ما الذي قدمته روسيا لمصر من أجل التطبيع مع الأسد؟ ومتى سيلتقي السيسي وبشار؟

ما الذي قدمته روسيا لمصر من أجل التطبيع مع الأسد؟ ومتى سيلتقي السيسي وبشار؟

بات واضحاً الدور المحوري الذي لعبته روسيا في تسريع وتيرة التطبيع بين النظامين في دمشق والقاهرة، حيث لعب الاقتصاد إلى جانب السياسية دوراً بارزاً في ذلك، على الرغم من عدم وضوح نتائج الزيارة التي أجراها وزير خارجية نظام ميليشيا أسد إلى مصر يوم السبت.

فبينما تحدثت مصادر متقاطعة عن أن الزيارة، وهي الأولى من نوعها منذ عام ٢٠١١، كان في مقدمة مهماتها الترتيب لعقد قمة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وبشار أسد، أكدت مصادر عربية لـ"أورينت نت" أن مثل هذا اللقاء لن يحدث قبل أن ينفذ النظام خطوات واضحة تعبد طريق الحل السياسي وتمهد لإخراج إيران من سوريا. 

ورغم أن هذه المصادر كانت حاسمة بما يخص حتمية التطبيع بين النظامين، إلا أنها شددت أن ذلك لن يكون بدون تنازلات جوهرية يقدمها نظام ميليشيا أسد من أجل تطبيق الحل السياسي وفق القرارات الدولية الخاصة بسوريا، وهو ما أبلغه المصريون لفيصل مقداد، كما تقول.

 

لماذا مصر؟

لكن ما الذي يجعل مصر وجهة أساسية بالنسبة لنظام أسد، في وقت تنفتح فيه أبواب الدول العربية الغنية والأكثر فاعلية في الملف السوري أمامه؟

سؤال طرحته "أورينت" على كل من الديبلوماسي السوري السابق بسام بربندي، والمحلل السياسي المصري الدكتور سعيد صادق.

بربندي ذكّر من ناحيته أن مصر كانت أول دولة عربية تستأنف الاتصال مع نظام أسد على الصعيد الأمني منذ عام ٢٠١٤، وكانت أول زيارة معلنة لرئيس جهاز المخابرات في النظام علي مملوك إلى القاهرة عام ٢٠١٦.

"هذا الانفتاح المصري المبكر على دمشق ساعد القاهرة في أن تكون شريكة الأردن في طرح المبادرات السابقة، ومنها مبادرة الخطوة مقابل خطوة، من أجل كسر عزلة النظام مقابل تحقيق اختراقة في الاستعصاء السياسي، وبالتالي، فإن هناك أرضية جاهزة لعمل الطرفين معاً" كما يقول بربندي".

من جانبه أشار د. صادق إلى أن عدم انخراط مصر في الصراع السوري بشكل مباشر، وتحديداً بعد تسلم الرئيس عبد الفتاح السياسي الحكم، جعل من القاهرة طرفاً موثوقاً بالنسبة "للنظام السوري".

وأضاف: النظام المصري أكد منذ الوصول للحكم عام 2013 دعمه للدولة السورية بما يخص التصدي "للتنظيمات الإرهابية" وللحكومة المركزية حتى لاتسقط الدولة، لكن العامل الأبرز اليوم الذي يدفع مصر للتطبيع مع نظام الأسد هو إرضاء موسكو التي تدعم النظامين في دمشق والقاهرة. 

صادق، وهو دكتور في علم الاجتماع السياسي، يشير إلى أن "روسيا من أهم موردي القمح والذرة لمصر، لذلك فإن خطوة القاهرة تحقق لها فوائد على هذا الصعيد، كما إن سوريا تفيد مصر في إحداث توازن مع تركيا، وتقوية النظام السوري في التفاوض مع تركيا مهم لمصر، إذ ورغم أن العلاقات المصرية التركية تتحسن لكن لا تزال تواجه تحديات".

 

أجواء الزيارة

السؤال الآخر الذي طرحته "أورينت" على الضيفين كان حول قراءتهما لأجواء زيارة وزير الخارجية في حكومة ميليشيا أسد للقاهرة وتقييمهما لدرجة النجاح الذي حققته.

سؤال أجاب عليه الدكتور سعيد صادق بالقول: لا يمكن الجزم بأن هذه الزيارة تعني عودة العلاقات بشكل كامل بين الطرفين، وخاصة العلاقات الاقتصادية بسبب قانون قيصر الأمريكي، لكن تعزيز العلاقات الديبلوماسية مع الدولة السورية تمثل الآن رغبة عربية وروسية وصينية، وهذا قد يصطدم باعتراض أمريكي-إسرائيلي، لكن بشكل عام التطبيع المصري السوري الذي يتم العمل عليه حالياً هو جزء من حركة تطبيع ومصالحة كبرى بين دول المنطقة، وتشكيل تحالفات جديدة تلعب فيها روسيا والصين دوراً كبيراً.

أما بسام بربندي، ورغم أنه كان متأكداً من أن هذه الزيارة تمثل خطوة متقدمة جداً على صعيد كسر عزلة نظام أسد، إلا أنه يسجل ملاحظة على أجوائها، ويقول إنه يجب أخذها بعين الاعتبار عند تقييم الزيارة.

هذه الملاحظة هي التباين الواضح في طبيعة تصريحات الجانب المصري بالمقارنة مع تصريحات الوفد السوري، إذ وبينما كان المصريون يتحدثون عن المستقبل وضرورة تطبيق حل سياسي عادل في سوريا وفق القرار ٢٢٥٤، بما في ذلك إطلاق سراح المعتقلين وضمان عودة آمنة للاجئين والمهجرين من أجل وقف التغيير الديموغرافي في البلاد، وخروج كافة القوات الأجنبية من سوريا، وفي مقدمتها القوات والميليشيات الإيرانية، كان وفد نظام الأسد يتحدث عن الماضي عندما حصر تصريحاته بالتأكيد على انتصار النظام وتقويض المؤامرة ودحر الإرهاب.. وما إلى هنالك من هذا الخطاب الخشبي، ما يؤكد أن النظام لم يتغير بشكل يدفع للتعويل على التزامه بما يطلب منه.

 

ماذا بعد الزيارة؟

السؤال الثالث بدت الإجابة عليه معقدة إلى حد ما، خاصة بالنسبة لبربندي الذي أكد مجدداً أنه لا يمكن الوثوق بوعود النظام التي يقدمها للعرب، وتحديداً فيما يخص إخراج إيران من سوريا.

لكن مع ذلك، يؤكد الديبلوماسي السوري المعارض، أن الوجود العربي الفاعل في الملف السوري هو أمر مهم على أية حال حتى لا تبقى سوريا بين إيران وتركيا والروس، لكن الخطير هو أن تقدم الدول العربية الدور على النتائج، والمصلحة الأمنية والتوازنات مع تركيا وإيران على مصلحة الشعب السوري الذي قدم كل التضحيات من أجل التغيير، وهذا ما سيتضح لاحقاً، فالزيارة لا يمكن الحكم عليها مباشرة، و"إن كنت لا أعتقد أن مصر تغير موقفها الذي يصر على أن يقدم نظام الأسد خطوات جادة وحقيقية مقابل إعادته للجامعة العربية والتطبيع الكامل معه" يختم بربندي.

أما تقديرات الدكتور صادق، فترجّح المضي قدماً في التطبيع الثنائي بين القاهرة ودمشق كجزء من ديبلوماسية التطبيع والمصالحة التي تعم المنطقة، معتقداً أن القمة بين الرئيس السيسي وبشار أسد باتت على الأجندة بالفعل.

ويقول: الموقف المصري من الوضع في سوريا أدى أحياناً لصدامات ديبلوماسية مع دول عربية أخرى، لكن ومنذ عام 2019 وتحديداً مع "قمة العلا" بدأت سلسلة من المصالحات الإقليمية أثمرت تغيراً في المواقف، بدءاً بالصلح مع كل من قطر وتركيا وانتهاءً بالصلح السعودي - الإيراني، وبينهما الحديث عن لقاء قمة بين بشار الأسد والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وعليه ليس من المنطقي أن تصطلح تركيا مع الأسد ولا يصطلح العرب معه، خاصة مصر التي سمحت بعد الاتفاق بين الرياض وطهران بالسياحة الإيرانية في مصر، ولذلك أعتقد أن اللقاء الدبلوماسي اليوم قد يمهد بالفعل للقاء قمة بين السيسي والأسد والذي يسبق ربما لقاء أردوغان والأسد، وربما تقوم السعودية التي تستضيف القمة العربية في أيار/ مايو القادم بدعوة بشار الأسد إليها، رغم أن عودة سوريا للجامعة العربية ليست هي المهمة الملحة حالياً.

قبل توجه وزير خارجية حكومة ميليشيا نظام أسد إلى القاهرة يوم السبت بعدة أيام، التقى نائب وزير الخارجبة الروسي بسفيري النظام ومصر في موسكو، الأمر الذي يؤكد حجم الدور الذي لعبته روسيا في الإعداد والترتيب لهذه الزيارة.

وفي الوقت نفسه كشفت مصادر أخرى عن احتمالية توجه الرئيس المصري عبد الفتاح إلى الرياض لعقد لقاء سريع مع ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان، الأمر الذي تربطه هذه المصادر بتطورات الملف السوري، ما يستدعي انتظار كل ما سيرشح عن هذا الحراك الديبلوماسي النشط من أجل الوقوف على تطورات الموقف ومدى تقدم المبادرة العربية المطروحة للحل في سوريا وما هي تفاصيلها الكاملة.

التعليقات (2)

    بوطيب المغرب

    ·منذ سنة شهر
    باختصار..كل هذا السابق العربي إلى دمشق هو الرغبة في قطع الطريق على تركيا و قوتها في سوريا و التي هي الأخرى تريد التطبيع..أما ما يكنه العرب اتجاه النظام السوري لازال في محله..نظام خاصع لايران

    Ayman Jarida

    ·منذ سنة شهر
    الموضوع لا يستاهل النشر مافيات تتصالح عند على يد كاهن المافيات فلاديمير نتن
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات