ثلاثة أيام من التصعيد شرق سوريا ومسؤولو نظام أسد وإعلامه يلتزمون الصمت

ثلاثة أيام من التصعيد شرق سوريا ومسؤولو نظام أسد وإعلامه يلتزمون الصمت

التزم مسؤولو النظام ووسائل إعلامه الصمت إزاء التصعيد المستمر حتى ساعة إعداد هذا التقرير في دير الزور والميادين شرق البلاد بين القوات الأمريكية والقوات الإيرانية وميليشياتها، والذي بدأ بعد قتل متعاقد أمريكي وإصابة خمسة جنود إثر استهداف مسيّرة إيرانية منشأة صيانة في قاعدة للتحالف الدولي قرب الحسكة في شمال شرق سوريا.

وبحسب بيان للبنتاغون نقلته شبكة سي إن إن الأمريكية فقد استخدمت الولايات المتحدة في قصف مواقع إيرانية، طائرات حربية انطلقت من قاعدة العديد في دولة قطر وشنت سلسلة من الضربات الجوية على أهداف في سوريا مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني.

الرئيس الأمريكي جو بايدن، قال إن الولايات المتحدة "سترد بقوة لحماية الأمريكيين الذين يتعرضون للهجوم، لكنها لا تسعى إلى صراع مع إيران، بينما أكد جون كيربي منسق الاتصالات الإستراتيجية بالبيت الأبيض أن الرئيس بايدن اتخذ قراره بضرب قوات الحرس الثوري الإيراني في سوريا، خلال فترة زمنية قصيرة للغاية.

وبالمقابل قال المتحدث باسم المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني كيوان خسروي، لوكالة "نور نيوز" الإيرانية شبه الرسمية اليوم: إن أي مُسوّغ لاستهداف القواعد التي تم إنشاؤها بناءً على طلب حكومة نظام الأسد، للتصدّي لعناصر تنظيم "داعش" في سوريا، سيقابل بردّ مضاد وحاسم.

ويعدّ تصريح المسؤول الإيراني اعترافاً نادراً من جانب إيران بوجود قواعد عسكرية لها في سوريا، إذ كانت تصر على الحديث عن وجود مستشارين عسكريين فقط، كما إن هذا التصريح يأتي في خضمّ ما ذُكر عن شروط تضعها دول عربية بينها الإمارات والسعودية للتطبيع مع النظام، وأبرزها الحد من الوجود الإيراني في سوريا.

مقتل 7 أشخاص

ومن جانبه حذّر ما يسمى بـ"المركز الاستشاري الإيراني في سوريا" وهو نادراً ما يعلّق على أحداث في سوريا، الولايات المتحدة من أن القوات الإيرانية والسورية سترد، إنْ تم استهداف مراكزِها وقواتها على الأراضي السورية.

ونقلت قناة العالم عن المركز قوله في بيان: إن الاحتلال الأميركي قام، ليل فجر الجمعة، بتنفيذ عدوان على دير الزور طال نقاطاً مدنية وأسفر عن مقتل سبعة أشخاص وإصابة سبعة آخرين بجراح، في حين ذكرت قناة الميادين، أن 15 صاروخاً سقطت أمس السبت على القواعد الأميركية في حقل كونيكو شرق نهر الفرات، في ريف دير الزور.

الباحث في مركز جسور للدراسات وائل علوان أرجع صمت النظام إزاء التصعيد إلى عدم طلب إيران منه إعلان أي موقف، إذ إن رأس النظام بشار الأسد عادة يتلو تصريحات بتكليف من روسيا أو إيران تكون على شكل رسائل تخدم مصالحهما.

وقال علوان إن التصعيد شرق سوريا ليس الأول، وتهدف إيران من خلاله إلى توجيه رسائل ميدانية للولايات المتحدة من أجل الاهتمام بمفاوضات الملف النووي أو بنفوذها في الشرق الأوسط.   

المحلل السياسي غسان المفلح رأى أنه بغض النظر عن موقف إيران وفيما إذا كانت طلبت من النظام ذلك أم لا، فإن من مصلحته بقاء المناوشات بين الولايات المتحدة وإيران خاصة في الجزيرة السورية التي هي خارج سيطرته، مشيراً إلى أن ما يحدث يندرج في إطار عضّ الأصابع في موضوع إنجاز الاتفاق النووي. 

ويظهر عدم تعليق مسؤولي النظام أو وسائل إعلامه على تصعيد بين قوى خارجية على الأراضي السورية، الحجم الحقيقي لتأثيره ومدى سيطرته على مناطق البلاد المرتبطة أو تعمل تحت سلطة قوى مثل إيران التي انتشرت في سوريا وأقامت قواعد عسكرية، وتشن هجمات على قوات أخرى تسيطر على مناطق من البلاد.

كما يثير عدم مشاركة قوات النظام في التصعيد إلى جانب إيران تساؤلات في إطار الموازنة بين تصريحات مسؤولي النظام حول عدم شرعية الوجود الأمريكي في سوريا، وتوعّد مراراً بمقاومة لطرد الأمريكيين، وهو ما ورد على لسان بشار الأسد غير مرة، في وقت لا يجرؤ حتى إعلام النظام عن الحديث عن تطورات الأوضاع في دير الزور والميادين.

التزام الصمت

وربما يدلل التزام النظام الصمت إزاء التصعيد على خضوعه لتعليمات إيران التي تمسك من خلال ما يسمى بالمركز الاستشاري وهو عملياً مركز قيادة العمليات العسكرية في سوريا، بتحركات قواتها وميليشياتها في مختلف المناطق السورية، وهذا المركز مشابه لما يسمى بمركز حميميم الروسي الذي يقود عمل القوات الروسية في سوريا.

ومن شأن تعويم الحديث عن قواعد إيرانية من خلال المركز الاستشاري الإيراني والمتحدث باسم المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني ترسيخ مسألة وجود إيران شرق سوريا بحجة مواجهة داعش، على غرار ما تفعله بالنسبة لما تقول إنه تهديدات إسرائيلية جنوب البلاد وغربها، لقواعدها بوصفها تتزعم ما يسمى بمحور المقاومة والممانعة. 

واستثمرت إيران من خلال التصعيد مع الولايات المتحدة في دير الزور والبوكمال الإعلان عن وجود قواعد وقوات خلافاً للسابق، إذ لم تكن تعترف بوجود قواعد لها، في ضوء الرد الضعيف من جانب الولايات المتحدة بحسب وصف السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام الذي شن هجوماً عنيفاً على الرئيس بايدن على خلفية عدم الرد المناسب على قصف إيران قواعد أمريكية في سوريا.

وتضاف القواعد الإيرانية إلى قواعد روسية تنتشر في مناطق سيطرة النظام بينما تنشر كل من الولايات المتحدة وتركيا قواعد خارج مناطق سيطرة النظام، ويقدر عدد القواعد والنقاط الأجنبية في سوريا بـ نحو 600 موقع حتى مطلع عام 2022 بحسب دراسة لمركز جسور للدراسات" بالتعاون مع "منصة إنفورماجين لتحليل البيانات".

وتعطي هذه الأرقام دلالة على مراكز القوى في سوريا، وحجم تأثير كل منها، وبأن لها اليد الطولى في البلاد، خلافاً للنظام الذي لا يقوى سوى على المدنيين العزّل، ويستجدي التطبيع معه لاستمراره في الحكم كنظام شكلي بلا دولة لا يستمد شرعية بقائه سوى من الخارج، وعاجز عن إعلان أي موقف من تصعيد مستمر لأيام في مناطق سورية، أو حتى تغيطة إعلامه له.. 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات