نيويورك تايمز: دبلوماسية الكوارث فرصة الأسد المنبوذ للعودة إلى الساحة الدولية

نيويورك تايمز: دبلوماسية الكوارث فرصة الأسد المنبوذ للعودة إلى الساحة الدولية

شكل تخفيف العقوبات الأمريكية المفروضة على حكومة ميليشيا أسد والسماح للمساعدات الإنسانية بالتدفق بحرية بعد الزلزال الكارثي "نعمة سياسية" للأسد وفق تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".

وقالت الصحيفة في تقرير لها، اليوم الأحد، إنه عندما ضرب الزلزال المدمر سوريا الشهر الماضي، لم يعلن بشار الأسد حالة الطوارئ ولا يوم حداد على الضحايا، لكن منذ اليوم الأول، دعت حكومته الاستبدادية إلى رفع العقوبات الغربية.

وأشارت الصحيفة إلى أن الزلزال المدمر خلق لرئيس النظام فرصة للعودة إلى الساحة الدولية من خلال "دبلوماسية الكوارث"، حيث تلقى الأسد المنبوذ منذ فترة طويلة لقصفه وتعذيبه شعبه، التعاطف والمساعدة والاهتمام من البلدان الأخرى.

يأتي ذلك بعدما تراجعت الولايات المتحدة عن العقوبات، وقامت بتخفيف القيود المصرفية لمدة ستة أشهر، للسماح بتدفق المساعدات الإغاثية بحرية إلى سوريا، فيما حذت أوروبا حذوها.

وكان الزلزال وفق الصحيفة بمثابة نعمة سياسية للأسد، حيث أرسل القادة العرب الذين تجنبوه سابقاً تعازيهم وطائرات محملة بالمساعدات، أما الآن فإن تخفيف العقوبات يثير مخاوف من أن بشار ودائرته الداخلية ستجني مكاسب مالية كبيرة يمكن استخدامها لتعزيز قاعدة دعمهم.

وقال أندرو تابلر، الزميل البارز في معهد واشنطن والمستشار السابق لمكتب وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى، إن "هذا يسمح بالمعاملات للحكومة السورية، وطالما تقول"إغاثة للزلزال، فيعني أنه لا توجد مشاكل.. هذا أمر غير عادي بالنسبة لنظام لديه هذا السجل الحافل (من الجرئم)".

وذكرت الصحيفة أن حكومة أسد استهدفت بعقوبات طويلة الأمد بسبب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان خلال الحرب التي استمرت 12 عاماً في البلاد، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيماوية ضد الشعب السوري.

وبمجرد تخفيف هذه العقوبات بعد ثلاثة أيام من الزلزال، قال معارضون سوريون ومسؤولون أمريكيون سابقون إنه لم يتم وضع حواجز أمان أو آليات رقابة لمنع الحكومة من الاستفادة من القيود المصرفية المخففة لتحويل الأموال إلى البلاد وإلى داخلها.

كما حذروا من أن النظام سوف يحول المساعدات الإنسانية، مثل الطعام والخيام، المخصصة لضحايا الكارثة من أجل لاستخدامها لمصلحته الخاصة.

بالمقابل، تقول وزارة الخارجية الأمريكية إن وزارة الخزانة لديها أدوات لمنع إساءة استخدام تخفيف العقوبات، لكنها لم توضح ماهيتها، إلا أن ذلك من شأنه يساهم في مساعدة الأسد بعدما ابتعد التركيز الدولي والسياسة الأمريكية عن محاولة الإطاحة بالأسد. نتيجة لذلك، أصبح الإبقاء على العقوبات أكثر أهمية، وفق معارضين سوريين.

لدى المعارضين مخاوف أوسع

ويتخوف معارضون سوريون من أن تخفيف العقوبات سيتم تمديده لفترة أطول، وكذلك يمكن أن يكون هذا بداية إعادة اندماج الأسد بشكل كامل في المجتمع الدولي مع عدم وجود عواقب تقريباً على الانتهاكات التي ارتكبها خلال الحرب.

ويضيفون أن حكومة أسد يمكنها الآن تحويل الأموال إلى البلاد تحت ستار الإغاثة من الزلزال واستخدامها بدلاً من ذلك لإعادة بناء المباني التي تضررت في الحرب الأهلية - الدمار الذي سببته إلى حد كبير الحكومة وداعمها العسكري الرئيسي، روسيا.

وقال خبراء سوريون ومسؤولون أمريكيون سابقون إن تخفيف العقوبات لم يكن ضرورياً حتى بالنظر إلى أن العقوبات الغربية تضمنت بالفعل إعفاءات للسماح بمرور المساعدات الإنسانية.

لكن متحدثاً باسم وزارة الخارجية قال إن دولًا أوروبية وعربية وجماعات إغاثة أعربت عن قلقها من أن العقوبات قد تمنعهم من تقديم المساعدة المتعلقة بالزلزال لسوريا، ورفضت العديد من البنوك إجراء معاملات مالية مع سوريا خوفًا من مخالفة العقوبات، رغم أنها تخضع للإعفاءات.

وبينما تهدف العقوبات إلى معاقبة المسؤولين الحكوميين والعسكريين، إلا أنها تؤثر في نهاية المطاف على قطاعات كاملة من الاقتصاد والعديد من السوريين العاديين. وتقول الأمم المتحدة إن نحو 90 بالمئة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر.

بالمقابل، فإن حكومة أسد تقوم وعلى نحو متزايد بتوجيه المساعدات من خلال منظمتين تربطهما علاقات وثيقة بالدائرة المقربة من الأسد: الهلال الأحمر العربي السوري والأمانة السورية للتنمية، وفقًا للسيدة هول وجويل ريبيرن، المبعوث الأمريكي الخاص لسوريا خلال إدارة ترامب.

وفي السياق، نقلت الصحيفة عن سوريين اثنين مشاركين في توزيع المساعدات في مناطق سيطرة أسد إنه في الأسابيع القليلة التي تلت الزلزال، شهدا بالفعل سرقة المساعدات من قبل حكومة ميليشيا أسد.

وقال السوريان اللذان طلبا عدم الكشف عن هويتهما، إن الكثير من المساعدات المحولة تم توجيهها إما إلى مكاتب الحكومة الإقليمية أو إلى الأمانة السورية للتنمية، وهي منظمة مرتبطة بزوجة بشار الأسد، أسماء الأخرس. 

وقال هؤلاء الأشخاص إن هذه المجموعة بدورها وضعت جزءاً كبيراً من الإمدادات المحولة في المخازن، مضيفين أنه تم تسليم جزء بسيط فقط لضحايا الزلزال.

فيما اشتكى السوريون الذين فقدوا منازلهم ويحتاجون إلى المساعدة الأساسية في بعض الأحيان علنًا - وهو أمر نادر في المناطق التي تسيطر عليها ميليشيا أسد - قائلين إنهم شاهدوا أخباراً عن وصول طائرات من جميع أنحاء المنطقة وهي محملة بمساعدات إنسانية ولكن لم يتم توزيع أي شيء تقريبًا على الأرض.

الأسد لصّ المساعدات

يُذكر أن نظام الأسد حاول منذ الساعات الأولى للزلزال المدمّر الذي ضرب عدة مناطق خاضعة لسيطرته استغلال الكارثة لتحقيق عدة مكاسب أبرزها تدفّق المساعدات من قبل الدول والمؤسسات الإنسانية ليس لتقديمها للمتضررين، بل لسرقتها قبل أن تصل لأيديهم وبيع جزء منها في الأسواق.

ووثّقت شابة سورية في مقطع مصوّر كيف يتم بيع المساعدات التي حصل عليها النظام من أجل مساعدة متضرري الزلزال على "البسطات" في منطقة كراج "الست زينب" بالعاصمة دمشق، حيث أظهر المقطع بيع العديد من المواد الغذائية المقدّمة من المنظمات الإنسانية والدولية وبعض هذه المنتجات تحمل شعار الأمم المتحدة ومكتوب عليها عبارة "غير مخصّص للبيع". 

ومن الأمور التي يتبعها النظام أيضاً لسرقة المساعدات والتبرعات أنه يسمح لبعض الجمعيات المحلية والأهلية بجمع المساعدات المادية والعينية من أجل إرسالها للمناطق المنكوبة الخاضعة لسيطرته ولكن الحقيقة أنه يريد الاستيلاء عليها وسرقتها.

وكانت ميليشيا الحشد الشعبي العراقية، المدعومة من إيران حليفة الأسد، قد أرسلت عدة قوافل من المساعدات إلى مناطق سيطرة ميليشيا أسد وحاولت الإصرار على توزيعها بنفسها خوفاً من سرقتها من قبل أسد.

وفي حلب، صادرت الأمانة السورية للتنمية 100 صندوق من حليب الأطفال، متذرعة أنها بحاجة إلى إجراء اختبارات عليها للتأكد من سلامتها ومطابقتها للشروط الصحية.

وفي اللاذقية، تم إلزام الميليشيات العراقية بتسليم كل مساعداتها إلى الأمانة السورية للتنمية، والتي بدورها توزع فقط الخبز والعصير والحساء على السوريين المتضررين.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات