الزلزال يحوّل شمال غرب سوريا إلى مخيم كبير والخوف يمنع الأهالي من النوم بالمنازل

الزلزال يحوّل شمال غرب سوريا إلى مخيم كبير والخوف يمنع الأهالي من النوم بالمنازل

"لازمني خيمة، حواليك خيمة، بدنا خيمة نتآوى فيها"، باتت هذه الكلمات حديث الشارع في شمال غرب سوريا بعد زلزال 6 شباط/ فبراير الماضي، الذي ضرب المنطقة الشهر الماضي وأسفر عن دمار آلاف المنازل سواء بشكل جزئي أو كلي، بالإضافة لتصدّع عدد كبير منها وعدم صلاحيتها للسكن.

ومع استمرار الهزات الارتدادية والتي ترافقت مع حالات الهلع والخوف لدى سكان شمال غرب سوريا، بات الشغل الشاغل لهم هو البحث عن خيمة ونصبها بالقرب من المنزل أو بين أشجار الزيتون، وخصوصاً بعد الزلزال الجديد الذي حدث في 20 شباط الماضي، والذي سبب خوفاً متزايداً لدى الناس بعد معاينتهم لأثر الزلزال المدمر والخسائر المادية والبشرية التي خلفها.

وحتى أن أصحاب المنازل غير المتضررة لم يعد لهم ثقة بالنوم في منازلهم بسبب كثرة الشائعات التي تتحدث عن إمكانية حدوث زلازل جديدة، حيث بات معظم سكان شمال غرب سوريا يفضلون النوم في السيارات وبخيام فردية أو جماعية، ومن لا يملك أيَاً من تلك الوسائل، يلجأ للنوم في العراء مستعيناً بأغطية سميكة وبإشعال النيران في ظل الطقس البارد.

استغلال الكارثة

وبعد وقوع كارثة الزلزال، ظهر أشخاص قدّموا أجمل ما عندهم من فضائل المساعدة والإيثار، إلا أن الأمر لا يخلو من وجود بعض الأشخاص الذين استغلوا الكارثة لمصالهم الشخصية، ومن هؤلاء بعض التجار الذين بدلاً من أن يخفّضوا سعر الخيمة رفعوا سعرها أضعافاً.

وقال "فادي الحسن" من سكان قرية بسنيا بريف إدلب لـ "أورينت نت": "تضرر منزلي نتيجة الزلزال، ولجأت لمخيم يقطن فيه أقاربي قرب القرية، وبعد مرور قرابة 24 يوم على الزلزال، استطعت تأمين خيمة من نوع سفينة (وهي نوعية رديئة ولا تكفي لكل العائلة)، في الفترة الماضية أنام أنا وعائلتي البالغ عددهم 9 في خيمة جماعية مع أقاربي، وأحياناً أنام في صندوق أحد السيارات في ظل البرد القارس".

وكحال "الحسن"، يبحث معظم الناس في شمال غرب سوريا عن خيام، حتى أصحاب القصور والشقق السكنية الفخمة، وكأن الشمال السوري قدره أن يصبح كلَه خيمة، ما بين خيمة نزوح أو إيواء أو عزاء.

ارتفاع أسعار الخيام

قبل كارثة الزلزال، كان سعر خيمة السفينة 20 دولاراً أمريكياً، أما اليوم فسعرها 150 دولاراً، في حيث وصل سعر الخيام الأخرى لـ 300 دولار، أما الخيمة المجهزة بالفرش والتدفئة والعوازل والأغطية والمساحة الجيدة، فتصل لسعر 500 دولار أمريكي، وهو رقم تعجز عنه العوائل المقتدرة في ظل الظروف الاقتصادية السيئة التي تعيشها المنطقة.

وتدخل كل يوم عشرات الشاحنات من معابر شمال إدلب وشمال حلب تحمل الخيام ومستلزماتها والمواد الإغاثية، لكن لا أحد يعرف آلية توزيع هذه الخيام، فما زالت مشاهد العوائل التي تبيت في العراء أو في السيارات منتشرة بكثرة، ما يعطي مؤشراً إلى الحاجة الماسة للخيام في ظل الظروف الراهنة.

لم يستطع "فريد أحمد" تأمين خيمة له ولعائلته البالغ عددهم 9 أفراد من خلال التواصل مع المنظمات الإغاثية، بعد أن ترك منزله في مدينة الدانا بريف إدلب، ولجأ للعيش في غرفة على أطراف قرية التوامة غرب حلب، يسكن فيها ابن عمه مع زوجته وعائلة أخته الهاربة أيضاً من شقتها في الدانا، فباتت تنام في هذه الغرفة 4 عائلات، ليضطر "أحمد" لتفصيل خيمة بقيمة 210 دولارات، ينقصها الفرش والعوازل و التدفئة.

وبحسب ما ذكر "أحمد" فإنه عندما يقرر الشخص شراء خيمة، يجد صعوبة في العثور على حدّاد، والذي غالباً ما يعطي موعداً لتسليم معدات الخيمة بعد عدة أيام رغم الحاجة الماسة لها، مشيراً إلى أن معظم الحدادين مشغولون بتجهيز خيام للمنظمات والفرق التطوعية التي تعمل على تجهيزها للمخيمات التي تم إنشاؤها حديثاً.

سوء التنظيم

وسببت الحاجة الماسة للخيام حالة من العشوائية في التوزيع وتنظيم العمل وفق أولويات الاحتياج، فمعظم الذين يبحثون عن الخيام لا يجلسون في مخيمات منظمة، إنما بالقرب من منازلهم، وفي الغالب يبحثون عن خيام لهم وحدهم وليس بشكل جماعي، مما أدى لتشتت الجهود وضياع الفرق الإنسانية بتوزيع الخيام، كما إنه في كثير من الأحيان، لا تصل المساعدات لأصحاب الضرر الأساسي ممن فقدوا ذويهم ومنازلهم وممتلكاتهم، إنما فقط من يصدّر نفسه بأنه صاحب حاجة.

وبحسب فريق "منسقو استجابة سوريا"، فإن هناك أزمة إيواء كبيرة تشهدها مناطق شمال غرب سوريا عقب الزلازل الأخيرة في المنطقة، وارتفاع كبير في أعداد النازحين في المنطقة، حيث بلغ عددهم نحو 190 ألفاً بينهم 55 ألف نازح ضمن مراكز الإيواء المنتشرة في المنطقة.

وبلغ عدد المنازل المدمرة 1314 منزلاً، في حين وصل عدد المنازل غير الصالحة للسكن وبحاجة إلى الهدم إلى 14,128 منزلاً، كما وصل عدد المتضررين من الزلزال إلى أكثر من 965 ألف نسمة، ومن المتوقع ازدياد أعداد المتضررين إلى 1.3 مليون نسمة، نتيجة الزيادة الهائلة في أعداد المحتاجين للمساعدات الإنسانية الطارئة.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات