سبقناك إلى حلب.. فماذا جلبت لنا؟

سبقناك إلى حلب.. فماذا جلبت لنا؟

في يوم الجمعة الماضي، زار بشار الأسد وقرينته أسماء مدينة حلب، وذلك بعد الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة. وقد زارا الأحياء المنكوبة، وبعض المصابين في مشفى حلب الجامعي. وفي نفس اليوم هبطت طائرة إيرانية في مطار اللاذقية محملة بتسعة عشر طناً من المساعدات لمتضرري الزلزال.

لم يكن بشار الأسد أول الواصلين إلى حلب، بل كان قد سبقه إلى هناك قائد “الحرس الثوري” الإيراني، إسماعيل قاآني، وقادة ميليشيات إيرانية أخرى، والذي قصد أيضا اللاذقية، ليتبعه الأسد، يوم السبت. ورئيس هيئة أركان الحشد الشعبي العراقي الملقب "أبو فدك". فما الدلالة التي يمكن استخلاصها من لقاء المجرمين في حلب؟ 

التحالف في المكره

لم يستغرب البعض من سرعة انفراط عقد جيش النظام في بداية الثورة السورية، حيث يدرك الكثيرين أن جيش النظام تمت هندسته بناءً على مقاسات طائفية وعائلية، ولم تكن تلك العقيدة البعثية متمكنة من نفوس أفراد الجيش لدرجة أنه يمكنه القتال بالفعالية التي كان النظام يصدرها للسوريين. فالنفوذ ضمن الجيش كان محصوراً في مجموعات قليلة العدد، وشديدة الحرص على استمرار النظام. 

في ظل سرعة انهيار جيش النظام وخروج مساحات واسعة من الجغرافية السورية عن سيطرته؛ اندفع النظام للتحالف مع الميليشيات الإيرانية والعراقية للمساعدة في إعادة السيطرة على الأراضي السورية التي خرجت عن السيطرة، وإخماد الثورة السورية. وذلك لقناعته أن صلاحية الجيش النظامي قد انتهت، وأن المؤسسة العسكرية قد أصبحت عبئاً على النظام، ولقناعته من جهة ثانية أن القوة الضاربة يجب أن تكون كل شيء إلا وطنية. أي أن تكون عصبوية ميليشياوية مناطقية-عائلية. 

ويبلغ عدد الميليشيات الطائفية الإيرانية والمدعومة من إيران في سوريا نحو 50 تشكيلاً، شكلوا العمود الفقري للنظام السوري في إعادة السيطرة على الجغرافيا السورية بدعم جوي روسي. عبر هذه الميليشيات، قدمت إيران خدمات جليلة للنظام وقدم النظام كل ما تحتاجه تلك الميليشيات، لدرجة منح الجنسية السورية لكثير من عناصرها.

والمنشط…

استطاعت الميليشيات قلب موازين القوى لصالح النظام السوري، واستطاعت السيطرة على مساحات واسعة كانت خاضعة لفصائل الجيش الحر، وانتهى القتال باتفاقيات سياسية أنهت وجود الفصائل الثورية، وأعادت تشكيل كثير من المناطق السورية بما يخدم المشروع الإيراني في سوريا. وفي إطار رد النظام للجميل الإيراني وبعد الاتفاقيات السياسية العديدة التي فرضت حالة من الاستقرار في سوريا، استمرت المليشيات ومن ورائها إيران (رغماً عن النظام أو بتسهيلات منه) في التغلغل في سوريا عبر شراء العقارات وتأسيس ومشاركة النظام في العديد من المشاريع الاقتصادية الضخمة، بالإضافة للنشاط الثقافي في محافظات سورية عديدة ومن أهمها حلب التي تحظى بمكانة خاصة لدى إيران. 

