قطار التطبيع: انتشال سوريا من الحضن الإيراني أم استسلام لإيران؟

قطار التطبيع: انتشال سوريا من الحضن الإيراني أم استسلام لإيران؟

يظهر الزعماء السياسيون الذين تمرغ عهدهم بتاريخ طويل من الجرائم غيرة استثنائية على السلطة؛ لأنها الضامن الأوحد لأمنهم المادي. وفي حالة النظام السوري؛ تبدو تلك الغيرة على السلطة مضاعفة على اعتبار أن تلك السلطة خُطط لها بأن تكون أبدية يتوارثها الأبناء عن الآباء، وهو ما دفع النظام السوري للمجازفة بالاستعانة بالأصدقاء وهو يعلم علم اليقين أن تلك الخطوة لن تكون محمودة العواقب، لكنها جاءت في لحظة يأس من إمكانية النجاة بالاعتماد على الموارد الذاتية، فاختار الأسر بدل السقوط على أمل أن الأسير قد يطلق سراحه يوماً، فالمستقبل دائماً مجهول.

الزلزال طوق نجاة!

بعد أن تردد النظام السوري في كيفية التعاطي مع الكارثة التي أحدثها زلزال "كهرمان مرعش" الذي امتد تأثيره المدمر إلى بعض المناطق السورية؛ انتفض النظام السوري من رأسه حتى أخمص قدميه للتعاطي مع الكارثة كأحد المجاهيل التي يخبؤها القدر، وهو مجهول قد يكون بمثابة طوق نجاة من وجهة نظر مستشاري رأس النظام الذي يبدو أنه اقتنع بكل ما قيل له فلم يتمكن من إخفاء سعادته بالحدث؛ لدرجة أنه نسي أنه في جولة لتفقد المنكوبين. وفي ظل القحط الأخلاقي الذي تعاني منه بعض الأنظمة العربية قدمت بعض الوفود والشخصيات التي زارت دمشق وابلاً من المحفزات للنظام السوري ليخرج على الجماهير بخطاب النصر، وخاصةً تلك التي جاءت من وفد البرلمان العربي، والحجة دائماً: انتشال سوريا من الحضن الإيراني.

هل يرغب النظام بمغادرة الحضن الإيراني؟

يحظى الشعار المرفوع من قبل المطبعين بجاذبية – بدرجات متفاوتة – لدى الكثير من الجهات، وعلى المستوى السوري؛ قد يستغرب البعض من قول: إن خروج إيران يعتبر أُمنية تداعب أحلام النظام السوري. ولكن، حبذا أن يغادر من تلقاء نفسه وهو راضٍ، ولكن هيهات هيهات. فلقد أصبح التواجد الإيراني على الأراضي السورية مصدر قلق وأرق للنظام السوري، فالصديق مهما بلغت منزلته يصبح كابوساً عندما يشاركك فراش نومك، وعندما يقاسمك سلطة اعتدت أن تتفرد بها محتفظاً لنفسه بالحصة الأكبر. وهذه الحقيقة لا بد أن تظهر يوما ما في مذكرات شخصية ألحت بهذا الطلب. أي، الطلب من رأس النظام السوري أن يحاول تحجيم النفوذ الإيراني في سوريا؛ ستقول تلك الشخصية: لقد تلقيت نفس الرد الذي قدمه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لوزير الخارجية الأمريكي "بومبيو" عندما قال له – بما معناه - لا تطلب مني مخالفة الإيرانيين لأنهم سيقتلونني إن فعلت.

المطبّعون مدفوعون بمصالحهم

رغم ذلك، فالشعار المرفوع من قبل الراغبين بالتطبيع يبدو أن الهدف منه مجرد غطاء أخلاقي كسياق طبيعي لسعي البشر الدائم نحو الغطاء الأخلاقي، مهما كان الواقع مختلفاً، فحتى ممارسو الدعارة والبغاء يبحثون عن هذا الغطاء، فالمطبّعون يعلمون جيداً أن النظام السوري ليس لديه شيء ليقدمه مقابل التطبيع، وهو في حال امتلك المقدرة على تقدم شيء، لن يفعل؛ لأنه ينظر إلى تقاطر المطبّعين بأنه جاء بدافع من مصالحهم الذاتية، فبعضهم جاء بدفع من هواجس أمنه القومي، وبعضهم جاء بدافع النكايات؛ تلك السياسة الموسومة بأنها ابتكار عربي بامتياز. والبعض يتحرك وفق مبدأ تحقيق الذات في ظل انشغال القوى الفاعلة في الحرب الأوكرانية. وقد يكون للبعض دوافع أخرى لكنها لن تخرج عن إطار المصالح الذاتية.

متى يقبل النظام السوري المقايضة؟

لدى النظام السوري قناعة راسخة أن أي تغيير جوهري يمس بنيته أو سلوكه يعتبر بداية النهاية، بينما هو يسعى للاستمرار بحكم سوريا للأبد. في المقابل، ترى بعض الحكومات، التي أصبحت في الآونة الأخيرة تقبل بفكرة التطبيع، أن التطبيع المجاني يعد بمثابة الإذلال والمهانة. لذلك، لا بد من مقايضة التطبيع ببعض التنازلات الملموسة من قبل النظام السوري. وهذا إن حصل، فهو – بدون أدنى شك – جاء نتيجة ضغوط هائلة من قبل الأوصياء على النظام السوري: روسيا وإيران. وضمن هذا السياق يُعتقد أن لإيران الدور الأكبر، ويتذكر الجميع كيف عرقلت إيران المباحثات الأولية بين النظام السوري والحكومة التركية رغم وجود الرعاية الروسية. من هنا يمكن القول: إن قبول النظام السوري بأي نوع من أنواع المقايضة إنما هو قبول إيراني. وبالتالي؛ هو يصب في بوتقة المصالح الإيرانية، وهو استسلام لمشيئتها بالدرجة الأولى.

في مجمل الأحوال، ومهما كانت دوافع المطبّعين يبقى الحراك التطبيعي الذي طفا على السطح بالتزامن مع المأساة التي حلّت بالسوريين نتيجة الزلزال المدمر مجرد زوبعة في فنجان في ظل غياب الدور الأمريكي، ولعل أهم ما فيه أنه دفع بالسوريين لإعادة فتح سجل العار لإضافة بعض الأسماء التي كشفت عن وجهها القبيح بهذه المناسبة، ومطالبتهم الإجابة عن السؤال المهم: أتحاولون انتشال سوريا من الحضن الإيراني أم تستسلمون لمشيئة إيران؟!.

التعليقات (1)

    namroud

    ·منذ سنة أسبوعين
    انه استسلام للشيطان الايراني. وهاهي السعوديه تعيد علاقاتها مع الشيطان, بعد ان املنا في ثورة الشعب الايراني ضد الطاغيه في قم... هذا العالم بيت للدعاره, وفقط القواد هم المنتصرون مع الاسف...
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات