حذرت أربع وسائل إعلام دولية كبرى من محاولات بشار الأسد استغلال كارثة الزلزال من أجل تلميع نفسه والعودة إلى الساحة الدولية، محتارة بالأوصاف التي تطلقها على رئيس يرى في موت شعبة وكارثته فرصة وغنيمة له.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن الزلزال القوي، دفع بشار الأسد المستبد إلى دائرة الضوء العالمية، وخلق فرصة له للعودة إلى الساحة الدولية من خلال دبلوماسية الكوارث.
وأضافت أنه مع ارتفاع عدد القتلى من الزلزال الأكثر دموية في المنطقة منذ قرن، تلقى الأسد المنبوذ منذ فترة طويلة لقصفه وتعذيب شعبه خلال الحرب، سيلاً مستمرًا من التعاطف والمساعدة والاهتمام من البلدان الأخرى.
مأساة السوريين نعمة له
كما قام القادة العرب الذين تجنبوه لمدة عشر سنوات برفع الهاتف والاتصال به، وانتشر كبار مسؤولي الأمم المتحدة عبر مكتبه، وقدموا المساعدة والتقطوا الصور بينما كانت تهبط طائرات محملة بالمساعدات من أكثر من اثنتي عشرة دولة.
ونقلت الصحيفة عن إميل حكيم، محلل شؤون الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في لندن: "لا شك أن هذه لحظة جيدة للأسد، فمأساة السوريين نعمة له، لأنه لا أحد يريد إدارة هذه الفوضى".
وأضاف المحلل السيد حكيم إن دبلوماسية الزلزال تجعل من "الأسهل والأقل تكلفة وأكثر تبريراً لعدد من الدول التحدث إليه".
الإيكونوميست: معضلة غربية
أما صحيفة الايكونوميست البريطانية، أعربت عن خشيتها من محاولات بشار الأسد استغلال الكارثة لفرض نفسه أمراً واقعاً.
وتحت عنوان "بشار الأسد لا يريد أن يضيع فرصة المصيبة"، أكدت الصحيفة أن بشار الأسد وبعد أسبوع على الكارثة وافق على فتح معبرين آخرين بين تركيا ومناطق المعارضة لغايات سياسية وليس لإنقاذ الضحايا الذين ماتوا وهم ينتظرون النجدة.
وأضافت، الأسد كان قد خرج بالفعل من عزلة دبلوماسية استمرت لعقد، حيث أصبحت الدول العربية تقبل أنه سيبقى في السلطة والآن يرى فرصة لجذب الغرب أيضاً.
وبحسب الصحيفة فإن أولئك الذين يريدون تخفيف محنة السوريين يواجهون معضلة عصية على الحل، إذ لن يضمن تخفيف العقوبات حصول السوريين على كهرباء ومنازل جديدة، ومع ذلك، استمرارها سيبقى الأمر على وضعه الراهن، كما إن الحكومات الغربية مترددة في تحويل الأموال إلى الأسد لمساعدته في إعادة البناء وهم في نفس الوقت حريصون على تجنب عرقلة عملية إعادة إعمار المرافق الحيوية.
وختمت المجلة تقريرها بالقول إنه "في العمل على كيفية مساعدة الناس الذين يعيشون وسط الدمار في سوريا مع عدم إعادة تأهيل نظام ملطّخ بالدماء، لا توجد إجابات سهلة".
فايننشال تايمز: ديكتاتور يستخدم زلزالاً لإعادة تأهيل نفسه
صحيفة فايننشال تايمز البريطانية ألقت هي الأخرى الضوء على محاولات بشار الأسد المفضوحة لإعادة تأهيل نفسه على مسرح السياسة الدولية من بوابة الزلزال والمساعدات، محذرة من أنه يحاول استغلال الكارثة لفرض نفسه أمراً واقعاً.
وقالت الصحيفة في تقرير مشيرة إلى سلوكياته الوضيعة "إنه ديكتاتور من نوع خاص يستخدم زلزالاً مميتاً لإعادة تأهيل نفسه مع المجتمع الدولي أثناء التقاط الصور في منطقة منكوبة مع زوجته.
وأضافت أن الأسد، المنبوذ على مدى العقد الماضي، لديه سبب للشعور بالثقة مرة أخرى، وتلقى اتصالات ومساعدات من دول عربية وخليجية، فيما عاد مسؤولوه للظهور على وسائل الإعلام الدولية للمطالبة بإنهاء العقوبات الغربية، وزعموا أنها تعرقل جهود الإغاثة، رغم أن العقوبات تحتوي في الواقع على إعفاءات للمساعدات الإنسانية التي استمرت في التدفق إلى دمشق عبر الأمم المتحدة في السنوات الأخيرة.
وعن التغييرات في العقوبات الأمريكية، أكدت الصحيفة أنه بخلاف إرسال المساعدات الإنسانية وتعديل العقوبات للسماح ببعض المعاملات المالية، من غير المرجح أن تتصور الولايات المتحدة تغييراً شاملاً في سياستها تجاه سوريا.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية للصحيفة "الآن ليس الوقت المناسب للنظام للاستفادة من الكوارث الطبيعية لمصلحته"، لكن هذا بالضبط ما تفعله حكومة أسد - إلى جانب حلفائها روسيا وإيران - ولا ينبغي للولايات المتحدة أن تتنازل ببساطة عن الأرض، وفقاً للصحيفة.
وختمت الصحيفة المقال محذّرة من أنه لا ينبغي نسيان السوريين أو تقديمهم كذبيحة في تنازلات متسرعة، لأن المنطقة والغرب قد أنهكهما عناد نظام أسد.
ميدل إيست آي: من الخفاء للعلن
موقع "ميدل إيست آي" تطرّق إلى جهود إعادة تأهيل الأسد من بوابة الزلزال والتعاطف الإنساني ولا سيما من قبل أنظمة عربية على علاقة وثيقة به.
وأضاف أن الأسد تلقى تعازيَ من زملائه الحكام العرب ومساعدات من دول الخليج الغنية، بل وحصل على تعهّد من تونس بتعزيز العلاقات مع حكومته.
ونقل عن دارين خليفة، كبيرة المحللين السوريين في مجموعة الأزمات الدولية: قولها إن "الدول التي كانت تميل إلى دعم الأسد وجدت في الزلزال الفرصة"، لكنها استدركت أن ذلك لا يضع دمشق بالضرورة على مسار سريع للتطبيع.
التعليقات (4)