حي كفرسوسة وجامعو الكمأة واستخفاف بشار بدماء السوريين

حي كفرسوسة وجامعو الكمأة واستخفاف بشار بدماء السوريين

إن ما يجري من أوضاع ميدانية في سوريا في كثير من الأحيان لا تعلم به القيادة العسكرية السورية ولا حتى وزارة الدفاع ورئاسة الأركان، وكثير من الأنشطة العسكرية والأبحاث العلمية العسكرية من تطوير أسلحة وأماكن تجميع الطيران المسيّر، وشحنات السلاح القادم من إيران، ومخازن السلاح التي امتلأت بها أحياء دمشق حيث تحوّلت لثكنات عسكرية.

لقد وصلت الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والعقائدية في سوريا إلى مرحلة لم يعد للسوريين ولا للمؤسسات الرسمية فيها أي رأي ولا قرار، وأصبح الشعب السوري على دراية بأن إيران هي سيدة الموقف والقرار، وأن الجيش السوري أصبح شبيهاً بالميليشيات الإيرانية وربما أصبح  فيلق القدس أكثر حضوراً ممن تبقى من فلول الجيش السوري.

بدأ استغلال إيران لكارثة الزلزال، عبر أذرعها العسكرية وازداد نشاطها العسكري، وهرعت شحنات السلاح إلى سوريا، وكان أكثر شيء مثير للدهشة طريقة الحضور الفوري للقادة العسكريين الذين انتشروا بسرعة البرق في حلب، وقبل وصول أي مسؤول سوري وحتى قبل زيارة رأس النظام بشار الأسد للمناطق المتضررة في محافظة حلب واللاذقية، خامس وسادس أيام الزلزال.

إن لإسرائيل سابقة في قصف حي كفرسوسة بنفس البناء والحي والمربع الأمني، عندما استهدفت القيادي اللبناني عماد مغنية التابع لإيران المندوب عن حزب الله في وزارة الدفاع السورية.

لقد تحوّلت دمشق إلى مرتع خصب للإيرانيين وحزب الله، لذا فالاستهداف الإسرائيلي لدمشق وضواحيها يوم الأحد الماضي، والذي تقوم به إسرائيل من قصف دوري ومستمر للقوات الإيرانية، حيث استهدفت اجتماعاً لخبراء من "الحرس الثوري الإيراني" مع مهندسين من قوات النظام السوري، بالقرب من مقارّ "الوحدة 840" التابعة للحرس الثوري (ما أسفر عن مقتل مهندس من قوات النظام السوري وإصابة مهندس من الحرس الثوري الإيراني بغارات جوية هي الأعنف من نوعها منذ مطلع العام الجاري).
 
إن هدف عدوان إسرائيل قائم على مبدئها بأنها يجب أن تبقى القوة العظمى في المنطقة، ومبدأ نقل المعركة بشكل دائم خارج أراضيها، فهي لا يهمها أرواح  المدنيين، وإسرائيل تعلم بأن كل المربعات الأمنية الإيرانية لا يستطيع بشار إغلاقها، ويعتبر بشار نفسه بأنه غير معني بأرواح المدنيين سواء كانت في أحياء سكنية للمدنيين أو خارجها. 

لقد أصبح الأمر مريباً جداً عندما تكذب وزارة الدفاع في بياناتها من أجل أن تغطي على عدد القتلى وما هي جنسيتهم، وتقتصر على عدد المدنيين فقط وتختزلهم، علماً أن طائرة مدنية إيرانية جاءت في صباح اليوم الذي تم فيه القصف ونقلت جثامين القتلى الإيرانيين الذين سقطوا في الضربة الجوية، من أجل إخفاء حقيقة، مفادها أن الأحياء الراقية في دمشق أصبحت عبارة عن مرتع للإيرانيين وأن دمشق انتهكت من قبل المحتلين الإيرانيين.

إن آخر ما يفكر بشار الأسد به هو أرواح المدنيين، لذا يكون اعتداء إسرائيل على المواقع الإيرانية الواقعة بين الأحياء قائمة على المنطلق التالي:   
لا يُلام الذئب في عدوانه إذا كان الراعي عدو الغنم، وهذا ما ينطبق على بشار الأسد الذي تولّى عنوة حكم العباد في سوريا، امتداداً لحكم أبيه، فكان هذا الورم الخبيث الذي ابتُلي به السوريون بلاءً ليس بالبسيط وعلى ما يبدو لم يكن استئصاله سهلاً في سوريا، ولا نهاية لسيطرته وبلطجته في القريب العاجل.

لم يكتفِ بشار بقتل مليون من السوريين وتشريد الملايين منهم خارج البلاد وداخلها، بل تعدّى الأمر إلى الاستخفاف بمن بقي معه في مناطق سيطرته من خلال توسيع الهامش لدى الإيرانيين ليصولوا ويجولوا في سوريا كما كان يفعل حزب الله في لبنان عندما أصبح حزب الله دويلة داخل دولة، وفي سوريا تحولت معظم أحياء دمشق إلى مربعات أمنية للإيرانيين، وتحولت دمشق إلى مرتع خصب للإيراني وحزب الله.

إن أبشع صور اللامبالاة التي تميّز بها بشار الأسد بالاستخفاف بالدم السوري تجاه الوجود الإيراني بأنه هو من أطلق أيادي الإيرانيين في كل أنحاء سوريا، والحادثة الأخيرة التي قامت بها ميليشيا زينبيون وفاطميون الغرباء مع بقايا جيشه المتهالك عندما هاجموا مدنيين سوريين في منطقة “الضبيات” بريف السخنة وقتلوا منهم 207 مواطنين سوريين أبرياء من قبيلة  "بني خالد” التي ينتمي إليها الضحايا أثناء جمعهم الكمأة من أجل كسب قوت أولادهم وعيالهم. 

سوريا اليوم هي محمية إيرانية بكل معنى الكلمة، المسؤول عنها إسماعيل قاآني وأبو فدك نائب رئيس الحشد الشيعي ونعمة الكوفي، ولا وجود لمسؤولين سوريين في مدينة حلب، فالمسؤولون السوريون اليوم فقط مهمتهم ملاحقة المساجين من الأحداث الذين هربوا من السجن أثناء الزلزال.

إن الدليل بأن أحياء دمشق تحولت لثكنات عسكرية قبل قيام الثورة السورية هو الاستهداف لقيادي إيراني هام في نفس المبنى الذي اغتيل فيه عماد مغنية في 12 شباط/فبراير 2008 الذي وجهت بعده إيران وحزب الله أصابع الاتهام لمسؤول ملف البحوث العلمية المهندس محمد سليمان ومدير مكتبه العسكري، حيث تمت الصفقة استجابة لمطلب حزب الله والتضحية به كبديل لمغنية.

لقد كان أول الواصلين إلى مكان الزلزال إسماعيل قاآني قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الإيراني الذي كانت له جولة مطولة في حلب، حيث تفقد فيها أحوال المتضررين، وأشرف على عمل المنقذين الإيرانيين في مواقع إزالة الأنقاض، وسبق ظهوره في حلب ظهور أي مسؤول رسمي من أبناء سوريا، وكان قاآني يتجول بين الناس وكأنه محافظ حلب أو رئيس البلدية يجري جولة في بلده.

وكان الظهور الإيراني في حلب فاضحاً لسيطرة إيران على حلب، حيث كان عبد العزيز المحمداوي المشرف على عمليات توزيع الإغاثة وهدم الأبنية المتصدعة من قصف البراميل المتفجرة وصواريخ السكود والقنابل، وأعطى المحمداوي تعليماته للمحافظ ورئيس بلدية اللاذقية لتنفيذ خطة جهود الإغاثة للمتضررين من الزلزال.

وعلى صعيد تحكّم أذرع إيران بالدول العربية، فمن المعيب أن تقوم شريحة لبنانية تعتبر نفسها أكبر من الدولة اللبنانية بتقديم قافلة مساعدات قادمة من جنوب لبنان تحت شعار “رحماء” وصلت إلى مدينة اللاذقية مرفوعاً عليها علم ميليشيات حزب الله بدلاً من العلم اللبناني، وترافقها تغطية إعلامية ميليشياوية خارجة عن سيادة الدولة.

بالختام: لاشك بأن الشعب السوري شعر بالدونية عندما رأى عبد العزيز المحمداوي أبو فدك نائب رئيس الحشد الشيعي، في تسريب مسجل وهو يطلب من ضابط سوري بأن يحضر له أيّ بنت من بنات حلب (فاتها القطار) على حد قوله، مما يدل بأن سوريا بمجملها من رئيسها إلى ضباطها وصولاً لمسؤوليها ليسوا سوى إلعوبة بيد الإيرانيين.

التعليقات (1)

    عمرو

    ·منذ سنة شهر
    لا يمكن أبداً التعامل مع المليشيات الإيرانية إلا بالسلاح. لا يفهمون بالسياسة
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات