أبرزهم مرضى السرطان.. نظام الإحالة في تركيا يُعرّض حياة السوريين للخطر بعد الزلزال المدمر

أبرزهم مرضى السرطان.. نظام الإحالة في تركيا يُعرّض حياة السوريين للخطر بعد الزلزال المدمر

مع تعدّد المآسي الناتجة عن الزلزال المدمّر الذي أودى بآلاف الضحايا في الجنوب التركي والشمال السوري، تبرز معاناة المرضى السوريين الذين كانوا يتلقون العلاج في المستشفيات التركية، إثر توقف علاجهم منذ وقوع الكارثة في السادس من الشهر الجاري.

ومما يزيد من العبء على المرضى، أنَّ الإحالة المسموح لهم بها للمكوث في المستشفيات التركية مدتها عشرة أيام فقط، وعلى المريض تجديدها بشكل شخصي عند انتهاء تاريخها.

وفي تصريحه لأورينت نت، أكد أحد المتطوعين في مساعدة المرضى القادمين من سوريا في مدينة غازي عنتاب ويُدعى "أسامة الحسين"، أن المحوّلين للعلاج من معبر باب الهوى يتم توجيههم تلقائياً إلى مستشفى الدولة بمدينة أنطاكيا، وحين تنتهي الطاقة الاستيعابية هناك أو من لا يوجد له علاج يتم تحويله إلى مستشفيات بولايات أخرى.

ويقول "الحسين" إنهم تواصلوا مع الدكتور "مرام الشيخ" وزير الصحة في الحكومة المؤقتة وبعض المنظمات الطبية مثل "سامز" منذ أكثر من أسبوع، وجميعهم أقرّوا بالحاجة إلى إلغاء قرار نظام الإحالة على مبدأ إلغاء إذن السفر، ولكن إلى اليوم يوجد الكثير من المرضى في تركيا بحاجة إلى مراجعة المشافي ولا يستطيعون ذلك.

وأشار إلى أن البعض منهم بحالة حرجة، ولا يوجد لهم علاج داخل سوريا، كما إنهم لا يستطيعون الدخول إلى أيّ مستشفى بسبب عدم وجود إحالة وخاصة الملتزمين بجرعات علاج السرطان. 

توضيحات معبر باب الهوى

من جهته، ذكر الدكتور "بشير السماعيل" مسؤول مكتب التنسيق الطبي في معبر باب الهوى شمال إدلب بتصريح لـ أورينت، أن إرسال الحالات المرضية (الإسعافية والباردة) متوقف منذ وقوع الزلزال، لكن بالنسبة للحالات الإسعافية يُشكل الأطفال الخدج معظمها. 

وبين "بشير" أنه شهرياً كان هناك 300 سيارة إسعاف تدخل من المعبر إلى أنطاكيا بما يقارب 10 حالات يومياً، بينما الحالات الباردة يدخل شهرياً 450 سيارة إسعاف، إذ يشكل مرضى القلب والسرطان معظم الحالات الباردة، إضافة إلى الجراحة العصبية والأمراض الاستقلابية للأطفال وزراعة الكبد والكلى.
 
وأوضح المسؤول الطبي، أنَّه لا يوجد لديهم إحصائية محدّدة لعدد الحالات الإسعافية والباردة حالياً، كون عملية التحويل تتوقف عندما يتوقف استقبالها في تركيا، وآلية الإحصاء تتم بعد التنسيق مع المستشفيات التركية والحصول على موافقة بدخول المريض، متوقعاً أن يستغرق استئناف دخول الحالات المرضية عدة أشهر، لذلك لا يمكن إعطاء مواعيد لأي مريض.

وتابع، أن المكتب الطبي في باب الهوى بحالة استنفار، حيث يستقبل جثامين ضحايا الزلزال، الذين وصل عددهم لغاية الأحد مساء إلى 1564 جثة من تركيا إلى المعبر، كما يستمر لليوم السادس توافد السوريين المقيمين في الولايات التركية المنكوبة إلى المعبر ضمن الإجازة المقررة بخصوصهم، ليبلغ إجمالي القادمين في الإجازة 7543 شخصاً.

دمار مراكز الاستشفاء في هاتاي

وعقب الزلزال الذي تسبّب بضرر المنشآت الصحية في أنطاكيا، غادر عدد كبير من المرضى إلى ولايات أخرى، وبحسب الدكتور "بشير" فإنَّ معظم مرضى السرطان انتقلوا من أنطاكيا إلى مستشفيات مدينة أضنة، بينما اضطر عدد كبير من المرضى للعودة إلى سوريا، إما لكون علاجهم شارف على الانتهاء أو لظروف عائلية.

ولفت إلى أنَّ قسماً من المرضى الذين لديهم وثيقة الحماية المؤقتة "كمليك"، عادوا إلى سوريا ضمن الإجازة الممنوحة لهم والتي مدتها ثلاثة أشهر ريثما تتحسّن أمور المشافي التركية، موضحا أن عدداً من دور الاستشفاء في هاتاي تهدمت بشكل كامل أو جزئي، من بينها (دار الفردوس) التي تهدمت بالكامل وتوفيت فيها مريضات مع المشرفة عليهم، وهناك من بقي تحت الأنقاض ليومين وبعد إنقاذه عاد لسوريا.

وفي السياق، أوضح مسؤول مركز الفردوس "أسامة الطالب" لـ أورينت، أنَّ المركز عبارة عن فرعين، واحد رئيسي في مدينة كراخان ويتسع لـ 52 مريضاً، حيث تضرر بشكل جزئي وأصيب منهم ثلاثة مرضى والبقية توزعوا بين مشافي أضنة وقونيا والريحانية وعاد قسم إلى سوريا. 

أما الفرع الثاني فيقع ضمن فندق أورهان في مدينة أنطاكيا وتهدم بالكامل، وهو خاص بمريضات سرطان يتعالجن بالأشعة بشكل يومي، ويؤوي 20 مريضة توفيت منهن 13 امرأة مع الموظفة المشرفة وهناك 4 نساء في المستشفى فيما نجت مريضتان، مشيراً إلى أنَّ المركز تأسس عام 2014 لمتابعة المرضى القادمين من الشمال السوري وبالأخص مرضى السرطان والكبد والقلب.

حالة المرضى في إدلب

أما المرضى في الشمال السوري فازدادت معاناتهم نتيجة تأثرهم بالزلزال، ووفقاً للمسؤول الطبي، فإنَّ الحل الوحيد لمرضى القلب مراجعة مركز الجراحة القلبية في مستشفى إدلب الجامعي، بينما مرضى السرطان يجب أن يراجعوا مركز الأورام في مستشفى إدلب المركزي، لافتاً إلى النقص الشديد في المعدات والكوادر الطبية في كلا المشفيين، ولا سيما النقص في الجرعات الكيماوية والصمامات والمنافس بعد العمل الجراحي.

رسالة للقطاع الطبي

ووجّه الدكتور بشير رسائل عبر أورينت للمسؤولين في القطاع الطبي التركي، معرباً عن وقوفه معهم في أزمة الزلزال، ويطالبهم قدر الإمكان بتمديد المدة المسموحة للمرضى السوريين وإيجاد آلية جديدة لتلقي العلاج في ولايات أخرى بعد تضرر القطاع الصحي في أنطاكيا. 

أمّا بالنسبة للمسؤولين في القطاع الصحي شمال سوريا، فدعاهم إلى توجيه النظر والاهتمام بمرضى القلب والسرطان والحالات الإسعافية وذلك عبر زيادة المعدات والكوادر الطبية وحواضن الأطفال لتفادي النقص، إضافة إلى توجيه الدعم باتجاه تحسين مستشفيات الجراحة القلبية وأمراض السرطان في إدلب، فضلاً عن محاولة تواصل المسؤولين مع جهات طبية أجنبية للعمل ضمن هذه المستشفيات. 

وأكد أنَّ الدعم المالي يُحسّن من حالة المرضى، بالتالي تطوير الواقع الصحي في الداخل يخفف الكثير من عبء دخول المرضى إلى تركيا.

إحصائيات طبية

وحسب إحصائيات فريق (منسقو استجابة سوريا) لكارثة الزلزال، فقد تضررت 33 منشأة طبية في الشمال السوري، مشيراً إلى استنزاف كبير في القطاع الصحي مع تراجع كبير في عمليات الاستجابة، حيث تعمل الكوادر الطبية بالطاقة القصوى.

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى تضرر نحو 6.1 ملايين من الزلزال، وتأثر النظام الصحي، الذي وصل بالفعل إلى نقطة الانهيار بشدة، مع تضرر العديد من البنى التحتية الطبية أو تعطيلها، فضلاً عن تدمير الإمدادات الطبية والصحية الأساسية، ما ترك مقدمي الرعاية الصحية غير قادرين على إدارة الظروف التي تهدد الحياة.

 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات