تضم ألفي عنصر.. ماذا وراء سعي إيران لتشكيل ميليشيا "عشائرية" في دير الزور؟

يبدو أن التصعيد الذي شهدته مناطق ريف دير الزور الشرقي بين ميليشيات إيرانية وقوات التحالف بقيادة واشنطن، قد سرّع من مخططات إيران الهادفة إلى ترسيخ نفوذها، عبر توسيع دائرة اختراق الأوساط العشائرية، مستعينة بوجهاء محليين.

فبحسب تقارير إخبارية محلية، شرعت ميليشيا الحرس الثوري الإيراني بتشكيل ميليشيا عربية (عشائرية)، واجتمعت لهذا الغرض قبل أيام بوجهاء من بعض العشائر، للبدء في تشكيل هذه القوة، التي سيشرف عليها نواف البشير أحد شيوخ عشيرة "البكارة"، بالتشارك مع القيادي في ميليشيات "القاطرجي" عبد الله الحسين.

وأوضح موقع "جسر" المراقب للتحركات في دير الزور أن قوام الميليشيا نحو 2000 عنصر من أبناء العشائر، مبيناً أن "كبار مسؤولي الحرس الثوري الإيراني ومنهم الحاج مهدي، ورئيس الميليشيات القبلية الحاج مالك، والمسؤول الأمني في الحرس الثوري الإيراني العامل في سوريا الحاج كميل، والمدير السابق للمركز الثقافي الإيراني في دير الزور الحاج حسين، فضلاً عن قادة محليين من أبناء دير الزور، حضروا الاجتماع".

وفي الاجتماع تعهد المسؤولون الإيرانيون بمنح بطاقات أمنية خاصة لتسهيل حركة المتطوعين الجدد، وتشجيعهم على الانضمام، إلى جانب تقديم مكافآت مالية لكل مجنّد، كنوع من الحوافر لزعماء القبائل من أجل تسهيل إقناع أبناء القبائل بالانضمام ودعم أنشطة التجنيد.

وليست المرة الأولى التي تتحرك فيها إيران على هذا الخط في دير الزور، لكنها الأخطر حسب وصف مصادر محلية من دير الزور لـ"أورينت نت"، حيث تخطط ميليشيا الحرس الثوري الإيراني لإحكام سيطرتها على المنطقة.

ويقول مدير منظمة "العدالة من أجل الحياة" الحقوقي جلال الحمد، إن المسعى الإيراني الأخير يهدف لزيادة شعبيتها في بيئة رافضة أساساً، موضحاً لـ"أورينت نت" أن "خطورة المسعى الإيراني الأخير، هو تشكيل ميليشيا عربية، بقيادة عشائرية أيضاً، تحظى بحماية محلية، على عكس الميليشيات الأجنبية التي استقدمتها طهران".

الأموال لاستمالة العشائر

وتستغل إيران الوضع المعيشي الصعب في ريف دير الزور وحاجة الأهالي للتغلغل في الأوساط العشائرية، كما يؤكد الحمد، إلى جانب إغراء السلاح والسلطة كذلك، ويقول: "قد يحظى الحراك الإيراني بقبول مؤقت، لكن على المدى البعيد ستبقى البيئة المحلية معادية للوجود الإيراني".

بدوره، يؤكد المنسق العام للمجلس الأعلى للقبائل والعشائر السورية، الشيخ مضر حماد الأسعد، الأنباء عن زيادة الحراك الإيراني الهادف إلى اختراق العشائر العربية مؤخراً، وتحديداً بعد زيادة المناوشات التي تشهدها المنطقة بين الميليشيات والجيش الأمريكي.

ويقول لـ"أورينت نت"، سابقاً استدعت إيران بعض وجهاء العشائر إلى طهران، بهدف تشكيل ميليشيا "الحشد الشعبي السوري" التابعة لقيادة الحرس الثوري، على غرار تجربة العراق.

بالتنسيق مع ميليشيا "حزب الله"

وعلى حد تأكيد الأسعد، فإن التحركات الإيرانية تتم بتنسيق مع ميليشيا "حزب الله" اللبناني الذي يوجد في منطقة الجزيرة والفرات (الحسكة، القامشلي، دير الزور)، حيث تخطط طهران إلى السيطرة على قرار العشائر العربية.

ويشير المتحدث العشائري، إلى بعض الأساليب التي ابتدعتها إيران لهذا الغرض، ومنها استغلال انتماء بعض العشائر لآل بيت النبي الكريم محمد، والدخول من هذا الباب بحجة حماية "آل البيت".

ويحذر الأسعد وجهاء العشائر من خطوة المخطط الإيراني، ويقول: "المخطط يستهدف الشباب من خلال السلاح ونشر الانحلال الخلقي، وطهران تستغل الانقسام داخل المنظومة العشائرية".

تفريخ الميليشيات

من جانب آخر، لا يمكن عزل الحراك الإيراني عن خطة تفريخ الميليشيات التي تنتهجها إيران في سوريا والعراق، بحيث تمكنها كثرة الميليشيات من التماهي مع الضغوط والمطالب الإقليمية والدولية بالحد من تواجدها في سوريا، وخاصة مع زيادة الانفتاح الخارجي على ميليشيا أسد، حيث يسود اعتقاد في إيران أن الميليشيات تمثل ورقة رابحة بيدها.

 ويقول الناشط الإعلامي أبو الوليد البوكمال، إن إيران شكلت ميليشيات ومجموعات عديدة في دير الزور وغيرها، مبيناً لـ"أورينت نت" أن إيران توجهت مؤخراً نحو العشائر، لسهولة جذب العناصر من أبناء المنطقة.

إلا أن إيران تخشى في الآن ذاته من تزايد نفوذ الميليشيات غير المنضبطة في دير الزور، وهو ما دفعها مؤخراً إلى التوجه نحو المنظومة العشائرية القادرة إلى حد ما على فرض نوع من الانضباط، والقادرة كذلك على مواجهة تهديد خلايا تنظيم داعش.