حصتنا محفوظة

ما كان بشار الأسد ليخرج من قصره إلى حلب لولا زيارة أولئك المجرمين إليها، وكأنه ذهب لزيارة إيران في حلب، حيث تفقد قآاني المتضررين من الزلزال قبل وصول بشار الأسد. في الحقيقة هذا يدعو للتساؤل، هل يعني ذلك أن حلب القريبة من تركيا هي الأكثر أهمية بالنسبة لإيران في سوريا؟ أم هي قوة إيرانية ناعمة أمام المجتمع الدولي تحاول إيران من خلالها تصوير نفسها على أنها الأكثر إنسانية من الدول الأخرى؟ في تقديري، وصول قادة الميليشيات (إيران) إلى حلب قبل بشار الأسد ما هو إلا رسالة واضحة وصريحة لبشار الأسد فحواها: حصتنا من المساعدات سنأخذها كاملة، أو كما يقال في المثل الشعبي: "من راس الكوم". فما وصل من مساعدات، وما سيصل، ستكون حصة إيران أكبر بكثير من تلك الطائرة التي هبطت في اللاذقية. 

العقوبات القاسية على إيران، والاستهداف الإسرائيلي لمقراتها، أنهكها وحدّ من قدرتها على التأثير كما كانت قبل ذلك. وهي في وضع لا يمكنها فيه إنقاذ الأسد. وبالتالي، هي بحاجة لأخذ ثمن الخدمات التي قدمتها للأسد على مدار سنوات. يمكن القول إن المساعدات التي تم بيعها ما هي إلا جزء صغير جداً مما وصل، والمساعدات التي تم توزيعها للمتضررين هي مساعدات تم جمعها بجهود محلية. ثم إن إيران التي تشارك النظام في كل شيء، فمن باب أولى أن تشاركه في اقتسام المساعدات. 

انحطاط المستبدين

وصل انحطاط النظام الأخلاقي إلى أقصاه. سيستأثر النظام بكل أموال المساعدات الخارجية وكأنها أموال شخصية، وسيقتسمها مع الميليشيات الإيرانية رغماً عن أنفه، وسيوزع جزءًا منها لحاشيته، وسيترك من هم بأمسّ الحاجة لها لمواجهة الكارثة بأنفسهم. إن في هذا الزلزال ما يشبه النظام السوري، فكلاهما أهلك صاحبه. فالبيوت التي بناها السوريون بعيداً عن بطش النظام جاء العذاب من تحتها فأصبحت قبراً لبانيها، والدولة التي كنا نظن أننا في حماية النظام فيها؛ قد أهلكتنا وحياتنا. فملاذ المنكوبين من الزلزال هو الهروب من البيت، وملاذ الثائرين هو الانسلاخ من الاستبداد. 

أخيراً، أثبت الزلزال الأخير أن النظام ما زال يصنف السوريين الثائرين عليه كأعداء يستحقون الموت بكل الوسائل، ولا همَّ له إلا حاشيته المقربة وكرسيه، وهو سعيد بأن المجتمع السوري يزداد تجانساً!. وأثبت أيضاً، أن الحكومة السورية المؤقتة والائتلاف الوطني لا يجب لهم البقاء على حالهم، فإما أن يتغيروا، أو يغيرهم الناس. وأثبت أن السوريين يمكنهم فعل الكثير.                                              

 

التعليقات (2)

    الرئيس الخسيس

    ·منذ سنة شهرين
    بشار المجوسي الفارسي هو مجرد جندي ايراني ينفذ اجندة ايرانية في تدمير المناطق السنية وتهجير اهلها ونهب ثروات سوريا وتسليمها لايران و روسيا ... لا اعرف كيف هناك سوريين يصدقون ان بشار النجس هو سوري وينتمي الى سوريا ويتحكم هو وعصابة العلوين الارهابين في دولة عمرها ألاف السنين وذات حضارة ؟؟؟ لقد دمر البشر والحجر واحرق الشجر هذا الللعين الى يوم الدين

    أهبل وسخيف

    ·منذ سنة شهرين
    هالشيء المسمى بشريا ، هو حثالة مخلوق غير متزن عقليا ، وجميع من يتواصل معه على نفس الشاكلة ، كما اوباما وبايدن وبوتين الا ترون نفس الهبلة ، وللأسف للمخابرات السورية تتبع للموساد وهذا سبب جراءمها اللا بشرية والتي تظهر الحقد والكره الشعب وهذا يوجد عند الاقليات الذين عاشوا في سوريا واتوا إليها من تركيا والبلقان لتدميرها اسالوا للمدعو لوقاس المخابراتي القذر.
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات