في ذكرى الثورة.. إن لم نستطع إعادتها لسيرتها الأولى فلنعترف بالهزيمة

في ذكرى الثورة.. إن لم نستطع إعادتها لسيرتها الأولى فلنعترف بالهزيمة

تحل الذكرى الثانية عشرة للثورة السورية العظيمة ومعها نقترب من السيناريو المعتاد من الثوار ومن مدّعي الثورة بتغيير صورة بروفايلاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، فبدل الرقم 11 سيصبح الرقم 12، ويؤكد الجميع على استمرارها وبقاء قيمها الثورية الخالصة حتى إسقاط النظام وبعد أيام سيعود كل شيء كما كان حتى نفس الموعد من السنة القادمة.

خرجنا بادئ ذي بدء للمطالبة بالحرية والكرامة قبل إسقاط النظام المجرم لكننا اليوم نعيش أسوأ سيناريو كان من الممكن أن نعيشه بدون حرية ولا كرامة. لا نستطيع انتقاد أي شخصية متحكمة بأمورنا إن كان رجل سياسة أو قائد فصيل عسكري، بل وحتى الإعلاميين المستقلين، فالجميع يرى نفسه مقدساً وما دونه مدنس، نتفنن في إلقاء اللوم على الآخرين وننسى أخطاءنا وتذبذب مواقفنا، وتركنا القيم الأصيلة للثورة، ومع هذا وذاك لا يزال حب أنفسنا يمنعنا من الاعتراف بأي خطأ ارتكبناه، فنحن منذ 12 عاماً لم نفعل إلا الصحيح ولم نخذل الثورة، لكننا لو جلسنا مع أنفسنا جلسة صدق، لما احتمل عقلنا أن كل هذا التراجع في الثورة على الرغم من العدد الهائل من الشهداء ومن تدمير مدن بأكملها مر دون أن يكون لنا يد في فعل شائن أو قرار خاطئ اتخذناه حتى ولو بدون قصد بحق الثورة، ونعيش في دوامة وضع غيرنا في قفص الاتهام من دول ومجالس وداعمين وننسى أنه من عند أنفسنا.

اقتتال الفصائل العسكرية في كل مكان من الجغرافية السورية وارتهان أعضاء المجالس السياسية للدول الداعمة لهم، و كذلك المساواة إعلامياً بين الفصائل وجيش النظام، وأضف إلى ذلك المحسوبيات والواسطات في تعيين موظفي الهيئات الإغاثية وتوزيع المعونات على المحتاجين، هي غيض من فيض أخطاء ارتكبها كل شخص من أبناء الثورة خلال مسيرته الثورية الحافلة، وبدل أن نقف مع أنفسنا وقفة محاسبة ونقد ذاتي، ألقينا اللوم في كل أمر على عاتق غيرنا، وجدنا مبررات كثيرة نسوغ بها لأفعالنا ولإثبات أننا في الطريق الصحيح، لكننا لم  نستطع إصلاح أي شيء والثورة لا زالت في تدهور مستمر، حتى وإن رفضنا الاعتراف بذلك بل يمكننا القول أن الثورة انتهت على الأرض، ولم تبق إلا في قلوبنا، تكبر كل يوم، وترفض شعلتها الخمود، لأنها سقيت بدماء الشهداء من إخوتنا وأصدقائنا، ونعتبر جميعناً أن التراجع هو خيانة عظمى لهذه الدماء.

لا يمكن لأحد على وجه الأرض أن يعلن انتهاء الثورة، وحتى من يؤمن بذلك، لا يقوى على قولها، بسبب الخوف من تعرضه لانتقادات وهجوم من كل أبناء الثورة، لكن في الذكرى الثانية عشرة لها يجب أن نقف بشكل موضوعي، ونحاسب أنفسنا على أفعالنا، قبل محاسبة غيرنا، ونتعهد على إعادتها سيرتها الأولى -أفعالاً وليس أقوالاً- وإن لم نستطع فعل ذلك، فليترك كل منا الثورة وينسى ذكراها وشهداءها، ويعترف بعجزه عن فعل ما يحقق نجاحها، ونعترف جميعاً بالهزيمة، فاليوم أفضل من المستقبل، لأن ملايين الناس في مخيمات النزوح عانت الويلات في الخيام، حتى من المنظمات والفصائل، وبذلت كل ما لديها ولم تعد تقوى على الاستمرار، ومن يريد مواصلة الدرب، فعليه تحمل نفس ظروفهم المعيشية، ثم التبجح بالسير في درب الثورة حتى إسقاط النظام.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات