قرار صادم لنظام أسد للتهرب من تعويض متضرري الزلازل وأسماء الأسد المستفيد الأكبر

قرار صادم لنظام أسد للتهرب من تعويض متضرري الزلازل وأسماء الأسد المستفيد الأكبر

يبدو أن استغلال مآسي السوريين والتربح على حساب دمائهم لا ينتهي بالنسبة إلى نظام أسد، فبعد سرقة المساعدات الإغاثية التي دخلت للمنكوبين في الزلزال المدمر، وبدلاً من تعويض المتضررين عن خسائرهم ومنازلهم المدمّرة كما تفعل الحكومات عادةً، أطلقت حكومة أسد مبادرات لتقديم قروض لترميم وتأهيل المنازل المتضررة، الأمر الذي اعتبر نوعاً من سياسة تبييض الأموال، أثار موجة غضب واستياء شعبي.

فقد شاركت وزارة "الشؤون الاجتماعية والعمل" عبر صفحتها الشخصية في فيسبوك منشوراً يتحدث عن استعداد مصرف "المؤسسة الوطنية للتمويل الأصغر" منح قروض تحت مسمى "ساند" لترميم وإعادة تأهيل المنازل المتضررة من الزلزال في مدن حلب واللاذقية وحماة.

ترميم بالقروض

ووفق الإعلان، حددت سقف القرض بمبلغ 18 مليون ليرة سورية دون فوائد، يتم سداده على مدة ست سنوات، واعتبر المصرف أن القرض يأتي في إطار المساندة والمساهمة في دعم المتضررين من أصحاب المنازل والمنشآت المهدمة أو المتصدعة والقابلة للترميم".

وبحسب ما نقلت صحيفة الوطن الموالية عن الرئيس التنفيذي للمؤسسة "الوطنية للتمويل الأصغر" منير هارون، إن المؤسسة رصدت مبلغ 10 مليارات ليرة لقروض "ساند" لإكساء 1000 منزل متضرر وبوسطي 10 ملايين لكل شخص، ودون فوائد مترتبة على المبلغ.

وأشار الهارون إلى أن القروض تمنح بحسب دخل الفرد، فمن يتقاضى مرتباً شهرياً قدره 100 ألف ليرة، يستطيع الحصول على مبلغ مليون ونصف ليرة فقط، أما موظف القطاع الخاص الذي يصل دخله إلى 500 ألف ليرة، بإمكانه الحصول على قرض بقيمة 10 ملايين ليرة، وأصحاب السجل التجاري الذي يزيد دخلهم على مليوني ليرة وحدهم من يستطيعون سحب السقف الأعلى من القرض.

مؤكداً على أن القرض يمنح مقابل الحصول على ضمانات إما رهن العقار أو سيارة أو قطعة أرض أو ذهب مع وجود كفلاء، إضافة إلى وجود شركتي تأمين تمنح بوالص تأمينية مقدار كل واحدة خمسة ملايين ليرة، وهو ما اعتبرها إجراءات مرنة متوفرة لدى جميع المتضررين على حد وصفه.

استياء شعبي

هذه المبادرة والشروط المطلوبة للحصول على القرض، أثارت موجة من الاستياء والغضب الشعبي في مناطق سيطرة أسد، الذين اعتبروا القرض مستفزاً وأشبه بعملية ابتزاز ممنهج للمتضريين، ومحاولة مكشوفة للتملص الحكومي من واجبها الدستوري الذي تنص عليه المادة "24" من خلال جعل عملية الإعمار على حساب المتضرريين أنفسهم وبقروض تدمرهم.

بينما وصف آخرون القرض بالضحك على اللحى، خاصة وأن الموظفين الحكوميين لن يكونوا قادرين على سحب مبلغ أعلى من مليوني ليرة وهي لا تكفي لشراء أبسط الأساسات في وقت يصل سعر طن الحديد إلى أكثر من 25 مليون ليرة، إضافة إلى أن من يمتلك ذهباً أو سيارة فهو قادر على توفير المبلغ أصلاً، أما المقتدرون من التجار فهم قادرون على ترميم الأضرار دون الحاجة للقروض. 

بدوره يشير "عبد الرحمن" وهو أحد المتضررين من الزلزال في مدينة حلب، إلى أن الكثير من المتضررين هم من موظفي القطاع الخاص أو العاطلين، ويعيشون على ما يرسله ذووهم من إعالات شهرية لتدبر أمورهم المعيشية، وبالتالي خروجهم من كل المعادلات والمنح التي تقدم للمتضررين.

ويقول: معدل رواتب العمال لا يتجاوز 150 ألف ليرة شهرياً، وغالباً الأعمال ساعيّة بسبب ضعف الإنتاج، إضافة إلى أن الجميع لا يملكون تأمين عمل، وبالتالي عدم قدرتنا على توفير أي من الشروط المطلوبة.

المؤسسة الوطنية للتمويل الأصغر ذراع مخابراتي

وبحسب ما علمت أورينت فإن مصرف المؤسسة الوطنية للتمويل الأصغر يتبع لمؤسسة "الأمانة السورية للتنمية" التي تسيطر عليها أسماء الأخرس زوجة زعيم نظام أسد، ما يجعل هذه الأموال التي تقدم على شكل قروض من حصة المنكوبين في الزلزال وعلى اختلاف مناطق النفوذ في سوريا، التي يفترض على الأمانة السورية توزيعها لهم بشكل مباشر، وهو ما يفرض تساؤلات حول أسباب التوجه لمثل هذه المبادرات.

ويعتبر الباحث الاقتصادي "يونس الكريم" أن طرح القروض يحمل الكثير من الأسباب الاقتصادية، وفي مقدمتها الربح ومحاولة الاستحواذ على المزيد من حصص السوق، وأخرى اجتماعية وسياسية، وهو ما تعمل عليه منذ فترة طويلة أسماء أسد التي تمتلك مؤسسة الأمانة السورية وتوابعها.

ويقول: يبحث نظام أسد دائماً عن الربح، وهذه القروض من أشكال التربح وتدوير الأموال، إضافة إلى تمكينه من الاستحواذ على حصة من السوق من خلال دعم المشاريع متناهية الصغر، إضافة إلى أسباب مجتمعية تتمثل بتأمين سيولة نقدية للقيام بعمليات إصلاح من الدرجة الأولى، وأيضاً الحصول على المزيد من المساعدات الإنسانية باعتبار المؤسسة الوطنية منفذاً من منافذ الدعم رغم أنها شركة خاصة، إلا أن علاقتها بالأمانة السورية تجعلها قادرة على تشغيل جزء من هذه الأموال بذرائع مختلفة تعود بالنفع على الأمانة السورية بشكل مباشر.

لكن الكريم وهو مدير منصة اقتصادي يشير إلى أسباب خفية وهي الأشد خطوة في طرح هذا النوع من القروض، ويتمثل بالعمل الاستخباراتي ومحاولة الاستحواذ على أملاك المدنيين المتضررين.

ويضيف: خطورة هذه القروض تتمثل بأحقية المؤسسة الوطنية للتمويل بالاستحواذ على المنازل المتضررة في حال فشل المقترضين بالسداد، وهي تجارة رابحة لمؤسسة تدعم سياسات النظام بالسيطرة على أملاك المدنيين، إضافة إلى النقطة الثانية والتي لا تقل أهمية عن سابقتها، وتتمثل بالسيطرة على العائلات المدينة والحصول على معلومات استخباراتية أوسع حول خلفية العائلات والاستحواذ على بياناتها، خاصة وأن هذا النوع من المؤسسات يصنف على أنها مخابراتية بالدرجة الأولى، وبالتالي سيطرتها على هذا السوق يعني سيطرتها على قطاع كبير من السكان.

هل يكفل الدستور مساعدة المتضررين؟

وبحسب المادة "24" من الدستور السوري الذي أقره نظام أسد عام 2012، فإن الدولة تكفل وبالتضامن مع المجتمع الأعباء الناجمة عن الكوارث الطبيعية، وهو ما يعتبره كثيرون إلزاماً للدولة بمساعدة المتضررين لا إرهاقهم بالمزيد من القروض التي تفاقم معاناتهم.

وهو ما يؤكده المحامي السوري عبد الناصر حوشان، الذي اعتبر أن الدولة هي المسؤولة عن إعادة إعمار ما تتسبب به الحروب والكوارث الطبيعية أو ما ينجم من أضرار عن إعلان حالة الطوارئ.

ويضيف حوشان وهو عضو مجلس نقابة محامي حماة الأحرار: أنه وبموجب هذا التشريع فإن "منح القروض مخالف للدستور و إخلال بالالتزام من الدولة بالتعويض عن الأضرار الناتجة عن الكوارث".

يؤكد واقع تعامل نظام أسد مع كارثة الزلزال المدمر، عمله على استغلال الكارثة بكل السبل والطرق الممكنة للحصول على مختلف الفوائد القادر على تحصيلها، بداية من سرقة المساعدات وأموال المتضررين، ثم طمس آثار جرائمه وتدميره للمدن والعمل على توسعة مشروعه في التغيير الديمغرافي، وأخيراً البحث عن طرق لسرقة أملاك الذين ما زالوا موجودين في مناطقه.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات