بعد ساعات معدودة تحبس الأنفاس من إعلان انفصالها، عادت زعيمة حزب "الجيّد" التركي "ميرال أكشنار" إلى ما بات يعرف بـ"مائدة إبراهيم" أو الطاولة السداسية المشكّلة ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الانتخابات القادمة، لتبدأ الصحف التركية بالتكهن ونشر بعض كواليس الاتفاق الذي جرى بين أكشنار وقادة الأحزاب المشكلة لـ"الطاولة".
وعادت أكشنار بعد نحو 72 ساعة فقط من إعلان انشقاقها عن الطاولة اعتراضاً على ترشيح زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو نفسه عن تحالف الطاولة، لتدور التساؤلات حول كيفية العودة؟ وما الذي حدث في ذلك اليوم؟.
حضور أمريكي في فندق الماريوت
وفي هذا السياق، كشف الصحفي التركي بولنت إرانداتش أن أكشينار عادت إلى تحالف الطاولة بعد اتصال هاتفي بينها وبين كليجدار أوغلو، تبعه عقب ذلك اجتماع مغلق بينهما في فندق الماريوت على بعد 30 متراً من السفارة الأمريكية في العاصمة التركية أنقرة.
وذكر إرانداتش أن كليجدار أوغلو التقى في فندق الماريوت كذلك بقيادات من حزب الشعوب الديمقراطية الكردي بإشراف أمريكي من أجل التنسيق للانتخابات في مواجهة الرئيس أردوغان وحزبه الحاكم في تركيا منذ عام 2002.
اقتراح يافاش وإمام أوغلو
من جهتها، نقلت صحيفة A-HABER عن إرانداتش قوله إنه بعد هذا الاجتماع انتهى الخلاف في الطاولة، وقررت أكشينار العودة مرة أخرى إلى اجتماع المعارضة للإعلان عن مرشحهم للانتخابات الرئاسية.
وأضافت أن ذلك جاء بعدما تم التوصل إلى اتفاق بتعيين رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو ورئيس بلدية أنقرة منصور يافاش، نائبين لرئيس الجمهورية حال فوز المعارضة، إضافة إلى قادة الطاولة الخمسة.
"توصية أمريكية"
ووفق الصحفي التركي في صحيفة "تقويم"، بكير هزار، فقد كان قادة من حزب الشعب الجمهوري وحزب الجيد حاضرين في الاجتماع، إضافة إلى عدد من العاملين في السفارة الأمريكية في العاصمة التركية أنقرة.
وجاء اقتراح يافاش وإمام أوغلو بـ"توصية أمريكية" وفق الصحفي الذي قال إن سبب اختيار فندق الماريوت -إلى جانب قربه من السفارة الأمريكية- هو احتواؤه على أجهزة تشويش تحول دون مراقبة الاجتماعات المهمة.
وذكر الصحفي أن زعيم حزب الشعب الجمهوري اعتاد عقد مثل هذه الاجتماعات داخل هذا الفندق المملوك لأحد قيادات طائفة المورمون التي اعتقل منها القس الأمريكي أندرو برونسون في تركيا من قبل بتهم التجسس وتدخل آنذاك الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب شخصياً للإفراج عنه، بعد فرض عقوبات على أنقرة.
ملفات حساسة
من جانب آخر، كشف الصحفي التركي يشار أوكيان في تصريحات تلفزيونية أنه يملك ملفات حساسة ضد أكشينار "قد تجعلها تجلس في بيتها ولن تجرؤ بعدها على الخروج إلى الشارع"، على حد تعبيره.
وذكر أوكيان أنه قدم هذه الملفات إلى زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو.
BUGÜN CHP GENEL BAŞKANI SAYIN KEMAL KILIÇDAROĞLU İLE YARIM SAATİ AŞAN BİR SÜRE TBMM DE Kİ CHP GURUP ODASINDA GÖRÜŞTÜK.DEPREM VE SEÇİMLERİ ELE ALDIK. pic.twitter.com/p0wm9D2bbo
— Yaşar Okuyan (@yasarokuyan) February 21, 2023
كواليس الانفصال
وقبل أيام نقلت صحيفة "سوزجو" التركية عن أكشنار، قولها إن ليلة الاجتماع الأخير بين رؤساء الأحزاب المعارضة الستة شهدت "قتالاً" بعد رفض الأخيرة ترشيح كليجدار أوغلو للانتخابات الرئاسية القادمة، وذلك قبل مشاورة أعضاء حزبها وفي مسعى منها للتخلص من مسؤوليتها تجاه الناخبين.
وحول كواليس الليلة الأخيرة، قالت أكشنار: "حتى ذلك اليوم، لم يتم التحدث عن اسم كليجدار أوغلو أو أي مرشح رئاسي آخر. جلسنا على الطاولة في ذلك اليوم. فيما يبدو أن الجميع باستثنائي قد جاؤوا وهم متوافقون على ترشح كليجدار أوغلو للانتخابات".
وقالت أكشنار في تصريحات عقب الحادثة إنها لم تساوم من أجل مصلحتها الشخصية أو مستقبل حزبها بل من أجل مطالب الشعب والمواطنين، مشيرة إلى أنه لو وافقت الطاولة أو كيليجدار أوغلو على مطلب الشعب (بترشح إمام أوغلو أو يافاش) فلن تكابر وستعود للطاولة.
استقطاب حاد مع قرب موعد الانتخابات
وكانت شعبية أردوغان قد تراجعت قبل كارثة الزلزال المدمّر بسبب مجموعة من العوامل في مقدمتها ارتفاع تكاليف المعيشة وتدهور سعر صرف الليرة وقضية اللاجئين، فيما جاء الزلزال ليزيد من حدّة الاحتقان الشعبي تجاه تعامل حكومته واستجابتها للزلزال.
وسبق أن قال أردوغان الشهر الماضي إنه يسعى لتبكير الانتخابات الرئاسية والبرلمانية إلى مايو/أيار تجنّباً للعطلات في يونيو/حزيران، فيما تُظهر بعض استطلاعات الرأي أن الانتخابات ستشكّل أكبر تحدٍّ يواجه أردوغان منذ بدء مسيرته السياسية.
وتشهد تركيا استقطاباً سياسياً حاداً زاد من شدته الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وأودى بحياة أكثر من 45 ألفاً، وسط اتهامات من قبل بعض أطراف المعارضة للحكومة بالتقصير في أداء مهامها والاستجابة السريعة لإغاثة المنكوبين.
يُذكر أن تحالف الأمة هو تحالف سياسي يضم 6 أحزاب تركية معارضة هي: حزب الشعب الجمهوري (CHP)، وحزب الجيد (IYI PARTI)، وحزب السعادة (SP) ، وحزب المستقبل (GP)، والحزب الديمقراطي (DP)، وحزب الديمقراطية والتقدم (DEVA).
وتأسس التحالف من عدة خلفيات في شباط عام 2022 على وقع التحضيرات لانتخابات 2023 الحاسمة، ويهدف إلى العودة بالبلاد من النظام الرئاسي إلى النظام البرلماني ويرفع شعار "النظام البرلماني المعزز"، وقد أطلق عليه مؤخراً الطاولة السداسية ومن ثم تم وصفه بـ"مائدة إبراهيم".
التعليقات (3)