الخوذ البيضاء تفضح تقاعس الأمم المتحدة: الاستجابة قبل الزلزال كانت أفضل والصحة العالمية لم تفعل شيئاً

الخوذ البيضاء تفضح تقاعس الأمم المتحدة: الاستجابة قبل الزلزال كانت أفضل والصحة العالمية لم تفعل شيئاً

انتقد مدير منظمة الخوذ البيضاء رائد الصالح، تقاعس منظمات الأمم المتحدة عن تقديم يد العون إثر كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب شمال سوريا الشهر الماضي، مؤكداً أن الاستجابة قبل الزلزال كانت أفضل مما بعده، في حين أن السكان في سوريا بحاجة ماسة إلى كل شيء.

جاء ذلك في حوار أجراه الصالح مع صحيفة "القدس العربي" تطرّق فيه إلى حجم المساعدات الدولية والعربية لشمال غرب سوريا وخطط ما بعد الزلزال بما يتعلق بمراكز الإيواء والمباني والاستهداف الممنهج لميليشيا أسد وروسيا للمنطقة.

وقال الصالح إنه فيما يخص جهود الأمم المتحدة في شمال غرب سوريا فهي الأهم لأنها الوحيدة القادرة على الاستجابة الفعلية والمنسقة للمنكوبين، وقادرة على التخطيط لاستجابة مستدامة.

ولفت أنه يجب الانتباه لنقطتين مهمتين: الأولى: حتى الآن لا يوجد أي تحرك جدي من قبل منظمة الصحة العالمية أو أي جهة أخرى في مساعدة المصابين بمتلازمة الهرس وعددهم بالمئات لتلقي رعاية طبية متقدمة، رغم خطورة هذه المتلازمة على حياتهم.

أما الثانية فهي أن زيادة التمثيل الأممي والزيارات والحديث عن المساعدات التي تدخل يجب ألا يلفت الانتباه عن حقيقة أن الاستجابة بعد الزلزال حتى اليوم هي أقل من معدل الاستجابة قبله.

مساعدات أقل من المعدل في شهر الزلزال

وذكر الصالح أن عدد شاحنات المساعدات التي دخلت إلى شمال غرب سوريا من الأمم المتحدة منذ الزلزال حتى 28 شباط/فبراير بلغ 423 شاحنة، بينما عدد الشاحنات التي دخلت خلال العام الماضي 7566 شاحنة من معبر باب الهوى فقط، وكان ذروتها في شهري تشرين الثاني/نوفمبر بـ 812 شاحنة وكانون الأول/ديسمبر وأيلول/سبتمبر 1154 شاحنة.

وبالتالي الأمم المتحدة حتى الآن لم تصل إلى المستوى الاعتيادي بإدخال المساعدات، رغم الاحتياجات الهائلة لهذه المساعدات المنقذة للحياة بعد الزلزال المدمر وتضرر عشرات آلاف العائلات وفقدانها منازلها ومصادر دخلها.

وانتقد الصالح التقصير الذي حصل من قبل الأمم المتحدة ووكالاتها في الأسبوع الأول والذي كان ثمنه أرواح العالقين تحت الركام، مطالباً بمحاسبة المقصرين من كوادر الأمم المتحدة خلال الأيام الأولى من الزلزال والذين لم يستجيبوا لنداءات الاستغاثة التي أطلقها السوريون من تحت الأنقاض.

تأهيل البنى التحتية

وحول الخطط المستقبلية بما يخص البناء والبنى التحتية التي دمرها الزلزال، لفت الصالح إلى أن فرق الدفاع المدني وضعت خططاً كاملة لإزالة الأنقاض التي خلفها الزلزال، ومن ثم الانتقال لمرحلة التعافي عبر إعادة تأهيل البنية التحتية والمرافق الحيوية.

وأكد أن الأهم هو تحقيق التعافي المستدام للمجتمعات المتضررة وإعادة إحياء هذه المجتمعات وإعادة الدورة الاقتصادية لها، مضيفاً أن هذا الأمر يحتاج لتضافر جهود المجتمعات المحلية والمنظمات الفاعلة العاملة في المنطقة.

وعن عدد الذين أنقذتهم فرق الدفاع المدني السوري من تحت الأنقاض، أوضح الصالح أن فرقه تمكنت من إنقاذ وإسعاف نحو 3 آلاف مصاب، وانتشال 2171 ضحية قضوا تحت ركام منازلهم، فيما تم توثيق دمار أكثر من 500 بناء بشكل كلي وأكثر من 1500 بناء بشكل شبه كامل.

كما وثقت المنظمة تضرر عشرات آلاف المنازل، وتشريد الزلزال المدمر بشكل مباشر أكثر من 40 ألف عائلة في العراء، في حين تعمل المنظمة على تجهيز مراكز إيواء وتوفير خدمات المياه والإصحاح وتأهيل خطوط للصرف الصحي وتسهيل الأرضيات وفرشها بالحصى للمتضررين.

وعن تحديات إعادة الاستقرار، شدد الصالح على أن آثار الزلزال امتدت لتشمل مختلف نواحي الحياة، من مسكن وتعليم وصحة وخدمات، وفقدان عشرات آلاف العوائل لمنازلها واحتياجات هائلة للسكان بعد فقدانهم مصادر رزقهم، ودمار البنية التحتية وخطوط المياه والصرف الصحي في الكثير من المناطق ما يزيد احتمالية تفشي الكوليرا.

استهداف ممنهج

وفي السياق، بيّن الصالح أن ميليشيا أسد وروسيا جعلت من كوادر المنظمة أهدافاً بالنسبة لها حيث قصفتا مراكزها عشرات المرات ما أسفر عن مقتل 304 متطوعين منذ عام 2013 أكثر من نصفهم كانوا ضحايا الغارات الجوية المزدوجة.

وأشار إلى أن الطائرات الحربية ترجع إلى موقع الهجوم من أجل قصف المتطوعين الذين هرعوا إلى مكان الحادث لإنقاذ المدنيين، في حين تتعرض المنظمة للهجوم بالجانب الإعلامي عبر حملة تضليل مدعومة من روسيا والهدف هو تقويض مصداقية الأدلة التي تم جمعها عن بعض أبشع جرائم الحرب مثل الهجمات بالأسلحة الكيميائية على المدنيين أو قصف قافلة مساعدات تابعة للأمم المتحدة.

وأكد أن على العالم أن يعرف أن سوريا لم تكن تحت الأنقاض خلال فترة الزلزال، إنها تحت الأنقاض منذ 12 عاماً، منذ أن غضّ العالم النظر عن قيام نظام الأسد وروسيا بإلقاء البراميل المتفجرة والغارات الجوية والأسلحة الكيميائية على الأحياء السكنية ما أدى إلى انهيار المباني فوق رؤوس المدنيين وقتل مئات الآلاف وتشريد الملايين.

وتابع: "لم يدمر الزلزال شمال غرب سوريا فقط بالحجم الذي أحدثه لأنه كان كبيراً، تضاعفت آثارها لأنها جاءت بعد أكثر من 12 عاماً من الحرب على السوريين".

وواصل: "البنية التحتية متعبة ومتهالكة، عشرات آلاف المباني متصدعة من الغارات الجوية لنظام الأسد وروسيا، الناس متعبون، وسوريا كلها متعبة".

واستطرد الصالح قائلاً: "الناس في شمال غرب سوريا يشعرون بالتخلي عنهم بشكل خاص بعد هذا الزلزال إلى حد كبير، الكثير من المنظمات والدول في الماضي كانوا يتحججون بأن الوضع في سوريا معقد ومسيس للغاية، ومربك للغاية بالنسبة لهم، لكن ما هو عذرهم الآن بعد كارثة طبيعية غير مسبوقة؟ للأسف كثيرون لم يضعوا السياسة جانباً".

وقال: "كان نحو مليون شخص يعيشون في مخيمات التهجير القسري قبل الزلزال المدمر، لقد زاد الزلزال من المعاناة، أصبح المزيد من السكان الآن بلا مأوى وبدون إمدادات طبية للناجين".

السوريون بحاجة ماسة للعدالة

وقال الصالح إن العديد من الجرحى ينتظرون دورهم لتلقي العلاج من الإصابات المعقدة للغاية التي حدثت بعد الزلزال وأهمها متلازمة الهرس التي تحتاج لعناية طبية فائقة، لكن هناك نقصاً في الطاقم الطبي والإمدادات الطبية.

وشدد على أنه ببساطة فإن السكان في سوريا بحاجة ماسة إلى كل شيء، لكن ما هم في أمس الحاجة إليه هو أن يوقف نظام الأسد وروسيا القصف والهجمات القاتلة، وهم بحاجة للعودة إلى ديارهم بأمان وكرامة، هم بحاجة للاستقرار، بحاجة لحل سياسي حقيقي يحاسب فيه نظام الأسد الذي ارتكب الجرائم، بحاجة لأن يطلق سراح المغيبين في أقبية نظام الأسد، باختصار هم بحاجة للعدالة.

 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات