السويداء وسيرورة الثورة ومآلاتها

السويداء وسيرورة الثورة ومآلاتها

كلما هممت أن أكتب عن الثورة السورية تتملكني حالة قلق من كوني عاجزة عن الإحاطة بظروف الحدث الذي هزّ العالم، وفي سوريا ذات التنوع الإثني والطائفي والديني يأخذ الحدث سياقاً خاصاً عند كل منعرج.

ولا يعود الأمر بمجمله إلى أن محددات الفعل ورد الفعل كانت خصوصية التنوع قد فرضتها، بل ما قامت به السلطة من مجاهدة ومنهجة لاستغلال الاختلاف وتحويله إلى خلاف.

وأستطيع القول إن الأمر نجح إلى حد كبير على الأقل عندما أتناول الحدث في محافظة السويداء، السويداء التي عُزلت عمداً وشوّهت وغذّيت بسردية الآخر الإقصائي الذي يهدد الطائفة وجودياً.

أعداد من المثقفين كانت تعي ما تم إنجازه من قبل الأمن والسلطة، لكنها قلة امتلكت شجاعة نادرة، تلقت نداء درعا للفزعة، وشكّلت هذه الأقلية طرقاً جانبية وشبكات (لنساند درعا في حصارها)، وقصص الموت والاعتقال لحاملي الدواء والحليب ما زالت ماثلة في الذاكرة، وفي مذكرات اتهام المعتقلين بالتعاون مع الإرهاب. 

في هذه الفترة ألهمت الأحداث سميح شقير "يا حيف"، التي أصبحت أيقونة الثورة، وعبّرت عن أحاسيس عارمة بالأخوة واللحمة، وتوالت اعتصامات ومظاهرات انتهت بكثير من العنف.

ودخلت السويداء في نفق حفرته السلطة، نفق البلطجة والسلاح الذي انتشر والعصابات التابعة لأفرع متعددة، وتحولت المحافظة إلى شبكة طرق لتهريب المخدرات، وأُغرقت في الإدمان وفي الإنتاج وغاب القانون، وبقي الأمن جاهزاً لالتقاط أي حسّ أو كلمة أو حركة تخص الثورة.

وقُسمت السويداء إلى قوى متصارعة عائلية، وبين مجتمع ديني وأهلي، وبمكابدة ومجاهدة استطاعت السويداء التعبير عن رفضها لمحاربة مواطنيها عبر منع الشباب من الالتحاق بالخدمة العسكرية، معتبرة الانخراط فيها مشروع قتل للإخوة والأهل في سوريا. 

في هذه المرحلة غابت السويداء قمعاً وجهلاً وتصديقاً لهمروجة الإرهاب، ولكن خبث السلطة في أحداث القرى الشرقية، وكشف المخبوء من تواطؤ ومؤامرة، أعاد السويداء بقوة إلى الساحة مع انكشاف وتعرية مقولة حماية الأقليات.

في هذه الأثناء، ازدادت الفوضى والإرباك والتشويش، ولكن اتسعت الرؤية، وأصبحت ساطعة إلى حد أدرك أهل المحافظة أن النظام يضع الجميع في سلة  الاستهداف، وأن حججه واهية وفقيرة جداً بالشواهد والأسانيد، وأنه لابد من حراك متجدد، وتوالت المظاهرات والاعتصامات ودخلت المحافظة عصر الثورة مؤمنة تماماً بسيرورة الثورة ومآلاتها.

التعليقات (2)

    سمر

    ·منذ سنة يوم
    اليس من المعيب رفع علم غير علم الثورة

    ابن الجبل

    ·منذ سنة 9 ساعات
    مدرسة التربية القومية المتقاعدة تضرب من جديد...شو هل الاورينت هي
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات