بعد رفض المقترح التركي.. هل تفاجأ بوتين بتصريحات بشار الأسد؟

بعد رفض المقترح التركي.. هل تفاجأ بوتين بتصريحات بشار الأسد؟

أطلق بشار الأسد من موسكو سلسلة مواقف حاول من خلالها الإيحاء بأنه بدأ بالانتقال من الحالة الميليشياوية والتبعية التي طبعت سياسته طيلة السنوات الماضية إلى وضع رئيس دولة تمتلك قرارها، مزهواً بما يراه انتصار الزلزال له، واستثمار تداعياته للتغطية على الدمار الذي لحق بسوريا، وباندفاع دول عربية اتجاهه، وبإشارات السعودية الإيجابية صوبه "إنسانياً حتى الآن"، ورغبة الجانب التركي اللقاء معه. 

وأظهر بشار الأسد نفسه من خلال تلك التصريحات التي جاءت في ثلاث مقابلات منفصلة مع كل من قناة روسيا اليوم ووكالتي سبوتنيك وريا نوفوستي، بأنه تخلص من تبعات لقاءاته السابقة مع بوتين سواء في روسيا أو سوريا وهي التي كان يتلقى خلالها الإهانات من الروس، وقال: إن زيارته الحالية تختلف عن اللقاءات السابقة التي وصفها بلقاءات عمل، وهي الزيارة السياسية الأولى وتكتسي أهمية خاصة كونها تعيد وضع تصورات مشتركة جديدة بين روسيا وسوريا تجاه هذا العالم الجديد بحسب تعبيره. 

قبضتم الثمن

وقال الأسد: بالنسبة للقواعد العسكرية الروسية في سوريا فهي تعود لرؤية مشتركة فيها جانب سياسي وآخر عسكري، من الناحية السياسية وجود روسيا في سوريا له أهمية مرتبطة بتوازن القوى في العالم كدولة موجودة على البحر المتوسط ولا يمكن للدول العظمى اليوم أن تحمي نفسها أو أن تلعب دورها من داخل حدودها، لا بد أن تلعب الدور من خارج الحدود، من خلال حلفاء موجودين في العالم، وعسكرياً يفترض لهذه القواعد كي يكون لها تأثير بالردع أو بالتوازن أن تُسلح بأفضل الأسلحة، هذا هو الشيء الطبيعي والمنطقي، سواء كانت صواريخ فرط صوتية أو أية أسلحة أخرى أكثر تقدماً، ولا مانع من توسيع تلك القواعد أو زيادة عددها.

ولأول مرة يتحدث عن القواعد العسكرية الروسية وإمكانية توسيعها، وقد يكون بهذا يريد توجيه رسالة للروس بأنهم باتوا بحاجته أكثر من حاجته هو إليهم بعد أن منعوا سقوطه، وبأن مجالهم في سوريا هو القواعد الرئيسية الموجودة وأبرزهما قاعدتا طرطوس وحميميم، ما يعني أنه موافق على إعطاء الروس ما يريدون على حساب البلاد وسيادتها الوطنية، مع السماح له بالتصرف سياسياً في إطار شرعيته التي يحميها الروس أنفسهم.

وأيضا يرجح أن يكون أراد من خلال حديثه عن القواعد العسكرية أن يبعث برسالة بأن العلاقات مع روسيا هي علاقة بين دولتين، وليست علاقة تبعية، وأن المسألة تتعلق بالمصالح المتبادلة وكل شيء بثمنه، وأنتم أيها الروس قبضتم ثمنا كبيرا مقابل منع سقوط النظام ودعمكم، وهو القواعد العسكرية، وإن كنتم تشعرون أن الثمن قليل فإنه لا مانع من توسيع تلك القواعد لأنكم بحاجة إليها من أجل توازن القوى في العالم ولحماية روسيا نفسها، وهذا يضع إشارات استفهام، قد تجيب عليها احتمالات وجود تفاهمات إستراتيجية بين النظام وإيران في هذا الإطار، في ظل الظروف الصعبة التي تحيط بروسيا والعقوبات بسبب غزوها لأوكرانيا.

ويتضح من كلام الأسد أنه يريد رفع سويته من المكان الذي كان بوتين وضعه به، هو التابع الذليل والذي تكرر خلال زيارته إلى موسكو إذ جعله بوتين يبيت ليلة في موسكو قبل أن يلتقيه وهي المرة الأولى له الذي يبيت فيها خارج سوريا منذ العام 2011، في حين ظهر بوتين قبل لقائه مع الأسد يشغل نفسه بقيادة طائرة هيلوكبتر عسكرية تتجول في أجواء موسكو، وأيضاً قد يكون كلامه جاء رداً على ما بثه الإعلام الروسي وبينه قناة روسيا اليوم طيلة وجوده في موسكو من تقارير تركز على دور روسيا الحاسم في منع سقوط النظام، بهدف تذكير النظام بأنها حمته من السقوط.

الأسد: اعترفنا بالأقاليم قبل روسيا نفسها..

وتعمد الأسد تذكير الروس بموقفه الداعم لهم منذ بداية غزوهم لأوكرانيا وقال: إن زيلينسكي هو اليوم يقوم بالحرب نيابة عن الغرب، مع جيشه طبعاً من النازيين، نفس الشيء الإرهابيون هم جيوش تعمل نيابة عن الغرب في سوريا وفي مناطق أخرى، مضيفاً أنه عندما تنتصر روسيا في هذه الحرب كما يتمنى معظم السوريين فلا بد أن يكون هناك عالم جديد متعدد الأقطاب أكثر أمناً وأماناً.

وبلغة تحمل مزاودة على روسيا قال الأسد إن سوريا اعترفت بالأقاليم الأوكرانية التي انضمت إلى روسيا حتى قبل أن تعترف بها روسيا، لأن هذه الأراضي هي أراض روسية، معروف هذا الشيء عبر التاريخ، ونُقلت إلى أوكرانيا ربما منذ حوالي 100 عام أعتقد أيام لينين، وفيها مواطنون روس، هناك حقائق على الأرض تدل على أنها أراض روسية، ونحن مقتنعون بهذا الموقف.

الأسد ينتقد روسيا

الأسد حاول إظهار ندية أمام الروس إذ للمرة الأولى يوجه لهم انتقادات على تقصيرهم في دعم نظامه اقتصاديا، وقال إن اللجان الاقتصادية المشتركة بين الطرفين الروسي والسوري اجتمعت عدة مرات سابقاً ولكن لم تكن النتائج بمستوى الطموحات، هناك تبادل تجاري، وتطور، ولكنه ما زال ضعيفاً.. ! وكان لافتا إعلانه عن اجتماعات للجنة الروسية السورية المشتركة قبل عدة أيام، وهو ما لم تأت على ذكره وسائل الإعلام الروسية أو التابعة للنظام. 

وقال الأسد: في هذه المرة اجتماع اللجنة المشتركة ركز على نقاط محددة، وتحديداً على المشاريع الاستثمارية وحتى الاتفاقية التي سيتم توقيعها تتوجه باتجاه 40 مشروعاً استثمارياً محدداً في مجالات الطاقة أي الكهرباء والنفط، في مجال النقل، في مجال الإسكان، في المجالات الصناعية، في مجالات مختلفة أخرى كثيرة، لكن بمشاريع محددة بدقة وأيضاً أضيف إليها آليات لمتابعة وإنجاح هذه المشاريع.

بشار يناقض بوتين

وفي موقف يبدو معارضاً لما كان أعلنه بوتين في وقت سابق خلال حديثه عن أهمية الحوار بين تركيا والنظام من أن هناك بالأساس اتفاقية أضنة بين الجانبين ومن الممكن البناء عليها، قال بشار الأسد: أضنة ليست اتفاقية مصدقة من قبل البرلمان كانت اتفاقية أمنية، وتتحدث عن ملاحقة الإرهابيين على عمق 5 كيلومترات من الحدود.

وذكّر الأسد الروس بالأسس التي تستند عليها سياستهم، وقال نحن نثق بالطرف الروسي، فلعبوا دور الوسيط لتسهيل الاتصالات بين الجانبين، ولكن ضمن الأسس التي تستند إليها السياسة الروسية وهي احترام القانون الدولي، واحترام سيادة الدول، ونبذ الإرهاب، ووحدة الأراضي السورية، وسيادة الدولة السورية على أراضيها، وخروج القوات الأجنبية غير الشرعية من الأراضي السورية، بحسب تعبيره.

رفض المقترح التركي

وتحدث بشار الأسد عن رفضه المشاركة في الاجتماع الذي كان مقرراً في موسكو في 15/ 16 الحالي على مستوى نواب وزراء خارجية كل من تركيا وروسيا وإيران والنظام بالقول إن المقترح التركي الأخير الذي وصل من أجل الاجتماع الرباعي على مستوى معاوني وزراء الخارجية هو ألا يكون هناك أي جدول أعمال للقاء.. أو أية شروط أو أي توقعات، ولكن أن نذهب إلى اجتماع لا نعرف لماذا ولا كيف ولا أي شيء، فهنا هي المشكلة، نحن نحاول أن نضع جدول أعمال واضحا.

وكانت روسيا أعلنت في 13 من الشهر الحالي وقبل يوم من وصول بشار الأسد إلى موسكو عبر قناة روسيا اليوم أن الاجتماع الرباعي سيعقد يومي 15 و16 مارس الحالي في موسكو، وهذا الاجتماع سيكون للتمهيد لاجتماع وزراء الخارجية التركي والسوري، والروسي والإيراني، في وقت لاحق، كذلك أعلنت وكالة أنباء الأناضول الخبر، في حين لم تحدد إيران الموعد واكتفى المتحدث باسم وزارة خارجيتها بالإشارة إلى أنها ستشارك في الاجتماع. 

وكنوع من حفظ ماء الوجه وفشل الروس في حمل النظام على القبول باللقاءات، أو ربما للتغطية على موافقتهم على موقف النظام.. أعلن المتحدث الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف أن اللقاءات التركية المقبلة مع النظام يجري العمل عليها حالياً، ولفت إلى أن اللقاء بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين وبشار الأسد تناول موضوع تطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة.

السعودية غيرت سلوكها

ومن بين تصريحات الأسد أيضاً كان لافتاً حديثه بأن المملكة العربية السعودية "غيرت سلوكها" إزاء النظام، وقال: السياسة السعودية أخذت منحى مختلفاً تجاه سورية منذ سنوات وهي لم تعد تتدخل في الشؤون الداخلية أو دعم أي فصائل في سورية، مشيراً إلى أن الحديث عن أن هناك علاقة سورية إيرانية يجب أن تنقطع لم يعد مثاراً مع سوريا منذ سنوات طويلة أيضاً، أعتقد هناك تفهم لطبيعة هذه العلاقة، وبأن الساحة السورية مكان صراع إيراني سعودي كما كانت في بعض المراحل من قبل بعض الجهات في ذلك الوقت.

وفي إشارة إلى استبعاد مشاركة النظام في القمة العربية المقبلة المزمع عقدها في السعودية قال بشار الأسد أولاً عضوية سوريا مجمدة فلا بد لحضور قمة من إلغاء هذا التجميد وهذا يحتاج أساساً لقمة عربية، مضيفاً أن اللقاء مع أي دولة عربية السعودية أو غيرها بكل تأكيد نحن لم نقطع يوماً العلاقات مع أي دولة عربية، الدول العربية هي التي قطعت علاقاتها مع سوريا.

لا تبدو تصريحات الأسد ضمن السياق الذي اعتاد بوتين سماعه خاصة إذ كان حتى إلى يوم وصول بشار الأسد في زيارته الأخيرة متحوطاً من خلال استمرار توجيهه إهانات له وتحجيمه علنياً، أما من حيث الفعل فإن مساعي روسيا كانت واضحة خلال السنة الآخيرة بشكل خاص في السيطرة على وحدات عسكرية في الجيش ومنها الفرقة 25، والمناورات التي أجرتها للفرق الأخرى خلال العام الماضي، وجرت ماهر الأسد إليها وهو المحسوب على إيران، ومن الممكن أن تكون تصريحات بشار مدفوعة من إيران.   

ولكن بالنسبة إلى تركيا ثمة احتمال آخر هو أن المواقف التي أعلنها بشار الأسد متفق عليها مع روسيا وموجهة ضدها، إذ من الصعب أن لا تكون روسيا تتوقع أن يدلي يوما بهكذا مواقف، نظراً لمعرفتها بطبيعة النظام الذي حمته، وهو الذي عرف عنه بأنه يستجدي عندما يكون ضعيفاً وينقلب حين يبدي الآخرون مواقف إيجابية إزاءه مراهناً على التزامهم بتصريحاتهم وعدم التراجع عن مواقفهم.

التعليقات (3)

    اليسر

    ·منذ سنة شهر
    هذا كله كلام فارغ ومعروف عن شرشبيل انه يعتمد على علم الحديث ولو انه صرح من سوريا سيكون موقفه ضعيف ولن تلين الدل لكلامه ولديه ضوء أخضر مسبق لقول ما قاله لتمهيد وكسب رضا اسياده العرب الذي عض يدهم سابقا بكلام قذر مثل فصيلته التابع لها ومنبعها أصفهان مشيئة الله قادمة مهما فعل وقال

    بسام

    ·منذ سنة شهر
    شوهاد ماهاذا عم يتكلم عن السيادة والحدود والقانون الدولي ومحاربة الكباب . بس من الواضح تماما انه لايعترف بالقانون الأخلاقي والسماوي .

    أبو هيثم

    ·منذ سنة شهر
    لو روسيا بتحترم بشار، كانت استخدمت طيارتها الروسية وتقنيتها الحديثة لاسقاط الصواريخ الإسرائيلية وحمت الأجواء السورية، لكن روسيا لن تستخدم قواعدها العسكرية في سوريا الا لمصالحها الخاصة. وهذا يعني ان بشار مضحوك عليه. لن تطلق روسيا صواريخ فرط صوتية لعيون بشار، وإنما تطلق ضحكات تهكمية على بشار ومن معه من المغفلين. بشار لايصلح ان يكون رئيس دولة حسب الدستور السوري الذي وضعه والده حافظ، لأن سن بشار الشخاخ كان صغير عندما توفي والده المقبور، ولو كان حافظ يريد ابنه بشار ان يخلفه لكان فعل ذلك عندما حس بدنو أجله وهو على سرير الموت، لكن الحقيقة التي لا يعرفها الكثيرين بأن حافظ رفض ان يخلفه ابنه المجنون، لكن بشار أصر بعد موت والده وغير الدستور في غضون ساعتين وفصله على مقاسه الخاص.
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات