موقع أمريكي: زلزال "تركيا-سوريا" خلط الأوراق السياسية بالمنطقة وأحرج الغرب

موقع أمريكي: زلزال "تركيا-سوريا" خلط الأوراق السياسية بالمنطقة وأحرج الغرب

ذكر موقع سياسي غربي أن كارثة الزلزال المدمّر الذي ضرب جنوب تركيا وشمال غرب سوريا شباط الماضي وتسبّب بمقتل عشرات الآلاف ونزوح الملايين، ساهم في رسم سياسة متناقضة جديدة في المنطقة وعمل على تكريس الانقسام، ولا سيما بعد قيام عدد من الدول الإقليمية والغربية بتسييس المساعدات وإرسال عدد قليل منها إلى مناطق مختلفة بالبلاد.

وفي تحليل له أشار موقع "ذي أتلانتك" أن توزيع المساعدات سواء على المناطق التي يسيطر عليها الأسد أو الخارجة عن سيطرته ساهم بشكل أو بآخر بزيادة تقسيم البلاد، وطرح أسئلة سياسية حول: لماذا لم يتم التدخل السريع الضروري لإنقاذ الأرواح والذي استغرق وقتاً طويلاً؟.

وبيّن أنه في هذا التأخير تضررت الطرق واشتعلت النيران في ميناء الإسكندرون، فيما أرسل عدد قليل جداً من الدول الإقليمية والغربية فرق إنقاذ إلى سوريا، وتم طرح تساؤلات حول كيفية دخول المساعدات عبر تركيا المنكوبة، أو كيف يمكن إرسال فرق الإنقاذ والمعدات لإدلب التي تسيطر عليها ميليشيا الجولاني المصنفة دولياً كـ"منظمة إرهابية" بحسب "ذي أتلانتك".

وتابع أن إرسال الغرب المساعدات إلى عفرين ذات الأغلبية الكردية وباقي المناطق المحررة وحلب الخاضعة لسيطرة الأسد والمناطق الساحلية الموالية له المتضررة أيضاً من الزلزال، كل ذلك شكّل تحّدياً كبير لتلك الدول حول كيف يمكنها فعل كل هذه الأشياء بينما العلاقات مع الأسد مقطوعة تماماً؟.

 

ولفت التحليل إلى أن الزلزال شكّل إحراجاً للغرب وسياسته تجاه سوريا، الأمر الذي يتطلب من تلك الدول إعادة تقييم لسياستها، كما وضع سوريا مجدداً على قائمة الأولويات مرة أخرى.

وبالرغم من ذلك فضّلت واشنطن وأوروبا عدم التدخل في جهود الإنقاذ بسوريا حيث بدت وكأنها تتخلى بشكل صارخ عن دعم المناطق المحررة شمال غرب البلاد، مصرّة على إبقاء معبر باب الهوى الحدودي مفتوحاً للمساعدات الدولية فقط، في حين فشلت الأمم المتحدة في مهمتها على الرغم من أن لديها مساحة أكبر للمناورة، الأمر الذي ساعد بإعادة رسم خريطة الصراع مجدداً.

تساؤلات وشكوك

وتابع الموقع الأمريكي تحليله، أنه في حال عدم الوصول المساعدات عبر تركيا، فكان من الممكن إدخال فرق الإنقاذ والمعدات عبر لبنان أو العراق أو الأردن، حيث كان بإمكانهم الوصول بسهولة إلى مناطق السيطرة الثلاث في إدلب وحلب. 

وتساءل أنه لو حدث ذلك فهل يجرؤ الأسد على إيقاف قوافل المساعدات ومنعها من الوصول إلى المناطق المتضررة ولا سيما إذا دخلت تحت علم الأمم المتحدة أو أي من الدول الأخرى التي لا تزال تقيم علاقات دبلوماسية مع سوريا؟.

وأكد "ذي أتلانتك" أن التعامل مع المناطق التي يسيطر عليها الأسد والمعارضة كما لو كانت تنتمي إلى بلدين مختلفين يساعد على زيادة تقسيم البلاد، وأنه كان من الممكن أن يحض الزلزال الغرب للبحث عن حلّ لما سماها (سوريا المجزّأة) وخاصة أنها تصرح في كل وقت بدعمها لوحدة الأراضي السورية، حيث كان من الممكن أن يتم ذلك دون أن يبدو وكأنه مصافحة للأسد.

 

تناقض في التصريحات 

وأشار التحليل إلى أن الولايات المتحدة وأوروبا بتبني سياسة عدم الإنقاذ وإيصال المساعدات تناقض تصريحاتها الرسمية السابقة، حيث أعلنت واشنطن أنها تتعامل فقط مع شركائها، على الرغم من أنها تدعم قسد بشكل كبير والتي تشكل العدوّ الأول لتركيا الشريك الأكبر.

وحول مساعدات ما بعد الزلزال اعتبر "ذي أتلانتك" أنه على الرغم من عدم إمكانية إنقاذ أولئك الذين ماتوا تحت الأنقاض، إلا أنه لا يزال هناك العديد من التحدّيات الإنسانية والسياسية التي تحتاج إلى معالجة، وخاصة بعد نزوح مئات الآلاف من الأشخاص وبقائهم دون مأوى أو رعاية صحية أو مصدر رزق في تركيا وسوريا. 

وأوضح أن الإغاثة في المناطق المحررة استمرت منذ سنوات في شكل مساعدات عينية، في حين أن جميع المساعدات المقدّمة متوفرة في الأسواق من خلال التجارة مع تركيا (بدلاً من استبدالها بالمساعدات المالية) حتى يتمكن الجميع من شراء حاجاتهم.

الزلزال كارثة وفرصة

وبحسب الموقع الأمريكي فقد أدى الزلزال المدمّر لتغيير الأوراق السياسية في المنطقة وسمح لجميع الأطراف بإعادة النظر في خطاباتهم والتخلي عن دعواتهم لتقسيم البلاد، كما إنه فرصة أيضاً حيث لا يمكن عمل أي شيء دون توحيد البلاد والتخلص من أمراء الحرب.

وأردف أن تحديات الزلزال تخلق إحراجاً لا نهاية له، حتى بعد الأيام الأولى من الإنقاذ، إذ يستلزم إعادة تقييم السياسات الحالية للقوى العالمية فيما يتعلق بسوريا، وهو ما لم يحدث بعد، وخاصة أن الغرب مشغول بالحرب في أوكرانيا والمبالغ الهائلة التي يستثمرها فيها وعدم وجود مجال للحوار. 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات