في تصريح له يوم الثلاثاء الماضي، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إعلان حالة الطوارئ ولمدة ثلاثة أشهر استناداً للمادة 119 من الدستور وذلك في المناطق المتضررة بالزلزال الأخير، والتي اعتبرت كمناطق منكوبة وهي ولايات أضنة وآديمان وديار بكر وغازي عنتاب وهاتاي وكهرمان مرعش وكلّس وعثمانية وملاطية وشانلي أورفا (ومن المتوقع ضم ولاية مرسين لتلك القائمة)، فماذا يعني إعلان حالة الطوارئ في منطقة ما؟ وما هي المترتبات القانونية عن ذلك الإعلان؟.
عادة ما تلجأ السلطات إلى هذا الإجراء عند وقوع كوارث طبيعية أو جائحة صحية خطيرة وقد يعلن عن تلك الحالة على مستوى أراضي الدولة ككل أو على نطاق جغرافي محدد ومحدود ولمدة زمنية محددة أيضاً بهدف توفير المرونة في اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لمواجهة آثار الكارثة الطبيعية أو الجائحة الصحية الخطيرة التي تهدد السلامة العامة أو السلم الاجتماعي وتطويق آثارها واتخاذ التدابير العاجلة للتعافي منها ويجب عرض القرار على البرلمان للمصادقة عليها ويعتبر ساري المفعول في المناطق المشمولة به بمجرد المصادقة عليه ونشره بالجريدة الرسمية.
في حالات الطوارئ تحصل السلطة التنفيذية عادة على صلاحيات قانونية واسعة تمكنها – كما أسلفنا – من اتخاذ الإجراءات الحاسمة والفعالة بالسرعة المتوجبة لمواجهة آثار الكارثة وضمان السلامة العامة والسلم المجتمعي وإعادة تأهيل المناطق المنكوبة، كما تمنح السلطة التنفيذية الحق بفرض أحكام استثنائية وقوانين مؤقتة دون الرجوع إلى السلطات التشريعية كما وتمكن رئيس الجمهورية من إصدار قوانين ومراسيم بشأن الأمور التي تقتضيها حالة الطوارئ.
وفي حالة الطوارئ أيضاً يحق للسلطات الحكومية اتخاذ كل ما يلزم من تدابير لحماية المصلحة العامة مثل حظر بعض الأنشطة التجارية ومنع السفر وإغلاق أو تعديل عمل المؤسسات الحكومية والمدارس حسب الحاجة، وكذلك فإن الأشخاص والمؤسسات والمنظمات الحكومية وغير الحكومية ملزمون جميعاً بتوفير جميع أنواع الموارد المطلوبة منهم، كالمباني والأراضي والمركبات والمعدات والأغذية والأدوية ومختلف أنواع المستلزمات الطبية وإلزام المشافي الخاصة بتقديم العناية الصحية تماماً كما تقدمها المشافي الحكومية للمواطنين مجانا، وغير ذلك مما تستوجبه الحالة وكل ذلك ضمن المدة الزمنية المقررة لحالة الطوارئ والنطاق الجغرافي المشمول بها.
كما تتيح حالة الطوارئ الحكومة من مصادرة الممتلكات والخدمات الخاصة إذا لزم الأمر لعمليات الإنقاذ وإعادة إنعاش المناطق المنكوبة مع التنويه إلى أن الأولوية في عملية توفير الموارد المادية والبشرية لتلك العملية يجب توفيرها من الموارد العامة للدولة ومن المساعدات الدولية التي ترد إليها، وكذلك فهي تمنح ولاة تلك المناطق سلطة طلب العون والمساعدة من الولايات المجاورة ومن الجيش أيضاً، فضلاً عن تقييد حركة الدخول أو الخروج من وإلى الولايات المنكوبة والخاضعة لحالة الطوارئ.
ماذا يعني ذلك بالنسبة للسوريين المقيمين في تلك المناطق أو حتى الذين غادروها لمناطق أخرى؟، إنه يعني باختصار شديد الامتثال لكل الأوامر والنواهي التي تصدرها السلطة العامة والسلطات المحلية بشأن أماكن وجودهم والإبلاغ عن العناوين التي نزحوا إليها والمقيمين فيها واتباع كل الإجراءات التي تعلن عنها دوائر الهجرة ومؤسسة إدارة الكوارث والطوارىء التركية (آفاد) بشأنهم وكذلك الإبلاغ عن أوضاعهم ومفقوديهم وكل ما له علاقة بإعادة قوننة وجود اللاجىء السوري النازح من ولايته المنكوبة في مكان تواجده الحالي بما يساعد ويسهل عمل تلك المؤسسات والوصول لإحصاءات نهائية بشأن الضحايا والمفقودين والمصابين.
مصاب السوريين اللاجئين في تركيا لا يقل عن مصاب إخوتهم السوريين داخل الحدود ومعاناتهم جميعاً واحدة ولا نملك إزاء ذلك إلا التكافل والتضامن لتجاوز آثار هذه المحنة، فالسوريون جميعاً في الداخل وفي أماكن لجوئهم لم يقصّروا ولم يدخروا جهداً استطاعوه إلا وفعلوه فأعادوا مرة أخرى تأكيد أصالتهم وسوريتهم، إلا أولئك السفلة ممن تبلدت أحاسيسهم وتبددت أخلاقهم على ضفتي السلطة القاتلة والمعارضة المخصية فاكتفى الأول بضحكات تعبر عن خسّته ومن معه، بينما لاذ المخصيون بالصمت في أوكار عجزهم ووضاعتهم.
التعليقات (7)