كيف سعى الأسد لاستثمار الزلزال لإعادة شرعيته وتعويم نظامه؟

كيف سعى الأسد لاستثمار الزلزال لإعادة شرعيته وتعويم نظامه؟

منذ مساء اليوم الأول لكارثة الزلزال لا صباح اليوم التالي، سعى بشار الأسد رئيس النظام في سوريا وبشكل منهجي لاستثمار واستغلال الفاجعة لتحقيق أهداف فئوية وسياسية له ولنظامه المعزول والساقط دون أي اكتراث بمساعدة وإغاثة جدية للضحايا المنكوبين لا بمناطق سيطرته ولا بالطبع بالمناطق المحررة شمال غرب سوريا والتي كانت الأكثر تضرراً.

بدت أجندة أو سياسة الأسد مكشوفة وفجّة ومفضوحة تماماً، وتضمنت المطالبة برفع العقوبات الدولية والغربية "الأمريكية والأوروبية" عن النظام لمواجهة الزلزال وإغاثة المنكوبين والضحايا، وهذه كذبة أو فرية كبرى كون الإغاثات والمساعدات انهالت عليه في الأيام الأولى الحاسمة لعمليات الإنقاذ - 72 ساعة - حيث هبطت 132 طائرة تحمل مساعدات ومواد إغاثية وطبية في المطارات الخاضعة للنظام بدمشق وحلب خلال 48 ساعة من الفاجعة، وهذا يعني ببساطة أن ثمة دول لا تلتزم جدياً بالعقوبات وأن هذه الأخيرة، لا تحول دون تقديم المساعدات الإنسانية للنظام.

إذن، العقوبات لم ولن تقف حائلاً أمام إرسال مساعدات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام - تحت وصاية الغزاة إيران وروسيا طبعاً – وهي لم تعد ذات تأثير خاصةً بعد قرار الولايات المتحدة الذي نقض كل الخطاب الدعائي للنظام وحلفائه في الحشد الشعبي الإعلامي الإيراني الناطق بالعربية بالسماح باستثناءات في تنفيذ العقوبات ضد نظام الأسد لمدة ستة أشهر تطال جوانب حيوية وأساسية لإرسال المواد والمساعدات الحيوية والإنسانية اللازمة، بما في ذلك الدعم المالي لنجدة الضحايا، دون خشية أو تحسّب من قانون قيصر الأمريكي الخاص بعزل النظام ومنع مختلف أشكال التعاون والعلاقات معه.

هنا يجب الانتباه إلى أن نظام الأسد لا يريد استنفار الجهود الإقليمية والدولية لدعم ضحايا الزلزال ولا يسعى لذلك أصلاً، وكل ما يهمه تبييض صفحته وتجاوز وتجاهل جرائمه ضد الشعب السوري وحتى الشعوب المجاورة والتعاطي معه وكأن شيئاً لم يكن.

سعى النظام كذلك إلى تعويم وشرعنة نفسه عبر تلقي اتصالات مواساة وتعاطف واستقبال زوار ومبعوثين بمن فيهم وزراء ومسؤولون للدعم والمساندة، علماً أنها اقتصرت بشكل أساسي على أنظمة الاستبداد العربية " مصر

والجزائر وتونس " وحلفائه الخاضعين للهيمنة الإيرانية "العراق ولبنان" بينما جاءت فضيحة مسؤول الحشد الشعبي الإيراني بالعراق لتظهر تبعية النظام وبؤسه وتحوّله ليس فقط إلى مجرد إداة، وإنما حتى قوّاد لشذاذ الآفاق الموتورين الذين أبقوه في السلطة " حتى الآن " عنوة ورغم إرادة الشعب السوري الثائر.

في كل الأحوال بدت الاتصالات والزيارات تقليدية ولا جديد فيها ولا تسمن ولا تغني من جوع، إلا في السياق الدعائي في ظل عدم امتلاك الزوار وسلطاتهم قرار شرعنة وتعويم النظام، مع الانتباه كذلك إلى أن جلّ المتعاطفين والمتصلين مع بشار الأسد والداعمين لإعادة نظامه إلى الجامعة العربية من المطبعين مع إسرائيل.

ما ينسف كل أكاذيب ودعايات النظام وحلفائه عن المقاومة والممانعة وتحرير فلسطين.

في نفس السياق السابق، يمكن وضع زيارة بشار الأسد إلى سلطنة عمان باعتبارها تتويجاً لتلك الأهداف والنوايا الدعائية وبالتالي غياب أي تأثير إيجابي أو جدي وملموس لها كونها مجرد جسّ نبض كما هي العادة لدى العاصمة العمانية "مسقط" في إرسال الرسائل أو التمهيد لشيء ما، وتشجيع الآخرين على اتخاذ خطوات مماثلة.

 بعد الزيارة مباشرة جرى الإعلان عن فتح الأجواء العمانية أمام الطائرات الإسرائيلية المتجهة نحو آسيا والشرق الأقصى في إشارة بدت واضحة كذلك إلى العلاقة أو الدمج بين التطبيع مع إسرائيل وبشار الأسد وهذا ينسف أيضاً كل تضليل وأكاذيب الحشد الشعبي الإعلامي عن الممانعة والمقاومة وفلسطين.

 إلى ذلك يجب التذكير برفض بشار الأسد دخول المساعدات والإغاثات وإيصالها إلى المناطق المحررة، خاصة في الأيام الأولى للفاجعة في ابتزاز رخيص لرفع العقوبات عنه، ثم فعل ذلك متأخراً جداً وبعدما كان قد نهب أو استولى على المساعدات الضخمة التي وصلته ولم يعد هناك ما يمكن تقديمه أو إرساله للمنكوبين، وما كان يجب على الأمم المتحدة أصلاً أن تقع في هذا الفخ وتبادر منذ اللحظات الأولى والحاسمة إلى إرسال المساعدات عبر الحدود مع تركيا وفق قاعدة الضرورة القصوى ومبدأ إنقاذ حياة الناس.

 إضافة إلى ما سبق، جاء تصرف النظام كميليشيا أو عصابة وبعدما رفض دخول المساعدات للمناطق المحررة لأسبوع تقريباً على الفاجعة في استخفاف بحياة ومعاناة الناس بموازاة غياب الشفافية في توزيع الإغاثات والمساعدات، وعدم وصولها إلى مستحقيها بمناطق سيطرته "الوهمية" واستيلاء النظام عليها جهاراً نهاراً دون خجل وحتى بيعها عبر أدواته ومرتزقته بالأسواق كما فعل ويفعل عموماً مع مساعدات الأمم المتحدة ومشاريعها التي لم تتوقف بمناطقه طوال السنوات السابقة.

 لا يقل عما سبق بشاعة وإجراماً، كان ظهور بشار الدعائي والمبتذل وسط الضحايا والمناطق والمنكوبة مبتسماً مفتقداً إلى الحد الأدنى من الضمير والأخلاق والإنسانية وكأنه في جولة دعائية أو مناسبة احتفالية. 

قبل ذلك وبعده سعى النظام إلى تزوير التاريخ وترويج روايته المبتذلة عما جرى ويجري بسوريا في السنوات الماضية وتصوير الزلزال الأخير ورغم الأضرار الفادحة على أنه الفاجعة الكبرى وأم الكوارث أو جذر المشاكل في سوريا، علماً أنه أي الزلزال أوقع قرابة خمسة آلاف شهيد مع تشريد آلاف آخرين، بينما قتل بشار الأسد مليون سوري وهجّر عشرة ملايين ودمّر نصف البلاد وهو ما لم يفعله الزلزال الأخير بالتأكيد. 

 لابد من الإشارة إلى عدم انخداع معظم بل غالبية العالم بألاعيب ومناورات بشار الأسد، وعجز حلفائه الممانعين والمفلسين عن نجدته، رغم استغلاله لمشروعهم الاستعماري الطائفي في المنطقة، حيث سعت إيران لاستغلال الزلزال والمأساة لمزيد من الهيمنة والعسكرة وإرسال السلاح تحت غطاء المساعدات، لتعميق التموضع الإستراتيجي في مناطق النظام الفاقد لسيادة السلطة وبالطبع الشرعية.

 بينما جاءت الغارات الإسرائيلية ضد التموضع الإيراني في كفر سوسة لتفضح هذا الأمر والمشهد كله، إن فيما يخص الزلزال الذي لا ينشغل الأسد وحلفاؤه به، أو المشهد في سوريا بشكل عام، حيث فقدان الأسد للسيادة والسلطة لصالح حماته في إيران وموسكو وحتى بالضاحية الجنوبية لبيروت.

  في كل الأحوال لا فرص أو آمال لمحاولات تعويم وشرعنة بشار الأسد ونظامه، وإذا كان ثمة بقعة ضوء أو أمل في المشهد كله، فيتمثل بانسداد الأفق أمام اتصالات الحكومة التركية الاستكشافية مع النظام، حيث لم تعد قضية اللاجئين السوريين على جدول الأعمال السياسية والإعلامية والانتخابية في تركيا، بعد الاستغلال العنصري والرخيص لها من قبل المعارضة طوال الشهور بل السنوات الماضية، وترويج مزاعم أنهم السبب في الأزمة لاقتصادية ومشاكل البلد، وأن لا حلّ إلا بإعادتهم قسراً وحصراً عبر حوار مع نظام الأسد، بينما الحقيقة أن الزلزال الفاجعة في سوريا هو الأسد ونظامه، ولا حلّ للفاجعة الجانبية أو المتفرعة والعرض دون التعاطي مع الجذر وأصل المرض.

التعليقات (1)

    مواطن

    ·منذ سنة شهر
    المهم ان ابن *** انيسه الخسيسة انه لازال يتاجر بالقضية الفلسطينية
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات