بهذه العبارة التي تنطوي على الكثير من الاستصغار بالسوريين والتجبّر عليهم واجه المحلل السياسي التركي أوكتاي يلماز مضيفه مذيع برنامج (تفاصيل) على قناة أورينت عند سؤاله عن أسباب الجريمة التي استباح فيها ثلة من حرس الحدود التركي كرامة عدد من السوريين وحياة اثنين منهم قبل يومين.
"أنتم هنا تأكلون وتشربون" هل هذا هو مستوى الرد الذي يصدر عمّن يُفترض أنه محلل سياسي يطلّ عبر الشاشات يفترض بأي انتقاد مهما كان بسيطاً أنه اعتداء وامتهان لمكانة تركيا وللشعب التركي؟؟ لا يا سيدي نحن لسنا قطيعاً في معلف حتى تتفوه بمثل تلك العبارة.. نحن بشر مثلك ومثل غيرك من البشر لنا حقوق إنسانية يحق لنا التمتع بها وممارستها، ولا يحق لك أو لغيرك أن تنتهكها أو تسخر منها ومنّا وحياتنا ليست مستباحة ولا نهباً للقاصي والداني من بعض السياسيين الفاقعين في عنصريتهم.
لم يُسئ المضيف عندما قدّم عرضاً تمهيدياً لموضوع حلقته، ولم يتجنَّ على أي جهة في الدولة التركية المضيفة، واستهلّ حلقته بالسؤال للضيف التركي ليبدي ما يشاء من رأي بشأنها ويفنّد ما يزعم أنها افتراءات على بلده ولم يصادر حقه بالكلام وعندما واجه منه كلاماً في امتهان واستصغار خيّره بين الرد والمغادرة فاختار الأخيرة، لكنه مع الأسف أساء لنفسه ولقضيته ولبلده في سلوكه وادعائه الزائف أكثر بكثير مما لو بقي ونافح وأجاب عن القضية المُثارة.
تم توقيف المذيع – المضيف، وكذلك مدير القناة في تركيا بعد شكوى كيدية من الضيف المغادر، وربما تُتّخذ بحقهما إجراءات قسرية بترحيلهما رغم إيماننا بإمكانية إنصافهما عند تقديمهما للقضاء.. لكن هل هذا الإجراء التعسفي بتوقيفهما – حتى ربما قبل بث البرنامج وفهم محتواه من قبل الشرطة – يخدم قضية أوكتاي يلماز أم يسيء لتركيا؟!
الجريمة موضوع الحلقة حصلت ولا يستطيع كائن بشري إنكارها، وكنا ننتظر – وما زلنا - أن يُتّخذ حيالها إجراءات إدارية وقضائية تكف يد مرتكبيها عن استباحة حياة السوريين، وكنا ننتظر أيضاً وأيضاً من الضيف اعتذاراً للسوريين عنها ووعداً بمتابعتها مع الجهات المختصة لقطع دابر الاستباحة وانتهاك القانون ليس فقط من أجل السوريين، بل أيضاً من أجل تركيا ومؤسساتها وسيادة القانون فيها.
إن كان محللاً سياسياً يطل عبر الكثير من الشاشات لا يستطيع مواجهة الكلمة بالكلمة وتفنيد الحقائق وبسطها ودحض ما يعتقد أو يزعم أنها افتراءات فمن يستطيع إذاً؟ ومن يفعل؟؟؟.
من أنتم؟ سؤالك الاستعلائي هذا فيه الكثير مما يعبر عن كراهية وعنصرية مقيتة لطالما مورست خلال السنوات الأخيرة ضد السوريين هنا ولا أحد يمكنه إنكار ذلك إلا إن كان فاقداً للبصيرة أو متعامياً عن الحقيقة.. نحن السوريون الذين ما قبلوا الرضوخ لظلم حاكمهم الذي استباح حيواتهم وكراماتهم وأموالهم على مرأى العالم كله ولم يكن لهم من نصير.
من أنتم؟ نحن المولودون من تراب أرض معجونة بالكرامة، ومن مجبول حضارة ومدنية مضى على مدماكها الأول أكثر من اثني عشر ألفاً من السنين.. ولا يحق لأحد كائناً من كان أن يمتهنها أو يقلل من شأنها أو يضع إشارات استفهام عن ماهية من نحن.
التعليقات (18)