3 طرق يتبعها السوريون بأوروبا وأمريكا للتحايل على القوانين الصارمة لإيصال التبرعات المالية لمنكوبي الزلزال

3 طرق يتبعها السوريون بأوروبا وأمريكا للتحايل على القوانين الصارمة لإيصال التبرعات المالية لمنكوبي الزلزال

بينما يستمر نظام أسد في محاولاته استغلال مأساة المنكوبين السوريين في الزلزال المدمر، يواجه السوريون في بلاد المهجر الكثير من المعوقات التي تقوض وصول أموال التبرعات للمنكوبين بالزلزال الذي ضرب الشمال السوري وجنوب تركيا، جراء العقوبات الغربية التي تشمل التحويلات المالية إلى سوريا.

ووجهت مختلف المنظمات الإنسانية العاملة في مناطق شمال غرب سوريا، ومنها الدفاع المدني "الخوذ البيضاء" نداءات عاجلة لتقديم المساعدة من أجل الاستمرار في عمليات البحث والإنقاذ، وجمع مبالغ مالية لبناء مخيمات للمتضررين وتوفير بدائل سكنية لهم.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فقد بلغت أعداد ضحايا الزلزال الموثقين "2157" شخصاً قضوا في مناطق شمال غرب سوريا التي لا تزال تعاني من غياب المنظمات الأممية التي اقتصرت مساعداتها على الأغطية والبطانيات للمنكوبين، في حين تشير تقديرات صحيفة "KARAR" التركية إلى وفاة "5894" في المنطقة، إضافة إلى "6100" سوري قضوا في تركيا.

حملات النقدية

وحاول كثيرون فتح باب التبرعات من خلال المنصات الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي في أوروبا وأمريكا، بهدف جمع مبالغ نقدية للمتضررين في سوريا وتركيا، لكن سرعان ما يتم إغلاق المنصات كالتزام من قبل المصارف والمنصات بالعقوبات الدولية المفروضة على نظام أسد.

ونتيجة لذلك، بدأ السوريون البحث عن طرق وأساليب جديدة لجمع المساعدات للمنكوبين، منها إطلاق حملات دون ذكر اسم سوريا، أو من خلال الأساليب التقليدية التي تتم عبر نقل الأموال إلى حسابات شخصية ثم تحويلها للداخل، وحملات أخرى يقوم بها السوريون عبر جمع التبرعات ضمن نطاق ضيق وإرسالها للداخل السوري.

وأشار الناشط المدني المقيم في فرنسا "عبد الرحمن حسين" في حديثه لأورينت، إلى أن المنصات الإلكترونية في الدول الأوروبية تفرض قوانين صارمة فيما يخص حملات التبرع المالي إلى سوريا، الأمر الذي دفعهم للبحث عن طرق جديدة بهدف جمع التبرعات.

ويقول: معظم الحملات الإلكترونية في أوروبا تكون عبر منصة "paypal" التي تخضع للرقابة ولها ارتباطاتها بالبنوك العاملة في دول الاتحاد الأوربي، وبالتالي فهي ملزمة بفرض القوانين والعقوبات.

ويضيف: هذا الأمر دفع الناشطين والمتبرعين وغيرهم من الجمعيات العاملة في أوروبا والعاملين على المبادرات الفردية لإطلاق حملات إلكترونية دون ذكر اسم سوريا لتجنب الإغلاق، أو من خلال جمع تبرعات ضمن الدوائر الضيقة "المعارف والموثوقين" وتحويلها إلى حساب بنكي في تركيا أو من خلال شركات التحويلات المرخصة مثل "ويستر يونيون" وغيرها.

التبرع للقنوات الموثوقة

بدوره أوضح السياسي المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية "بكر غبيس" أن عملية إغلاق الحسابات والتشديد على التعاملات المالية الموجهة لسوريا من قبل البنوك يؤدي إلى إغلاق منصات التبرع، وهذا الأمر يدفع المنظمات الإنسانية لإزالة تسمية سوريا، أو تحصيل رخص خاصة من البنوك لتسهيل أعمالهم.

ويقول أيضاً: الحملات الإلكترونية في أمريكا عادة ما تكون لمنظمات معروفة ومرخصة في أمريكا وعاملة في الداخل السوري من المنظمات السورية الأمريكية التي تشرف على إطلاق حملات التبرعات العاجلة مثل "uossm وsams ورحمة" وغيرها من المنظمات التي تخضع للمعايير الأمريكية.

ويضيف: بالنسبة إلى الإعانات المالية فالجمعيات ملزمة بتوضيحها مع البنوك المسببة للعراقيل وتقديم أوراقها الرسمية لتسهيل عملها، وهو ما يفرض أن تكون الحملات النقدية تحت إشراف هذه المنظمات التي تمتلك خبرة ومصداقية تساهم في تيسير إجراءاتها.

لكن غبيس، وهو رئيس منظمة "مواطنون من أجل أمريكا آمنة" أشار إلى أن "المساعدات النقدية عادة ما تصل على شكل مساعدات طبية أو إغاثية، يتم توزيعها للمحتاجين والمتضررين تحت إشراف المنظمات بحسب الاحتياجات الملحة للسكان من خلال توفير الخيام أو المعدات الطبية أو السلع الغذائية.

التشديد يؤخر وصول التبرعات

بدوره يوضح محمود حسانو مسؤول فريق ملهم التطوعي في ريف حلب، أن الفريق يمتلك ترخيصاً في العديد من الدول الأوربية والأمريكية، ما يساهم في تسهيل عمليات التبرع للراغبين نقداً أو في المساهمة بالمشاريع التي يطلقها الفريق.

ويقول: الفريق لديه حسابات بنكية في العديد من الدول مثل ألمانيا وكندا وأمريكا، حيث تصل التبرعات إلى البنوك ومن خلالها نقوم بتحويل هذه الأموال بموجب الاتفاقيات والتراخيص للبنوك التركية وسحبها في الداخل السوري عبر مراكز البريد التركي "ptt" بموجب مذكرات مع منظمة أفاد التركية.

ويؤكد على أن عملية تحويل الأموال هي الأصعب وتخضع للرقابة الصارمة والكثير من الإجراءات البيروقراطية والتعامل مع البنوك بسبب العقوبات المفروضة على سوريا والتي لا تفرق بين مناطق النفوذ والسيطرة.

وعن أسباب تأخر الحوالات النقدية إلى الداخل السوري يشرح حسانو قائلاً: نضطر لترجمة كل فاتورة صادرة إلى أكثر من لغة وتقديمها للبنوك المتعاونة معنا، بسبب خضوع الحوالات النقدية لثلاث درجات من الرقابة الفورية والشهرية والدورية، إضافة إلى المدققين الماليين، فضلاً عن التحديثات الجديدة للضغط ومراقبة حركة الأموال التي تزيد من تعقيدات العملية بشكل كبير.

مخاوف من استغلال أسد للمساعدات

ورغم الإعفاء الأخير من العقوبات الذي أصدرته وزارة الخزانة الأمريكية لجميع المعاملات المتعلقة بكارثة الزلزال لمدة ستة أشهر، إلا أن عمليات التبرع الإلكترونية الموجهة للداخل السوري لا تزال تواجه الكثير من المعوقات، خاصة وأن القرار لا يمكن تنفيذه بشكل عاجل، بالنظر إلى أن العقوبات المفروضة على نظام أسد لا تقتصر فقط على أمريكا بل تشمل أيضاً دول الاتحاد الأوربي وإنكلترا وغيرها.

ويوضح الاقتصادي السوري "كرم الشعار" أن الإعفاء يتعلق بالاستجابة للكارثة الطبيعية فقط، من تسهيل المساعدات الإغاثية والتحويلات المالية، إلا أنه غير ملزم للبنوك وشركات التحويل الخاصة التي تمتلك قرار التعامل من عدمه بحسب مصالحها، ومخاوف استغلال الإعفاء لدعم قطاعات وكيانات معاقبة أو ارهابية، وبالتالي تعرضها للمسائلة مستقبلاً.

ويؤكد الدكتور الشعار وهو مدير "مركز السياسات وبحوث العمليات" على أن غياب الشفافية في تعاملات البنك المركزي السوري يزيد من هذه المخاطر، وتوجيه المبالغ المالية الضخمة لدعم قطاعات عسكرية. 

أمر يتفق معه الخبير الاقتصادي "فراس شعبو" الذي أشار إلى أن الإعفاءات مقترنة بفترة محدودة وتتعلق بالاستجابة الطارئة للكارثة من مساعدات إغاثية وتسهيل عمليات التحويلات المالية إلى الداخل السوري من أفراد ومؤسسات، والسماح باستيراد بعض المواد الأساسية.

مؤكداً على أن "المشكلة الأبرز تتمثل باستغلال النظام للقرار باستيراد السلع المحظورة التي تستخدم لأغراض عسكرية، أو استخدامها في عملية غسيل الأموال ومحاولة الاستفادة من الإعفاءات بكل السبل الممكنة بعيداً عن الدوافع الإنسانية التي لا تعنيه".

وما يؤكد حديث "شعبو" هو مماطلة النظام في إدخال المساعدات وتواطئه مع المنظمات التابعة للأمم المتحدة في تعطيل الاستجابة للكارثة الإنسانية إن كان في مناطق سيطرته أو الموجهة للشمال السوري.

ويقول فراس شعبو: النظام وأزلامه هم المستفيدون فقط من الأحداث الأخيرة، خاصة وأن حجم التحويلات المالية إلى الداخل السوري كان بمئات الملايين عبر المنظمات الدولية والإنسانية والحملات الأهلية، لتكون المنقذ من الموت الذي يعيشه اقتصاد أسد.

لا يختلف وضع المتضررين من الزلزال المدمر في مناطق سيطرة ميليشيا أسد عن مناطق نفوذ المعارضة في الشمال السوري، جراء العراقيل التي يضعها نظام أسد للسيطرة على المساعدات التي يفترض أن تكون من نصيب المنكوبين، وما يساعده على ذلك التواطؤ الفاضح من قبل منظمات الأمم المتحدة التي سلمت ملف الاستجابة لمؤسساته ورفضت دخول أي شكل من أشكال المساعدة للمناطق المنكوبة دون موافقته.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات