخيرة نتيجة لما يشبه الاستدارة والإعلان رسمياً عن إمكانية التطبيع مع النظام السوري، إلا أنهم ما زالوا يعتقدون أن فوز حزب العدالة والتنمية أفضل بالنسبة لهم مقارنة بالمعارضة التي أبدت مواقف متطرفة حيالهم.

انتخابات الرئاسة محسومة

رغم أن التجاذبات الانتخابية أشاعت بيئة من عدم اليقين وألقت بمزيد من الشكوك حول إمكانية حزب العدالة والتنمية الفوز بالانتخابات القادمة، إلا أن الانتخابات الرئاسية تبدو محسومة لصالح الرئيس الحالي "رجب طيب أردوغان"، إذ لا يعتبر منافسه الأبرز "كليتشدار أوغلو" ذلك الشخص القادر على إقناع الأتراك بأنه قادر أن يكون بديلاً صالحاً لقيادة مختبرة أثبتت نجاحها خلال المراحل السابقة، بينما يمتلك الرئيس التركي إرثاً سياسياً واسعاً ويتمتع بكاريزما جذابة عند معظم الأتراك، ولديه الخبرة الواسعة في قيادة المنافسة الانتخابية، وسيرة ذاتية وإنجازات مضاف إليها ضعف المعارضة وتشتتها. من أجل هذا كله يبدو السباق نحو الرئاسة التركية محسوماً لصالح الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، وكل ما هنالك أنه قد يحتاج لجولة ثانية لحسم السباق.

الانحياز للأقوى سيحسم الانتخابات النيابية

لعل التخوف الحقيقي الذي يراود كوادر حزب العدالة والتنمية والأحزاب المتحالفة معه ينحصر بفقدان الأغلبية النيابية، ورغم وجود بعض المؤشرات التي تجعل هذا التخوف مُحقاً إلا أن إمكانية حزب العدالة والتنمية وتحالفه على تجاوز تلك العقبة قائمة، وهو المرجح؛ فائتلاف الطاولة السداسية المعارض رغم أنه متوافق على برنامج انتخابي موحد، إلا أن الأحزاب الستة تختلف إلى حد كبير في توجهاتها الأيدلوجية وخلفياتها التاريخية والسياسية. بالإضافة إلى ذلك، هناك قاعدة سلوكية تقول: ينزع الفاعلون في النظم السياسية الهيراركية إلى القفز إلى قاطرة المرشح الرئيسي أو الفائز الراهن، ويحاول هؤلاء زيادة مكاسبهم أو تقليل خسائرهم بالانحياز للطرف الأقوى. هذه القاعدة السلوكية تعني أن معطيات الواقع التي تعكسها استطلاعات الرأي والإحصائيات التي تظهر اليوم قد تتعرض لكثير من التغيرات كلما اقترب موعد الانتخابات، وهنا يمكن القول إن المقدرة على الإقناع وإظهار الثقة بالفوز سوف تكون عاملاً حاسماً في ترجيح كفة أحد الأطراف. وعند الحديث عن المقدرة على الإقناع تبدو كفة الائتلاف الحاكم هي الأرجح نتيجة لتماسك كتلته في مقابل تحالف ظهرت عليه ملامح الهشاشة منذ الأيام الأولى للإعلان عنه، وبالإضافة لعوامل أخرى إعلامية ولوجستية ومالية ونفسية، يُتوقع ألا تحمل الانتخابات التركية القادمة أي تغيير يذكر. ورغم ذلك، يبقى عنصر المفاجأة حاضراً فيما يخص الانتخابات النيابية.

مخاوف مُبالغ فيها رغم مشروعيتها

أصبح السوريون في حيرة من أمرهم، فالمنافسون المحتملون للحكومة الحالية لطالما عبروا عن مواقف متطرفة تجاه اللاجئين السوريين، وعن رغبتهم بتطبيع العلاقة مع النظام السوري دونما قيد أو شرط. في المقابل كانت الحكومة قد أعلنت عن قبولها بفكرة التطبيع مع النظام السوري، وهكذا فالعنوان العام لمشاعر السوريين هو مزيد من الترقب الحذر المشوب بالخوف على مستقبلهم. ويبدو أن تلك المخاوف التي يبديها السوريون قد طرقت مسامع رجال الحكم في تركيا، وهذا ما دفع وزير الدفاع التركي "خلوصي أكار" إلى القول: لن نتخذ أي موقف أو قرار من شأنه أن يضع إخواننا السوريين في مأزق؛ فليرتاحوا. وهذا التصريح إن كان يشير بأحد أوجهه إلى ثقة حزب العدالة والتنمية بالفوز في الانتخابات القادمة؛ يعبر بطريقة أخرى عن حقيقة أن تخوفات السوريين فيها الكثير من المبالغة رغم مشروعيتها.

حتى لو فازت المعارضة

رغم أن احتمال فوز المعارضة بالانتخابات هو احتمال ضئيل جداً، إلا أننا لو افترضنا جدلاً أنها فازت فهل تستطيع أن تلتزم بكل ما بدر عن رموزها من تصريحات ووعود؟ بكل تأكيد لا. فالتصريح من موقع المعارض يختلف جذرياً عنه من موقع المسؤولية، وخاصة فيما يتعلق بالسوريين وقضيتهم، فإعادة اللاجئين بالطريقة التي يتصورها البعض هي فكرة مستحيلة التنفيذ، إلا إذا قررت حكومة المعارضة أن تتحدى المجتمع الدولي وشرائعه. أما بخصوص التطبيع مع النظام السوري فليس أمام الحكومة التركية الجديدة طريق تسلكه سوى الطريق الذي بدأت الحكومة الحالية بسلوكه، وإلا اتُّهمت بالسذاجة والغباء. بل يمكن القول في هذا الصدد: إنه في حال كانت توجهات الحكومة الجديدة نحو الغرب قد يصبح ملف التطبيع أكثر تعقيداً.

إن تخوف الإنسان من التغيير الذي هو طبيعة بشرية، ووجود قناعة لدى المواطنين الأتراك بأن الدولة والتحالف الحاكم الحالي هم الأكثر كفاءة في معالجة تداعيات الزلزال، خاصة مع وجود تجارب إيجابية في حوادث سابقة، سوف تدفع الأتراك للإبقاء على الوضع الراهن. ورغم وجود احتمال لعنصر المفاجأة فيما يخص الانتخابات النيابية، إلا أن التغيرات بخصوص القضية السورية وقضية اللاجئين سوف تكون محدودة، ولكن رغم ذلك، فمستجدات الموقف التركي ومواقف الدول الإقليمية تدعو إلى القلق وتضع السوريين أمام موقف واحد: لا بد من التحرك بكل طاقاتهم وبالسرعة القصوى لإنقاذ قضيتهم.

التعليقات (1)

    نمرود

    ·منذ 11 شهر أسبوعين
    الوضع مطمئن الف بالميه للشعب التركي الذي يعاني ارهاب الاخونجيه والدواعش ومرتزقتهم, اما لكم فهو غير مطمئن واتمنى ان لايكون, لتعودوا الى حيث كنتم يا ارهابيين يا دواعش, حيث المجرم بشار اسد واخوة القاتل بانتظاركم, لانهم وحدهم يعرفون كيف يتعاملون معكم ومع امثال ابو عمشة المجرم
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات