مبادرة عربية أم مسار أستانا؟.. هل تتفق السعودية وإيران على إنجاز الحل في سوريا؟

مبادرة عربية أم مسار أستانا؟.. هل تتفق السعودية وإيران على إنجاز الحل في سوريا؟

يبدو أن مشروع الحل في سوريا لم تكتمل ملامحه بعد بالنسبة للدول العربية، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، على الرغم من توقيعها اتفاق المصالحة التاريخي مع إيران نهاية الأسبوع الفائت، والذي يقوم على صفقة متكاملة تشمل كل الملفات العالقة في المنطقة بين الطرفين.

وحسب التقديرات، فإن الملف اليمني سيكون على رأس الملفات التي سيعمل السعوديون والإيرانيون على التوصل إلى حل فيها، ما يجعل الوقت مبكراً للحديث عن حل سياسي في سوريا، بالنظر إلى الوقت الطويل الذي يمكن أن يستغرفه الملف اليمني، خاصة إذا لم يتم تبنّي العمل المتزامن على جميع الملفات.

بين الثابت والمتغير

الاتفاق السعودي مع إيران الذي تم توقيعه برعاية صينية استدعى تغيراً في لهجة الرياض تجاه النظام، هذه اللهجة التي كانت قد بدأت تظهر منذ منتصف شباط/فبراير الماضي، بعد الانفراجة الواسعة في الموقف العربي تجاه نظام ميليشيا أسد، عقب الزلزال الذي ضرب شمال سوريا وجنوب تركيا.

فعلى إثر المساعدات التي أرسلتها المملكة إلى مطاري دمشق وحلب، تداولت وسائل إعلام مقربة من النظام عن زيارة مرتقبة لوزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان إلى دمشق، الأمر الذي علّق عليه الوزير السعودي بالقول إنها "شائعات".

لكن الأمير فيصل قال في الثامن عشر من الشهر الفائت، خلال قمة الأمن التي عُقدت بميونخ الألمانية: "سترون أن إجماعاً يتزايد ليس فقط بين دول مجلس التعاون الخليجي، بل في العالم العربي كله على أن الوضع الراهن في سوريا غير قابل للاستمرار".

وأضاف: في ظل غياب سبيل تحقيق "الأهداف القصوى" من أجل حل سياسي، فإن نهجاً آخر بدأ يتشكل لمعالجة الأمور في سوريا، وخاصة بما يتعلق بمسألة اللاجئين في دول الجوار، ولذا ينبغي أن يمر ذلك عبر حوار مع حكومة دمشق في وقت ما، بما يسمح على الأقل بتحقيق الأهداف الأكثر أهمية، خاصة فيما يتعلق بالزاوية الإنسانية وعودة اللاجئين وما إلى هنالك. 

الحديث السعودي لأول مرة منذ 12 عاماً عن حوار مع حكومة دمشق، وإشارة بن فرحان لغياب سبل تحقيق الأهداف القصوى، فُهم منه بشكل واضح التنازل عن موقف الرياض المطالب بإسقاط نظام ميليشيا أسد، قبل أن يتم الإعلان عن المصالحة مع طهران، الأمر الذي أحدث ضجة واسعة.

ورغم أن العميد المنشق عن جيش نظام ميليشيا أسد، والمقيم في السعودية "أسعد الزعبي" أكد أن الموقف السعودي من الملف السوري "لا زال ثابتاً" ويطالب بتنفيذ القرار 2254، إلا أنه اعتبر في مشاركته ببرنامج "تفاصيل" الذي يُعرض على شاشة "أورينت" أن "سبل تحقيق ذلك باتت مختلفة اليوم".

خيارات المملكة: مبادرتان عربيتان ومسار أستانا

لكن كيف يمكن للملكة العربية السعودية أن تنفذ تصوراتها ومقاربتها للحل في سوريا بضوء المتغيرات التي ترى أنها تتطلب اختيار سبل جديدة للوصول إلى الحل السياسي وفق القرار الدولي 2254؟.
تقول مصادر "أورينت" إن الرياض التي وافقت بتحفظ على المبادرة الأردنية-الإماراتية التي كانت مطروحة خلال الأشهر الماضية، قدمت شروطاً لبشار أسد من أجل "التدخل الإيجابي" في سوريا عن طريق سلطان عمان خلال زيارة أسد إلى مسقط في العشرين من الشهر الفائت.

وبينما لم يتم الكشف عن الشروط السعودية أو موقف نظام ميليشيا أسد منها، طالبت روسيا بشكل غير مباشر المملكة بالانخراط في مسار أستانا لتكون شريكاً في الحل.

جاء ذلك خلال زيارة وزير الخارجية السعودي إلى موسكو الاسبوع الماضي، حيث دعا وزير خارجية روسيا إلى العمل وفق صيغة أستانا للوصول إلى حل سياسي في سوريا.

ورغم أن الأمير بن فرحان لم يعلق على هذه الدعوة، ورغم أن اللقاء القادم لممثلي دول أستانا بالإضافة إلى ممثل عن حكومة ميليشيا النظام سيعقد في موسكو يومي 14 و15 آذار/مارس الجاري دون حضور أي دولة أخرى، إلا أن مصادر أخرى قالت إن اللقاء القادم لدول المسار قد يُعقد في الرياض أو دبي، وفي حال لم يتم ذلك، فغالباً ما ستنضم السعودية والإمارات كمراقبين.

غياب المعارضة واحتفاء النظام

تطورات تشي بأن العمل على إنجاز الحل الديبلوماسي في سوريا جار على قدم وساق، وأن ترتيباته العملية ستبدأ في وقت قريب، إلا أن ذلك لا يبدو محققاً بالنظر إلى عدم وجود أي تواصل مع أي جهة من المعارضة السورية.

ولذلك فإن المعارض السوري الدكتور يحيى العريضي يرى أن الملف السوري يحتل مرتبة متأخرة على سلم أجندات الاتفاق السعودي الإيراني الذي سيبدأ من اليمن، لكنه اعتبر أن في هذا الاتفاق جوانب إيجابية وأخرى غير مشجعة.

وفي حديث مع "أورينت نت" قال: "من حيث المبدأ فإن الاتفاق إيجابي كونه يفترض توقف إيران عن التدخل بالشؤون الداخلية لدول المنطقة، سواء بشكل مباشر أو عبر أذرعها، وتحديداً في سوريا واليمن والعراق ولبنان، رغم عدم الثقة بذلك، وعليه فإن فترة الشهرين التي منحها الاتفاق للجانبين وللراعي الصيني ستحدد مبدئياً ما إذا كانت طهران قد اقتنعت بضرورة تغيير إستراتيجيتها التوسعية والالتزام بالاتفاقات".

وأضاف العريضي: لا شك أن الاتفاق بمثابة صفقة تشمل كل المنطقة، لكن تنفيذها سيكون بالترتيب وعلى التوالي بحيث تكون البداية من اليمن، وأعتقد أن إيران تريد هذه الطريقة في التطبيق بدل العمل بالتزامن على كل الملفات، لأنها تفضل دائماً اللعب على عامل الوقت كما هو معروف.

ويختم العريضي بالقول: أعتقد أن سوريا ستكون الملف الرابع على سلم ترتيب الملفات بين إيران والسعودية، لاعتبارات تتعلق بالقرب الجغرافي أولاً، حيث تجاور اليمن والعراق السعودية وإيران بشكل مباشر، على عكس لبنان وسوريا، كما إن الملف السوري هو الأكثر تعقيداً ويحتاج إلى جهد كبير وعمل شاق قبل تحقيق أي تقدم فيه، لذلك أعتقد أن الجميع سيؤجل فتحه حتى النهاية تجنباً لتأثيراته على الملفات الأخرى، هذا إذا تحقق النجاح في تلك الملفات بالوقت المحدد.

مثل الكثيرين، فإن الدكتور يحيى العريضي يرى أن الاتفاق بين السعودية وإيران هو اتفاق "تجريبي" ولا يمكن تقييمه بشكل نهائي قبل أن تتكشف جميع تفاصيله من جهة، ويتم البدء بتنفيذه عملياً من جهة أخرى، وعليه فإن الأسئلة التي يطرحها هي أكثر بكثير من الإجابات المحتملة أو الممكنة عليه.

لكن المريب أنه وبينما لم يتم التفاعل مع المعارضة السورية بهذا الخصوص، فإن نظام ميليشيا أسد يبدو مهتماً جداً بالموقف السعودي الجديد، الأمر الذي يثير القلق من أن هذا الموقف يحمل بالفعل تغيرات جوهرية في الموقف من النظام أو رأسه، فهل يمكن القول إن الرياض باتت تتبنى التفسير الروسي-الإيراني للقرار 2254؟

التعليقات (3)

    سوري مُشرد

    ·منذ سنة شهر
    باختصار شديد أثبت الحكام العرب عجزهم أمام تدفق مخدرات ( بشار-حزب الشيطان-إيران) هذا الثلاثي الشيطاني تعاون معاً لمحاربة العرب و دول الجوار بالمخدرات و نجح في ذلك فبعد أن كان هذا الثلاثي معزولاً و منبوذاً تجد الدول أصبحت تتسابق لكسب وده خوفاً من إزدياد تدفق المخدرات و أثرها في البلاد. الأردن أعلن عجزه و طلب العون من أمريكا أمام تدفق المخدرات إلى أراضيه. السعودية رضخت لإيران بعد عجزها أمام حرب المخدرات التي شنها الثلاثي الشيطاني على أراضيها. من كان يُصدق أن السعودية تنحني لمجوس إيران في النهاية بعد حربها الطويلة في اليمن دون أي جدوى!! و هكذا يتابع المجوس الفرس سيطرتهم على الدول العربية الإسلامية واحدة تلو أخرى حتى يسيطروا على الكعبة و يهدمونها و يقيموا الدين المجوسي كما قد خططوا لذلك بينما حكام أهل السنة نائمون أو منصرفون إلى ملذاتهم غير عابئين لدينهم إنما همهم الدنيا و متعها!!!!

    مغترب

    ·منذ سنة شهر
    السعودية هي دولة من غير سيادة عندما يتعلق الأمر بأي تحول استراتيجي في منطقة الشرق الأوسط ، السيادة هي لأمريكا وكما يوافق أمريكا بالتوافق مع مصلحة الدولة الصهيونية ، والسياسي المخدوع هو الذي يعول على أي دولة خليجية ، الكل يتذكر كيف أوباما ضغط على قطر عام 2013م وهددها كي تغير موقفإا 180 درجة اتجاه الثورة في سوريا التي كانت على وشك اسقاط النظام الأسدي المافياوي ، رغم أني مسلم وضد الدولة اإيرانية وأعمالها القذرة إلا أني أعتبر أيران أنها دولة ذات سيادة ولذلك كان لها الغلبة في المنطقة على هؤلاء المواشي من جول الخليج والسعودي بمعاونة رئيس عصابة سوري أزعر ليس معروف قرعة جده من أين ، ولكن وبإذن الله سيسقط هذا النظام اللعين ولو وقفت ليس إيران أوالسعودية معه فحسب بل لو وقفت معه كل أجناد الشياطين و سوف ينتصر الحق يوما ما .

    محب بلاد الشام

    ·منذ سنة شهر
    أمريكا واسرائيل والنظام السوري يريدون أن تستمر إيران في نشر التشيع في سوريا ، السعودية أداة مثل إيران والنظام السوري ، فهم يتبعون أوامر الدولة العميقة التي تحكم العالم.
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات