تحقيق: بشار الأسد يغزو الأردن جواً بالمخدرات

تزداد ظاهرة استخدام الطائرات المسيَّرة في تهريب المخدرات عبر الحدود الأردنية السورية، ما يشكّل تحدّياً أمنياً للدول المستهدَفة.

وكشف تحقيق لموقع "العربي الجديد" كيف تحوّلت هذه الطائرات إلى وسيلة جديدة ومتطورة تحمل المواد المخدرة، وتشكل تحدّياً أمام الجهات الأمنية في الدول المستهدفة.

ووفقاً لأهالي درعا فإنهم يسمعون طنين الطائرات المسيَّرة المحملة بالمخدرات والتي تحلق فوق منطقتهم والتي لا تبعد سوى 25 كيلومتراً عن الحدود السورية الأردنية.

ونقل التحقيق عن ضابط في صفوف الفرقة الرابعة التابعة لميليشيا أسد، أحمد مسعود (اسم مستعار)، الذي يعمل في تل شهاب، قوله إنه شاهد أثناء تكليفه بدورية جوّالة على الحدود السورية الأردنية، "الدرون" في أثناء خروجها من المدرسة، التي اتخذها النظام مركزاً للتسوية العام المنصرم، وحوّلها إلى ثكنة عسكرية، ومن ثم سيطرت عليها ميليشيات الدفاع الوطني وميليشيا حزب الله اللبناني، مضيفاً أن "بلدة تل شهاب المتاخمة للحدود الأردنية تحوّلت إلى مركز تهريب للمخدرات عبر الطائرات المسيَّرة".

مخدّرات عابرة للحدود

وأوضح التحقيق أنه في 17 فبراير/ شباط 2021، أعلنت القوات المسلحة الأردنية خلال جولة نظمتها القيادة العامة على الحدود الأردنية السورية أن محاولات تهريب المخدرات عبر الحدود باتت "منظمة ويستعين المهربون بالطائرات المسيَّرة".

ويوظّف المهربون الدرون على الحدود الشمالية الأردنية المحاذية للجنوب السوري، إذ يُستخدم بعضها للتجسس، بالإضافة إلى حمل المخدرات باتجاه الحدود الأردنية، بحسب ما كشفه الجيش الأردني في بيان نشره على موقعه الإلكتروني، وبحسب رده المكتوب على "العربي الجديد"، فإن جميع الدرونز التي استُخدمت من الجانب السوري في محاولة لإدخال المخدرات إلى الأردن جرى التعامل معها، إما من خلال إسقاطها، وأخرى تُكتشَف في أثناء تحليقها، وبالتالي يعيدها المهربون إلى الجانب الآخر من الحدود.

وعلى الجانب السوري، قال مسعود إنه عندما أعلن الجيش الأردني في 14 مايو/أيار من عام 2022 إسقاط عناصر حرس الحدود الأردني في المنطقة العسكرية الشرقية طائرة مسيَّرة محمّلة بالحبوب المخدرة قادمة من سوريا، "في الحقيقة، أنه في تلك الأثناء عبرت مجموعة يصل عددها إلى 30 مسيّرة من منطقة محاذية وبارتفاع أكبر، بعد أن ظن الجيش الأردني أنه قد أوقف عملية التهريب في ذلك اليوم بإسقاط تلك الطائرة، التي كان أمر إطلاقها مدروساً من قبل المجموعة التي تهرّب المخدرات، في محاولة لإشغال الجيش الأردني ريثما تعبر قافلة مسيّرات"، بحسب ما نقله مسعود عن أحد عناصر عشيرة الرمثان البدوية التي تقطن قرية الشعاب في ريف محافظة السويداء السورية، وينتشر أفرادها على جانبي الحدود في سوريا والأردن، وتورّط أحد أبنائها، وهو مرعي الرمثان، في تلك العمليات، إذ لديه ميليشيا تنفّذ مهام أمنية في البادية لصالح المخابرات العسكرية السورية، وبالبحث عبر محرك البحث القانوني (قسطاس)، وجدت مُعدّو التحقيق أن اسم مرعي الرمثان ورد في 40 قضية لدى محكمة أمن الدولة بتهمة استيراد المواد المخدرة وتهريبها والاتجار بها.

تنفيذ عمليات إسقاط لمسيَّرات

وأشار مسعود إلى أن واقعة إسقاط الطائرة من قبل الجيش الأردني في مايو أيار لم تكن الأولى، بل سبقتها عمليات أخرى، دون أن تُعلَن، وهو ما يؤكده شاهد العيان المنحدر من قرية الشعاب السورية محمد عمران الزرباني، الذي يروي أنه ارتحل بأغنامه صوب الحدود الأردنية بحثاً عن مناطق صالحة للرعي، وشاهد طائرة مسيَّرة في أثناء سقوطها بتاريخ 26 فبراير/ شباط من العام الماضي، في منطقة قضاء دير الكهف في لواء البادية الشمالية في المفرق شمال عمّان قرب الحدود مع سوريا، وسبق ذلك أصوات عيارات نارية، بحسب قوله.

وبحسب ما رصده مُعدّو التحقيق، فقد أعلن الجيش الأردني تنفيذ 3 عمليات إسقاط لمسيَّرات، أولها في 21 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، وفي 14 مايو أيار 2022، وكذلك في 25 فبراير شباط 2023، إذ أسقطت قوات حرس الحدود طائرة مسيَّرة قادمة من سوريا حاولت اجتياز الحدود الأردنية، وهي تحمل قنابل يدوية وبندقية، بحسب بيان الجيش الأردني عقب الحادثة.

وذكر اللواء طيار المتقاعد من سلاح الجو الملكي الأردني مأمون أبو نوار، أنه "لا يمكن تجاهل دور المسيرات في عمليات التهريب المستقبلية"، لافتاً إلى أن هذه التكنولوجيا الجديدة وأنواعها المختلفة تعتبر المستقبل لعمليات التهريب عبر الحدود.