كبتاغون أم أخطر؟.. الأسد يمنح إجازة استثمار مصنع "أدوية خاص" بحماة

أثار إعلان "هيئة الاستثمار" التابعة لميليشيا أسد عن منح إجازة استثمار مصنع خاص بصناعة الأدوية البيطرية، ضمن قطاع الصناعات الكيميائية، في المنطقة الصناعية بمحافظة حماة تساؤلات عن الجهات التي تستثمر أموالها في مناطق تشهد هجرة من جانب الصناعيين ورجال الأعمال، بسبب عدم توفر الطاقة والبنية التحتية، إلى جانب الفساد وتسلط الميليشيات وغياب القانون.

ولم تُعلن وسائل إعلام أسد عن الجهة المالكة للمصنع، مشيرة إلى أن المشروع يستفيد من قانون الاستثمار رقم /18/ لعام 2021، وهو القانون الذي يمنح مشاريع الإنتاج الزراعي والحيواني إعفاءات كبيرة من الضرائب.
 
ويأتي الإعلان عن المصنع الجديد في وقت تسابق فيه إيران الزمن للاستحواذ على ما تبقّى من الاقتصاد السوري، وتحديداً بعد زلزال 6 شباط الماضي، حيث بدأت الشركات الإيرانية بغزو السوق السورية، مدفوعة بما يبدو انفتاحاً على النظام من جانب بعض الدول العربية والغربية، تحت ستار "إنساني".

ولم تستطع "أورينت نت" تحديد الجهة المالكة للمشروع، لكن مصادرها رجّحت أن تكون ملكية المشروع لإيران أو أحد أمراء الحرب المرتبطين بها.

من جانبه، قال أستاذ الاقتصاد الدولي رفعت عامر، إنه لا يمكن الحديث عن بيئة استثمارية في بلد غير مستقر أبداً، وأضاف لـ"أورينت نت": بالتالي يستحيل على أي مستثمر طبيعي يحمل الحد الأدنى من العقلانية والتبصر أن يقدم على الاستثمار في سوريا المضطربة التي شهدت هجرة للأموال الوطنية.

ويضيف عامر أن الاستثمار في مناطق أسد حالياً يعني حكماً تحول الصناعي إلى تاجر يخدم أولاً منظومة الفساد وأمراء الحروب ثانياً، مستدركاً: "لكن مع ذلك، الاستثمار ينطوي على درجة كبيرة من المغامرة غير المحسوبة".

في خدمة "الكبتاغون"

وتأسيساً على ما سبق، يبدو عامر أميل لأن يكون الغرض من افتتاح معامل في مجال الصناعات الكيميائية في خدمة الأغراض المتعلقة بصناعة بعض الأصناف التي تدخل في الصناعات العسكرية، أو في صناعة الحبوب المخدرة (الكبتاغون) ما يعني في الحالتين أن إيران ليست بعيدة عن المشروع الجديد.

ويتفق مع عامر، الباحث الاقتصادي أدهم قضيماتي، الذي يقول لـ"أورينت نت" إنه "من الطبيعي أن يزدهر قطاع الصناعات الكيميائية في مناطق أسد، بسبب ارتباط هذا النوع من الصناعات بالمخدرات".

وحسب الباحث الاقتصادي، فإن صناعة المخدرات في سوريا لا يُمكن أن تُدار من قبل أفراد، وإنما من شبكات إقليمية، حيث تتطلب هذه الصناعة غير المشروعة رؤوس أموال ضخمة، ومصانع كثيرة.

ويبدو أن إيران وأسد يحضران للتحايل على قانون محاربة "الكبتاغون" الأمريكي الذي وقّعه الرئيس الأمريكي جو بايدن في نهاية العام الماضي 2022، ضمن ميزانية الدفاع الأمريكية لعام 2023 بمبلغ 858 مليار دولار، والذي يتضمن مشروعاً لتفكيك إنتاج نظام أسد للمخدرات، حيث تسهّل الشركات الكيميائية (الأدوية) استيراد المواد التي تدخل في صناعة "المخدرات".

أمراء الحرب

في المقابل، يقول الأكاديمي والباحث في الاقتصاد السياسي، يحيى السيد عمر،  في الواقع لا يزال العديد من المستثمرين السوريين يعملون في مناطق سيطرة النظام، في حلب أو دمشق أو غيرها، ولو غادر هؤلاء بالكامل لكان اقتصاد النظام انهار نتيجة توقف الإنتاج بالكامل، وحالياً يوجد نسبة من المستثمرين في مناطق سيطرة النظام، وهناك استثمارات جديدة تظهر للعلن بشكل مستمر، وإن كانت بنسب قليلة.
 
وفي حديثه لـ"أورينت نت" يضيف أنه "ليس بالضرورة أن يكون كل من يستثمر في مناطق سيطرة النظام من أحد أمراء الحرب أو من إيران، ومنهم من خارج هذه الدائرة، لكنهم وفي ذات الوقت يرتبطون بأمراء الحرب بعلاقات قد تكون مباشرة أو غير مباشرة، وهذه العلاقات ضرورية للتمكّن من العمل والاستثمار".

وحسب السيد عمر فإن العلاقات المباشرة أو غير المباشرة مع أحد أمراء الحرب من شأنها حماية المستثمر من الابتزاز، مضيفاً: "لذلك يسعى غالبية المستثمرين في مناطق سيطرة النظام لبناء شبكة علاقات مع أمراء الحرب، وهذه العلاقات ليس بالضرورة أن تكون مجانية، فقد تكون مقابل مكاسب يحققها أمراء الحرب، وهذه المكاسب قد تكون مادية أو قد تكون اجتماعية، من خلال الظهور بمظهر الداعم للاستثمار والعمل الاقتصادي".

استثمارات وهمية

وثمة قراءة أخرى، يشير إليها الخبير الاقتصادي سمير الطويل بقوله: "ليس كل ما يُعلن عنه النظام من استثمارات حقيقي بالضرورة".

ويوضح لـ"أورينت نت"، أن النظام يقول إن الاستثمارات الخارجية تتدفق على البلاد، تماشياً مع زيادة الانفتاح الإقليمي والعربي عليه مؤخراً، علماً أن "من الممكن فعلاً توافد بعض الأموال العربية إلى سوريا في هذه الفترة، حيث تزايد الحديث عن خطة عربية للتطبيع مع النظام".