بالرغم من أن الكثير من المعارضين الأتراك لا يزالون يحاولون جاهدين تسييس ملف اللاجئين في البلاد واستخدامه كورقة ضغط على حكومة حزب العدالة والتنمية، ومحاولة تأليب الناس على السوريين بهدف تحقيق أصوات انتخابية أكثر والفوز بمقعد الرئاسة، إلا أن العديد من الأكاديميين الأتراك وأصحاب الرأي المعتدل وحتى المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي سعوا لكشف الحقيقة وتبرئة ساحة السوريين من مئات الإشاعات والأكاذيب التي حاولت بثّ الكراهية والعنصرية ضدهم.
وفي مقال مطول له بعنوان (سوريون بعد الزلازل) أشار البروفيسور "علي ظفر صاغر أوغلو" عضو هيئة التدريس بجامعة أنقرة يلدريم بيازيد، إلى أنه لن يكون من المفاجئ أن يزداد الضغط الاجتماعي على السوريين بعد الزلزال الذي حدث عشية الانتخابات المرتقبة، مؤكداً أن الكوارث الطبيعية تجبر الناس على الهجرة من ديارهم وتجعل الفئات المحرومة في المجتمع أكثر عرضة للخطر.
وبيّن "صاغر أوغلو" أنه بعد الكارثة يواجه النساء والأطفال وكبار السن والمعوقون واللاجئون تحديات مختلفة وكبيرة، فبالرغم من أن أبعاد الهجرة الداخلية للأتراك تتم مناقشتها باستمرار، إلا أن هناك بُعداً آخر لم يتم الحديث عنه بعد وهو المهاجرون واللاجئون السوريون الذين يعيشون في المنطقة.
ولفت إلى أنه من المعروف أن أكثر من 1.7 مليون سوري تحت الحماية المؤقتة، إضافة إلى 33 ألفاً من جنسيات مختلفة، يعيشون في المنطقة التي وقع فيها الزلزال، وعلى الرغم من عدم ذكر أسمائهم في الخطب والمناقشات حول الزلزال فلا ينبغي تجاهل المشاكل التي يتعرضون لها.
إشاعات وأكاذيب
وأوضح أنه بعد الزلزال، انتشرت تقارير كثيرة لا أساس لها وغير واقعية عن نهب وسرقة قام بها الأجانب في المنطقة وخاصة السوريين، مبينا أنه على الرغم من عدم إمكانية تأكيد أي منها لكن مثل هذه الأخبار التحريضية أثارت الغضب تجاه السوريين.
واعتبر الأكاديمي التركي أنه في الأوقات الصعبة يمكن أن تتحول الفئات الضعيفة في المجتمع إلى "كبش فداء" بسرعة كبيرة، كما إن التحريض على العداء تجاه اللاجئين في الأوقات الصعبة يشير إلى نوع آخر من الخطر على المجتمع نفسه فعلى الرغم من أن الأضرار التي سبّبها الزلزال لم يتم توضيحها بعد فمن المحتمل أن يكون السوريون قد عانوا أكثر من السكان المحليين.
وأضاف أن المباني التي يقيم فيها اللاجئون بشكل عام تقع في أقدم أجزاء المدينة، فيمكن عندها القول بأن التأثير المدمّر للزلزال أصاب مخزون المباني في هذه المناطق بشكل أكبر، ومن ناحية أخرى فهناك حقيقة أخرى أن السوريين في وضع غير مواتٍ أكثر بكثير من السكان المحليين فيما يخص إزالة الحطام وأعمال الإنقاذ.
نزوح جديد
وبحسب الأخبار الواردة من المنطقة بعد الزلزال، فقدَ نحو 6500 سوري أرواحهم لذا قام عشرات الآلاف منهم باتخاذ خطوات للنجاة وحماية أنفسهم منها العودة الى سوريا، حيث رجع أكثر من 35 الفاً منهم إلى بلادهم في الأيام الماضية حيث يوجد أقرباؤهم هناك وسُمح لهم بالعبور مع إمكانية العودة في غضون 6 أشهر.
ومنها أيضاً النزوح إلى مدن تركية أخرى، وذلك بعد رفع مديرية الهجرة القيود المفروضة على مغادرة السوريين لمحل إقامتهم في المناطق المتضررة، ويُعتقد أن جزءاً كبيراً منهم تحركوا نحو أقاربهم في المناطق الغربية من تركيا.
وتابع الأكاديمي التركي أنه بالنسبة للاجئين السوريين، يمثل هذا النزوح صدمة ثانية بعد الصراع داخل سوريا، وبالإضافة إلى الصعوبات التي يواجهونها فإن المعاناة التي يواجهها اللاجئون الذين بقوا في "النقاط العمياء" يمكن أن تصبح أكثر حدة مع ردود الفعل الاجتماعية غير العادلة والظالمة بين الحين والآخر.
خيارات للاجئين السوريين
وأوضح صاغر أوغلو أن هناك عدة خيارات للاجئين السوريين في هذه العملية:
أولاً، يمكنهم مواصلة حياتهم في بيئة هشة من خلال البقاء في المنطقة، وفي هذه الحالة يمكن أن تكون المنازل المهجورة والمدمرة بالفعل خياراً خطيراً ولكن لا مفرّ منه بالنسبة للسوريين، كما إنه ليس من الصعب التكهن بأن اللاجئين سيستفيدون من فرص الإقامة الآمنة المتضائلة بالفعل في الاحتمال الأخير.
الثاني، قد يكون هو الهجرة بشكل مؤقت أو دائم إلى المحافظات المحيطة خارج المنطقة، حيث يميل عدد السكان السوريين إلى التناقص والتشتت في جميع المحافظات باستثناء غازي عنتاب حيث وقع الزلزال.
الثالث، عودة السوريين إلى المناطق الآمنة في بلادهم، إلا أنه يمكن توقع أن هذا الخيار لن يكون شائعاً جداً، لأن الزلزال تسبّب أيضاً في دمار كبير في شمال سوريا أيضاً.
الرابع، هو الهجرة وإعادة توطين اللاجئين السوريين في دول ثالثة، فمنذ عام 2011 ، بلغ عدد السوريين الذين أعيد توطينهم في بلدان ثالثة في إطار "برامج إعادة التوطين" نحو 50 ألفاً.
الاستنتاج والتوصيات:
وخلص الأكاديمي التركي بحسب بحثه إلى عدة أمور من شأنها أن تخفف من المعاناة عن اللاجئين السوريين الذين أصيبوا بكارثة الزلزال منها، وضع برامج لعودة السكان الذين غادروا المنطقة وعدم تجاهل وضعهم ودعمهم بأنشطة المساعدة، بالإضافة لدعوة المجتمع الدولي لتطوير برنامج إعادة التوطين ودعم السوريين في المناطق المتضررة من الزلزال داخل بلادهم وإبقاء البوابات الحدودية مفتوحة أمام آليات المساعدة الدولية.
التعليقات (2)