وسط تسارع عمليات التطبيع.. مخاوف السوريين من تبديل الدول الإقليمية موقفها من بشار الأسد

وسط تسارع عمليات التطبيع.. مخاوف السوريين من تبديل الدول الإقليمية موقفها من بشار الأسد

تتزايد نقمة الشارع السوري المعارض من أداء مؤسسات المعارضة وغيابها عن المشهد السياسي، رغم المتغيرات التي طرأت على الملف السوري الذي يضج بالتطورات المتلاحقة، مع تبدل مواقف العديد من دول المنطقة تجاه ميليشيا أسد بعد كارثة الزلزال.

فبعد أشهر من الركود، أحدث الزلزال، الذي ضرب سوريا وتركيا في السادس من شباط الماضي، حراكاً غير مسبوق على المستوى السياسي، بدأ بالحديث عن المبادرة العربية وتوجه المزيد من الدول إلى دمشق، وما تبعها من زيارة بشار أسد لسلطنة عمان وروسيا، وغير ذلك من المؤشرات التي تظهر تهشم العزلة المفروضة على النظام.

قلق سوري متفهم

وتلقى المعارضون السوريون هذه التطورات بقلق واضح، خاصة بعد زيارات أسد الخارجية وما أثارته من تنبؤات حول تجاوب مبدئي من قبل النظام مع المبادرة العربية، فضلاً عن تسرب معلومات عن تقارب محتمل بينه وبين السعودية، وتوجه الرياض لرفع التنسيق إلى المستوى الدبلوماسي وإعادة فتح السفارات، ما يعني خسارة موقف الرياض الذي مثل الجدار المانع لإعادة تعويم أسد عربياً منذ سنوات.

ويعتبر الباحث في مركز جسور للدراسات "وائل علوان"، أن مخاوف السوريين محقة في ظل تبدل مواقف الدول الإقليمية بناءً على مصالحها التي أجبرت الكثير منها لإعادة الخطوط المنقطعة مع نظام أسد.

وأرجع "علوان" هذا التحول إلى عدة ركائز، أهمها تراخي الإدارة الأمريكية المترددة، وسياساتها القائمة على صناعة توازن الضعف، والأمر الآخر هو موقف حلفاء أسد القوي والداعم الذي فرض على الكثير من الدول إعادة النظر في سياساتهم تجاه سوريا.

ويقول علوان في تصريح لـ"أورينت": إن الموقف الغربي دائماً ما تعامل مع القضية السورية بمبدأ إطالة أمد الأزمة، وجعل الكفة متوازنة بين القوى المتناحرة دون تقديم أي حلول جدية وفاعلة، وهذا انعكس على عمل المعارضة المتخبط وغير المنضبط. 

وأضاف، بالمقابل فإن حلفاء الأسد من روسيا والصين وإيران ظلوا حازمين في دعمهم ومناصرتهم له، وهذا ما زاد من توقعات إعادة تعويم النظام، بالنظر إلى التغيرات والتطورات الإقليمية والدولية.

لكن ورغم تصاعد مؤشرات عودة تأهيل ميليشيا أسد، يؤكد علوان أن عملية تعويمه لا تزال مبكرة، في ظل وجود مدخلات كثيرة تؤثر على هذا المسار، ولعل أبرزها سلوكه المستمر في إحباط هذه المحاولات داخلياً ومواقفه الخارجية المناصرة لروسيا بما يخص حربها في أوكرانيا.

معارضة ساكنة

وفي خضم هذه التطورات الكبيرة والمتسارعة، وتوافر الأوراق التي يمكن استغلالها، تغيب المعارضة بمؤسساتها الرسمية، وفي مقدمتها الائتلاف الوطني عن الواجهة السياسية، الأمر الذي اعتبر استمراراً لحالة السبات الذي تعيشه منذ فترة طويلة وتخلفها عن أداء أبسط المهام التي وجدت لأجلها.

ويعيب منتقدو أداء مؤسسات المعارضة فشلها في استغلال حديث أسد عن توسعة الوجود العسكري الروسي في المنطقة الذي يمثل تهديداً للمصالح الأمريكية، وتصريحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي التي تكررت مؤخراً، والرافضة للتطبيع مع الأسد، وعدم مبادرة هذه المؤسسات لفتح القنوات المغلقة مع الإدارة الأمريكية من أجل ذلك، وتكثيف الزيارات لمراكز القرار في تلك الدول لتحقيق المزيد من الدعم السياسي.

ويعتقد المحلل السياسي "درويش خليفة"، أن شعور تلاشي دور المعارضة السياسية لم يعد خاصاً بالسوريين فقط، بل تسرب إلى داخل تلك المؤسسات التي يفترض أن تكون فاعلة، مع انقطاع تواصلها بالدول الفاعلة وحتى المعارضين الموجودين فيها.

وأردف أن العمل السياسي بحاجة إلى الجهد، والائتلاف الوطني بموقفه الحالي كجهة معارضة خارج السلطة، فهو قادر على التحرك وإيجاد الحلول المتوفرة فعلياً، منها دعم موقفه في مناطق الشمال السوري التي تضم أربعة ملايين سوري، وحتى التوجه نحو سلطات الأمر الواقع شرق الفرات وهو توجه تدعمه واشنطن بقوة، إضافة إلى قدرته على إعادة الخطوط المنقطعة مع الدول الغربية والعربية.

لكن هذا التحرك بحاجة إلى جهود وعمل للخروج من حالة السبات التي يعيشها الائتلاف، وإعادة العلاقات مع المنصات السياسية السورية والشخصيات التي تم تهميشها في الدول الفاعلة اليوم، مثل السعودية وقطر والأردن ومصر، بحسب ما يوضح خليفة.

وأضاف المحلل السوري أن جمهور الثورة والمعارضة فقد إيمانه بالائتلاف أو هيئة التفاوض وغيرها من المؤسسات والمنصات التي تشكلت بناء على الحاجة في وقتها، وهذا الأمر يعود إلى سكون المعارضة وعدم قيامها بأي جهد لعرقلة تعويم نظام أسد، واقتصار دورها على دعم المواقف الغربية فقط، وبالتالي فقدت المعارضة قيمتها لدى حلفائها المفترضين أو التقليديين وأصبحت مهمشة كلياً.

مسار قديم

لكن الناشط السياسي "رضوان الأطرش"، اعتبر أن مسألة التطبيع مع أسد بدأت منذ بداية تراخي المجتمع الدولي في تطبيق القرارات الدولية التي تطالب بانتقال سياسي في سورية وعلى رأسها القرار2118 بعد استعماله الغاز الكيماوي ضد الشعب.

ويؤكد أن الجهود المبذولة من أجل التطبيع مع الأسد لم تكن وليدة الأيام الأخيرة، لكن الزلزال الأليم الذي ضرب الشمال والذي حاول النظام من خلاله تسويق نفسه سرّع من وتيرتها، وتم تقديم مساعدات من دول عربية وغربية لم تكن ذات طابع إنساني بقدر ما كانت سياسية.

أما بالنسبة للمعارضة، يضيف الأطرش، فقد أثبتت فشلها منذ أيامها الأولى عندما وضعت نفسها ضمن اصطفافات دولية على حساب القضية السورية، وتحولت إلى منفذة لأجندات الدول.

ويرى أن مسؤولية المحافظة على مكتسبات الثورة وتضحيات الشعب، تقع حالياً على عاتق النخب الوطنية المستقلة، وهي مطالبة بتقديم برنامج يهتم بالمصلحة الوطنية ويؤكد على وحدة الشعب السوري في الهدف والمصير، والعمل على فتح حوار جاد وحقيقي ما بين مكونات الشعب على أمل الوصول إلى ميثاق سياسي جامع.

لكن هذه الأماني لا تزال بعيدة كلياً، خاصة أن السوريين يساوون في نظرتهم اليوم بين كثير من قوى وشخصيات المعارضة المستقلة، وبين الائتلاف الوطني ومؤسسات المعارضة الأخرى، التي تعيش حالة من الضعف والتناحر، أفقدتها مكانتها داخلياً وخارجياً، وأثبتت فشلها وعدم رغبتها بالتحرك لإيجاد حلول جدية قد تعيد الأمل بعملها على الصعيد الداخلي أو الخارجي.

 

التعليقات (3)

    انا ما بهمني العربان

    ·منذ سنة شهر
    لك هاد كلو حبر ع ورق ..واذا يعني السعودية طبعت مع بشار الكيماوي ؟!! طز .. انا بهمني اميركا و الغرب و بس لان الغرب هو صاحب القرار السياسي بالعالم …واميركا ما بتحط ايدا بإيد روسيا و بشار وايران ..الباقي زيادة عدد

    محمد

    ·منذ سنة شهر
    كل ما قلته صحيح ولكن حديثك عن فشل المعارضة انت مخطأ لان انت قبل غيرك يعلم بأن المعارضة لاحول ولا قوة ثانيا كلامك عن بعض الحكام العرب فهم بالاساس مطبعين ضمنيا اما ضاهريا بعضهم عالاساس هم معنا ولكن كما يقال المي تكذب الغطاس إثنا عشر سنة وحلفاء بشار ابن انيسة لايكلون ولا يملون في الدفاع عنه اما من يدعون عالاساس هم مناصرين الشعب السوري لماذا استسلموا ورفعوا الراية البيضة امام حلفاء بشار إلا مارحم واستثني بذلك قطر بارك الله فيها فعلا صدقت الوعد والوعيد ...هل علمت سبب فشل المعارضة والمجتمع الدولي هو من يحاول ان يفشلها ...ولكن وبعون الله لن تفشل تعلم لماذا .....لان إتكالونا على الله ....اللهم انصرنا اللهم انصرنا اللهم انصرنا على بشار ابن انيسة ...اللهم آميييين

    Aatef Abu Nabeel

    ·منذ سنة 4 أسابيع
    منذ بداية الثوره كانت الغلبه والقوه للثوره و الثوار ولكن المجلس الوطني الائتلاف لم يعمل على الاستفاده من هذه الفتره بل ظهر على السطح صراعاتهم على الكراسي المكاسب الخاصه وعدم تداول السلطه وهذا خذلان للحاضنه الامر الذي أدى إلى نفور الغرب والشرق من تصرفات أعضاء الائتلاف
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات