200 ضحية بعد الزلزال.. الأتارب: مدينة نُكبت مرتين ونسيها الإعلام (صور)

200 ضحية بعد الزلزال.. الأتارب: مدينة نُكبت مرتين ونسيها الإعلام (صور)

"منازل مدمّرة، بيوت متصدّعة، خيم منتشرة في الساحات وعلى جانبي الطرقات"، هكذا بدت حالة مدينة الأتارب غرب حلب، عقب الزلزالين اللذينِ ضربا المدينة في شباط الماضي، واللذينِ خلّفا أضراراً كبيرة من ضحايا وإصابات ودمار في الممتلكات.

لا يغيب عن الناظر وهو يتجول بين حارات الأتارب، الدمار الذي حصل، حتى تكاد تكون ملامحها قد تغيرت، بل تخبرك وجوه أبنائها المنهكة الحزينة بحال المدينة التي لم تغب عنها مشاهد القتل والدمار والتشرد طيلة 12 عاماً منذ بداية الثورة.

تُعد الأتارب من أولى المدن الحلبية التي خرجت بمظاهرات شعبية على ميليشيات الأسد، وقدّمت الكثير من التضحيات في سبيل نيل حريتها، فقدمت قرابة 1500 شهيد على مدار سنوات الثورة السورية.

وجاء زلزال شباط ليختبر صمود أبناء الأتارب مجدداً ولكنه كان قاسياً عليها، فهي خط التماس مع ميليشيات الأسد وصمام الأمان لريف حلب الغربي، فقد خسرت ما يزيد على 200 شخص ومئات الإصابات، إضافة إلى دمار عدد كبير من المنازل، حتى إن أحياء بكاملها سُوّيت بالأرض.

وغابت الأتارب عن الإعلام في أولى أيام الزلزال، حيث تركزت نداءات الاستغاثة على حارم وجنديرس وسلقين، ما سبب مزيداً من المعاناة التي أدت لفقد كثير من الأرواح تحت الأنقاض بسبب تأخر وصول فرق الإنقاذ إليها.

تزامن هذا المصاب مع قصف وحشي من قبل عصابات الأسد التي لا تبعد سوى بضعة كيلومترات عن المدينة، والتي تتمركز شرق المدينة في الفوج 46 .

بنية تحتية هشّة

لا يكاد يمر أسبوع أو ربما يوم إلا وترى خبر قصف عصابات الأسد للمدينة وأريافها، ما جعل بنيتها التحتية هشة جداً بفعل القصف، وربما كان هو السبب الأكبر في الدمار الكبير الذي لحق بالمدينة بفعل الزلزال، حيث توالت المجازر بحق المدينة، آخرها مجزرة السوق في وسط المدينة والتي سقط ضحيتها (63) قتيلاً في عام 2017، بفعل ميليشيات بشار الأسد، حيث تهدَّمَ السوق بشكل شبه كامل، وهو الزلزال الأخطر عليهم كما يحب أن يسميه أبناؤها، وليس الزلزال الذي وقع في 6 شباط الماضي.

وقال عمر بكور أحد أبناء المدينة إن الأتارب تعرضت لقصف عنيف مستمر على مدار سنوات، ما سبّب دماراً وتصدّعاً ببعض المنازل والبنى التحتية فيها، وجاء الزلزال ليكشف هشاشة هذه البنى التحتية، كما إن الدمار الذي سبّبه الزلزال لم يتركز في حيّ معين إنما توزع على كافة أحياء المدينة تقريباً، وخصوصاً في السوق وعلى طريق الجينة والطريق العام وطريق الكرم وطريق معراتة، وهناك عوائل كاملة علقت تحت الأنقاض ولم يخرج منها أحد على قيد الحياة.

من جهته لم يُخفِ الناشط خلف الملا أحد سكان المدينة، حزنه على حال المدينة، التي كانت تعتبر أيقونة للثورة وشمعة من شموع الحرية على حد وصفه، فملامحها متعبة ووجوه أهلها حزينة، والهزات الارتدادية سبّبت رعباً للسكان، الذين ما زالوا يبيتون في خيم متطرفة أو في الأرياف القريبة، حتى إن الكهرباء كلما انقطعت ترى الأهالي يتركون بيوتهم خوفاً من حدوث زلزال جديد، وكأن المصائب كلها اجتمعت على هذه المدينة التي خسرت الكثير من أبنائها وتعرضت لعواصف أنهكتها على مدار 12 سنة من الثورة.

 لملمت الأتارب جراحها بنفسها كما هي عادتها، ونفضت غبار الركام عنها كما سيرتها الأولى مع عصابة الأسد، فرغم جراحها العميقة إلا أنها لا زالت مصرة على درب الثورة، حيث يؤكد أبناؤها دوماً أنهم ماضون في طريق الحرية والخلاص من عصابة الأسد، رغم الجراح والمآسي.

زلزال حلب الثاني

هذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها الأتارب لزلزال في تاريخها، حيث تعرضت مدينة حلب وأريافها في 11 أكتوبر/ تشرين الأول 1138 لزلزال مدمر أودى بحياة الآلاف من سكانها. 

وفق الدراسات الحديثة، فإن شدّة الزلزال قُدّرت بـ8.5 درجات وفق مقياس ريختر، ورافقه تسونامي في البحر المتوسط، وصنّفت هيئة المساحة الجيولوجية الأمريكية زلزال حلب الكبير بأنه رابع أخطر زلزال ضرب الأرض، وثالث أكثر الزلازل عنفاً ودمويّة وتدميراً، بعد زلزالين ضربا الصين، هما زلزالا "شانسي" عام 1556م، و"تانغشان" عام 1976م.

وضرب الزلزال مركز مدينة حلب وأريافها وخصوصا الأتارب التي كان فيها "حصن مسلم" وأودى بحياة 230 ألف نسمة منهم 600 في الحصن الذي دُمر بالكامل، وتسبب الزلزال في انهيار الجدران الشرقية والغربية لقلعة حلب الكبيرة، ودمّر أجزاء كبيرة من المدينة، إذ انهارت منازلها وأغلقت الصخور طرقها وشوارعها، ما تسبب في محاصرة السكان وعدم قدرتهم على الهرب.

٩، وهي إحصائية وثّقتها فرق إنقاذ الدفاع المدني ولكن الرقم يفوق ذلك بحسب الناشط الحقوقي محمود الحجي أحد أبناء المدينة. 

ويقول الحجي لأورينت: "مع ساعات الزلزال الأولى هرع الناس لتفقد أقاربهم من تحت الأنقاض بالإضافة لفرق الدفاع المدني، فهناك الكثير من النازحين في المدينة أسعفوا أقاربهم ودفنوهم بدون المرور على مراكز الدفاع المدني أو المركز الطبية في المدينة، فنحن كناشطين وكمجلس محلي أحصينا قرابة 230 ضحية بفعل الزلزال، فأنا في الحي الذي أسكنه تم إحصاء 15 شخصاً فقدوا حياتهم، لنكتشف بعد عدة أيام أن عددهم وصل لـ43 شخصاً، وهذا في حي واحد من الأحياء المتضررة"، مشيراً الى أن الأتارب ظُلمت إعلامياً ولم تقدَّم لها الخدمات الكافية رغم أنها بحاجة المساعدة قبل حدوث الزلزال نتيجة تعرضها لقصف مستمر من قبل عصابات الأسد والذي تزامن مع عمليات الإنقاذ للعالقين تحت الأنقاض بفعل الزالزل.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات