ما الذي يحمله وزير الخارجية السعودي إلى الأسد؟ وهل فشلت المبادرة العربية؟

ما الذي يحمله وزير الخارجية السعودي إلى الأسد؟ وهل فشلت المبادرة العربية؟

أسبوع سوري حافل عربيا بدأ بدعوة وزير خارجية حكومة ميليشيا أسد فيصل المقداد لزيارة السعودية تبعه اجتماع لمجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والعراق، وجولة للمقداد شملت حتى الآن الجزائر وتونس وانتهى بالإعلان عن زيارة لوزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى دمشق اليوم.

لقاء المقداد بوزير الخارجية السعودي تم خلاله تقديم شروط أو طلبات على الأسد تنفيذها من أجل إعادته للجامعة العربية وهو ما أشار إليه البيان الصحفي المشترك، حيث ذكر أن الجانبين بحثا الخطوات اللازمة لتحقيق تسوية سياسية شاملة للأزمة السورية تنهي كافة تداعياتها، وتحقق المصالحة الوطنية، وتساهم في عودة سوريا إلى محيطها العربي، واستئناف دورها الطبيعي في الوطن العربي.

المبادرة العربية واجتماع جدة

عودة سوريا إلى محيطها العربي هو إشارة إلى للجامعة العربية وللمبادرة العربية الجماعية للحل السياسي، وهذا ما بحثه وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي إضافة لمصر والأردن والعراق الجمعة الماضية في مدينة جدة، أي بعد يومين من زيارة المقداد للسعودية، إلا أن الاجتماع انتهى دون اتخاذ قرار أو توصية حول ذلك، ما يعني أن حكومة ميليشيا أسد لم توافق على الشروط أو الطلبات السعودية.

وما يعزز هذه الرؤية إعلان المقداد من الجزائر الأحد الماضي أنه من غير الممكن عودة سوريا للجامعة العربية قبل تصحيح العلاقات الثنائية، وأن زيارات مسؤولي الأسد إلى بعض الدول العربية في الآونة الأخيرة كانت "برغبة مشتركة وتهدف إلى إغلاق صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة في العلاقات بالعالم العربي"، بحسب "رويترز".

وتصريح المقداد يغلق الباب بوجه المبادرة العربية إذ إن الأسد يدرك أن إعادته للجامعة مرتبطة بتلبية مطالب عربية ولذلك اتخذ منحى مغايرا باتجاه الحديث عن العلاقات الثنائية، وهذا الموقف ليس جديدا إذ سبق لبشار الأسد أن أعلنه في مقابلة مع قناة روسيا اليوم في 18 مارس الماضي وذكر أنه أبلغ الوزراء العرب الذين زاروا دمشق، أن شرط العودة للجامعة هو أن يكون هناك علاقات ثنائية جيدة بين نظامه وكل دولة عربية على حدة.

رهان خاسر

ولكن كما يبدو لم ينجح رهان دول اجتماع جدة على حمل الأسد على تغيير موقفه وأن يوافق على الانخراط في الحل السياسي وفق المبادرة العربية، إذ أعاد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي التأكيد على ضرورة التوصل لحل سياسي للأزمة السورية بدور عربي قيادي.

وقال الصفدي إنه تم الاتفاق في اجتماع جدة على الاستمرار في التشاور والتنسيق حول آليات العمل والخطوات القادمة لإطلاق الدور العربي القيادي في جهود حل الأزمة، مشيرا إلى أن الطروحات التي قدمتها السعودية والدول العربية المشاركة التقت مع المبادرة الأردنية.

ومن جانبها كانت قطر أكثر وضوحا في التعبير عن خيبة أمل المجتمعين في جدة، إذ أكدت على لسان المتحدث باسم خارجيتها ماجد بن محمد الأنصاري أن الأسباب التي دعت إلى تجميد عضوية سورية لا تزال قائمة، في حين كانت أعلنت في وقت سابق أنها ستدرس موقفها من عودة سورية للجامعة العربية تبعاً للإجماع العربي.

حكومة ميليشيا أسد تناور

رغم  حرص السعودية على تضمين البيان الصحفي بعد لقاء المقداد ـ الفرحان تصريحا للمقداد يعرب فيه عن تقدير الأسد للجهود التي تبذلها السعودية لإنهاء الأزمة السورية، بهدف إلزامه بالمبادرة العربية إلا أنه استمر في المناورة وأرسل المقداد في جولة عربية أراد من خلالها توجيه رسالة بأنه يستعيض عن الجامعة العربية بالعلاقات الثنائية، وهذه الرسالة موجهة للسعودية بشكل خاص ولا سيما أن الأسد استتبعها بتسريبات عبر متحدثين غير رسميين باسمه بينهم بسام أبو عبد الله برفض بيان جدة وعدّ المطالب العربية ابتزازا غير مقبول وبأن لدى نظامه ديمقراطية أكثر من غيره.

ورغم تضمين البيان المشار إليه أيضا مصطلح الأسد" المصالحة الوطنية" إضافة للحل السياسي وفق المبادرة العربية وموافقة السعودية على فتح قنصليتها بدمشق إلا أنه  سعى إلى ابتزازها أكثر دون أن يقدم على أي خطوة باتجاه ما تطرحه، إذ روج أن زيارة المقداد للسعودية هي من باب المصالحة، وبأنها مراكمة لما في جعبته من علاقات ثنائية في حين أن مسألة عودة سورية للجامعة العربية قد لا تضيف الكثير إلى ذلك التراكم، بحسب عبد المنعم علي عيسى المحلل السياسي في صحيفة الوطن التابعة للأسد.

زيارة بن فرحان

الصحيفة ذكرت استنادا إلى ما أسمتها بمصادر دبلوماسية عربية متابعة أن المرحلة السياسية الحالية تجاوزت الأجندات التي طرحت في اجتماع جدة ووصفت تلك الأجندات بأنها تقف عائقا في وجه مواصلة استعادة العلاقات العربية- العربية لعافيتها مشيرة إلى استمرار الأجواء الإيجابية والتي اكتسبت زخماً كبيراً مع زيارة المقداد للسعودية والزيارة المرتقبة لوزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى دمشق اليوم.

الأسد سارع لاستثمار زيارة بن فرحان إلى دمشق، اليوم، بأنها تندرج ضمن علاقات ثنائية وبأنه سيلتقي بشار الأسد، ولكن يرجح أنها تعكس حال استعصاء المبادرة العربية وللسماع منه شخصيا موقفه منها، وحتى ساعة إعداد التقرير لم تصدر بعد تصريحات رسمية من الجانبين حول هذه الزيارة.

الصمود على ذات المواقف هو عنوان سياسة الأسد ، وقد عبر عنه بشار الأسد صراحة حين وصل بسرعة إلى مكان الزلزال الأخير وقال بلحظة انفعالية لا تخفي فرحه "إنه الصمود"، وإن المراهنة على تغيير موقفه وتقديم تنازلات للعرب ضرب من الخيال فهو دائم التعويل على عامل الوقت وتغير الظروف والمعطيات دون النظر إلى أوضاع السوريين.

ماذا سيفعل العرب؟

ويعيد رفض حكومة ميليشا أسد المبادرة العربية الأذهان إلى مبادرة مماثلة كان العرب طرحوها بعيد اندلاع الثورة وتم على أساس رفضه لها تعليق الجامعة العربية عضوية سوريا فيها وفي كلا المبادرتين كان دور إيران الداعم للأسد واضحا بالنسبة إليهما، إنما الذي اختلف الآن هو أنه يناور من منطلق أنه منتصر، والسعودية ملتزمة باتفاقها مع إيران التي تحرك الأسد للضغط على العرب. 

ليس بيد العرب بمفردهم أدوات ضغط على الأسد، وإن تحدثوا مرارا أنه آن الأوان لرفع المعاناة عن الشعب السوري فهذا لا يعنيه بل على العكس هو من يمارس الضغوط على العرب ولا سيما في ملف الكبتاغون الذي أخذ شكل عمليات منظمة كبرى بدأ من خلالها التلويح بتهريب السلاح وتهديد الأمن الأردني والخليجي، وأيضا بالنسبة معبر نصيب الذي يعد موردا اقتصاديا أساسيا للأردن. 

الخطوة القادمة أمام العرب بعد رفض الأسد مبادرتهم إن هم أرادوا الاستمرار بطرحها هي الحصول على دعم غربي وهذا ما لمح إليه الأردن عبر تصريح لأحد مسؤوليه بأنه تم إطلاع واشنطن ودول أوروبية رئيسية على المبادرة وبأن دعم الغرب أمر حاسم لإنهاء الأزمة، إلا أنه لم تصدر مواقف غربية صريحة في هذا الإطار، وأيضا هناك أهمية خاصة لحصول العرب على دعم تركيا لمبادرتهم والتنسيق معها بالنظر لما تمثله من حضور عملاني في الساحة السورية.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات