خطف وسرقة ممتلكات.. ميليشيا أسد ومافياته تحوّل حياة أهالي دمشق إلى جحيم

خطف وسرقة ممتلكات.. ميليشيا أسد ومافياته تحوّل حياة أهالي دمشق إلى جحيم

يواجه قاطنو مناطق سيطرة ميليشيا أسد نوعاً جديداً من الابتزاز واغتصاب الممتلكات التي يمارسها عناصر ميليشياته على التجار وأصحاب الأملاك المغتربين، في ظل الفلتان الأمني وتغاضي الجهات المختصة عن شكاوي المتضررين، الأمر الذي دفع الكثيرين لإغلاق محالهم وبيع ممتلكاتهم.

وقد تطورت أساليب السطو في هذه المناطق من فرض الإتاوات من قبل الحواجز الأمنية والسرقة والخطف، إلى غصب ممتلكات الأهالي وترهيبهم بالتقارير الكيدية، مقابل مبالغ شهرية ثابتة تُفرض على التجار والأغنياء، فضلاً عن عمليات البناء فوق الأراضي ذات الملكية الخاصة والعامة.

محيط دمشق يتقاسمه الشبيحة

ويشكو سكان المناطق التي تمثّل حزام العاصمة دمشق، تسلّط المفارز الأمنية والعسكرية واستباحتها بشكل مطلق للممتلكات العامة والخاصة، حتى وصل بها الأمر لتأجير المنازل والمحال التجارية الخاصة، فضلاً عن قطع الأشجار في الحدائق العامة والبساتين الصغيرة التي تعود ملكيتها للمدنيين، في أحياء مثل المزة بساتين ومنطقة دمّر وبرزة وغيرها.

وبحسب من تواصلت معهم أورينت في حي دمر البلد، فإن المنطقة تحولت إلى إمارة يحكمها الفرع 215 التابع للأمن العسكري، الذي بات بمثابة مافيا تقوم بكل عمليات السلب والنهب وغصب ممتلكات السكان دون محاسبة أو رادع.

وتحدثت المصادر عن تحويل المساعد في فرع الأمن العسكري "حسان الخطيب" المعروف باسم (أبو بشار) و "أبو ناصر" رئيس دورية في الفرع "215" عناصر الفرع إلى عصابة ومعهم مجموعة من اللصوص و "أصحاب السوابق" من سكان المنطقة، مهمّتهم النهب والسلب والتسلّط على رقاب المدنيين.

وقالت المصادر: إن عصابة الفرع قامت بالاستيلاء على غالبية المنازل والمحال التجارية في منطقة دمّر التي تعود ملكيتها لمغتربين، وتأجيرها بمبالغ كبيرة، فضلاً عن بناء شقق سكنية ومحال تجارية فوق أراضٍ استولوا عليها بالقوة من أصحابها رغم وجودهم في المنطقة، وتقديم موافقات أمنية للمتعهدين ببناء شقق مخالفة مقابل مبالغ مالية.

وتؤكد المصادر أن كل من حاول تقديم شكوى أو طالب باستعادة ملكية أقاربه المتضررين قاموا باعتقاله وتعذيبه، فضلاً عن التهديد باعتقال أسرهم واختطاف أبنائهم وتلفيق تقارير كيدية تتهمهم بحيازة السلاح والقتال في صفوف المعارضة، ما دفع كثيراً من السكان لمغادرة الحي هرباً من هذا الواقع.

وإضافة إلى غصب الممتلكات، وسّعت عصابة الفرع 215 نشاطاتها من خلال طرح المزارع والحدائق الموجودة في الحي للحطابين مقابل مبالغ لا تتعدى مئة ألف ليرة.

مليشيا أسد تحتكر الجريمة

أما بالنسبة إلى مناطق أخرى مثل حي جرمانا وبلدة الكسوة، فقد أصبحت عمليات السلب والنهب وتفكيك المحوّلات الكهربائية والكابلات النحاسية جريمة منظمة، يشرف عليها مسؤولون أمنيون وقادة في مليشيا الفرقة الرابعة وما يُعرف باسم "الدفاع الوطني" .

ورغم المناشدات التي يطلقها سكان المناطق التي يستبيحها عناصر أسد، وتقديمهم بلاغات لمجلس محافظة دمشق والقصر العدلي، إلا أنها لم تلقَ آذاناً صاغية، بل تطوّر الأمر لتهديدهم بالاعتقال والقتل في حال الاستمرار بتقديم الشكاوي، وهو ما دفع كثيرين لمغادرة مناطقهم.

ويتحدث مدنيون من حي جرمانا، عن إقامة عناصر أسد حواجز طيارة لإيقاف الأهالي نهاراً وابتزازهم من أجل الحصول على مبالغ نقدية لا تتعدى ألف ليرة، أما ليلاً فيتحول العناصر إلى لصوص وقطاع طرق يقومون بنهب ممتلكات السكان وتفكيك الكابلات، إضافة إلى عمليات السلب، حيث سُجلت العديد من حالات الطعن والملاحقة لشبان ومدنيين في الحي ليلاً.

مخبرون وتقارير 

ولا يختلف الوضع بالنسبة إلى الأحياء والأسواق القديمة في المدينة، مثل "باب الجابية وساروجة والقنوات" وغيرها في دمشق، مع تحول الأسواق فيها إلى مصدر رزق لعناصر ميليشيا نظام أسد، من خلال فرض الإتاوات على التجار، وابتزازهم بالتقارير للحصول على الأموال والبضائع.

وبحسب أحد تجار منطقة القنوات وسط العاصمة دمشق، فإن عدداً من أصحاب المحال التجارية بدؤوا فعلياً التفكير بإغلاق محلاتهم للهرب من عمليات الاستغلال والترهيب التي ينتهجها عناصر الأفرع الأمنية.

ويشير إلى أن عناصر الأمن، قسموا أسواق دمشق بينهم، فبالنسبة إلى منطقة القنوات والجابية فهي من نصيب شعبة الدراسات والسياسية، بينما مناطق أخرى من نصيب الأمن العسكري، وعناصر المخابرات العسكرية يسيطرون على الأسواق الرئيسية.

ويقول: إن الكثير من التجار بدؤوا يتهربون من محلاتهم كي يتجنّبوا دفع مبالغ الإتاوات والرشوات، وآخرين صاروا يفرّغون رفوفهم تمهيداً لإغلاق متاجرهم، مضيفاً: "صرنا كيس خرجية للعناصر، وكل عنصر مشغّل معه مجموعة من الشباب مهمتهم جمع الخاوات من التجار، وإما أن تدفع أو تجد نفسك معتقلاً، فهذه المجموعة مهمتها (نقش) التقارير الاستخباراتية، وهذا يعني إرسالك لما وراء الشمس، أو بأحسن الظروف مصادرة البضائع وإغلاق المحل والتغريم بملايين الليرات".

فلتان بموافقة أسد

ويَعتبر الملازم "أحمد سميح" المنشق عن شرطة النظام، أن القيام بهذا النوع من النشاطات لا يتم دون موافقةٍ أو تَغاضٍ من قيادة مؤسسات حكومة النظام، التي تريد تحقيق أهداف كثيرة عبر تسليط العناصر والمليشيات على رقاب المدنيين.

ويقول: "يريد النظام المحافظة على ولاء ميليشياته وذلك من خلال توفير مصادر مالية ثابتة لهم، مع معرفته أن ما يقدمه لهم من مرتبات لا يكفي لاستمرارهم في القتال إلى جانبه، إضافة إلى تعزيز شعورهم بالسلطة والقوة".

ومع ذلك، يضيف سميح: لا يمكن إغفال أن استفحال هذه الظاهرة ناجم عن عدم قدرة أسد على ضبط ميليشياته، التي تضم أصلاً مجرمين ولصوصاً، وتقوم على فكر السطوة والهيمنة، فضلاً عن انتشار السلاح بين السكان، وبالتالي ارتفاع معدل الجريمة.

من الواضح أن حالة الفلتان الأمني وتحول مناطق سيطرة ميليشيا أسد إلى دويلات يحكمها متنفّذون لم تعُد أسبابها تُعزى إلى غياب سلطة القانون فحسب، إنما تحمل رسائل يحاول أسد إيصالها لقاطني مناطقه، على أنهم الفئة الأضعف التي تغذي مليشياته وتبقيهم تحت سلطته.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات