ما السر وراء سعادة النظام بزلزال "كهرمان مرعش"؟!

ما السر وراء سعادة النظام بزلزال "كهرمان مرعش"؟!

في عصرنا الراهن أصبح تسابق الدول لإعلان التضامن وعرض المساعدة على الدولة التي تحل بها كارثة عرفاً دولياً، وبدوافع إنسانية أو محاولة التظاهر بها؛ غالباً ما تقوم الدول بتنحية خلافاتها أو عداواتها جانباً مفسحة المجال لصوت الإنسانية امتثالاً لمبدأ الإنسان أولاً. لذلك، لم يعد ملفتاً أن تعلن إسرائيل عن استعدادها لإرسال المساعدات إلى سوريا عقب زلزال "كهرمان مرعش" الذي وصل بآثاره المدمّرة إلى الداخل السوري، لكن الملفت أن النظام السوري ورغم امتداد الدمار الذي أحدثه الزلزال إلى المناطق الواقعة تحت سيطرته لم يتمكن من إخفاء سعادته بما حصل.

سعادة رأس النظام قطعت الشك باليقين

قد يبدو مجرد اتهام مبني على الأحاسيس، لكن ظهور المسؤولين السوريين من خلال وسائل الإعلام فضح ذلك، فوزير خارجية النظام من خلال لقائه مع قناة الميادين، رغم أنه بدأ حديثه متقمصاً شخصية الحزين، إلا أنه ما لبث بتوزيع ابتساماته العذبة، لكن الذي قطع الشك باليقين هو ظهور رأس النظام في مدينة حلب، والذي بدا وكأنه في جولة تهنئة بمناسبة ما، فقد كانت ضحكاته الخارجة عن السيطرة تنبئ بأن هذا الرجل تسيطر عليه نوبة من السعادة الغامرة، بل هو، في مفارقة عجيبة، أجاب أحد الإعلاميين عن سؤاله: بماذا تتوجه للسوريين بكلمة؟ أجابه: السوريون يفعلون ولا يتكلمون، ولأن إجابته غير مفهومة؛ فسرّها البعض بأن لديه شعوراً بالنشوة مع إحساس بأنه هو الذي حرّك الزلزال لضرب تركيا وضرب المناطق الخارجة عن سيطرته، أو لنقل: لديه إحساس بأن القدر واقف في صفه.

مصائب قوم عند قوم فوائد

في تفسير نوبة الضحك الهستيرية التي رافقت جولة رأس النظام في حلب؛ يعتقد البعض أن الكارثة أتاحت له ولأول مرة منذ ما يقارب السنوات العشر أن يشعر بأنه رئيس دولة، إذ تلقّى الكثير من المكالمات والبرقيات التي أشعرته وكأنه رئيس حقيقي، وانعكس هذا بكل وضوح من خلال نشرات الأخبار للتلفزيون السوري، حيث أفرد في مقدمة كل نشرة أخبار وقتاً طويلاً للإعلان عن المكالمات والبرقيات والرسائل التي تلقاها سيادته، والبعض رأى أنه على مبدأ: مصائب قوم عند قوم فوائد، فالزلزال ضرب تركيا بالدرجة الأولى والمناطق الخارجة عن سيطرة النظام بالدرجة الثانية، وهي جهات معادية، أما الأضرار التي لحقت بالمناطق الخاضعة لسيطرته؛ فكانت متنفساً للنظام ليقود حملة منظمة من أجل رفع العقوبات عنه، متذرعاً بالكارثة الإنسانية في محاولة وقحة لتسييس الكارثة، وهي في النهاية سوف تكون فرصة لتلقي بعض المساعدات، أما فيما يخص ضحايا الزلزال في مناطقه فهم مجرّد أرقام لا قيمة لها، وإذا كان مقتلهم يصبّ في مصلحة السلطة، سواء عن طريق جلب المساعدات أم عن طريق رفع العقوبات، وفي أسوأ حال عن طريق التخلص من أعبائهم؛ فأهلاً به.

الكارثة مدخلاً للحل

البعض الآخر يعتقد أن مصدر سعادة النظام يتجاوز ذلك بكثير، فهو يعوّل على هذه الكارثة أن تكون مدخلاً لحل القضية السورية بالشكل الذي يتمناه، فجهود معالجة آثار الكوارث الكبرى تحتاج لجهود إمكانيات تتجاوز إمكانيات دولة منفردة، ومع انشغال تركيا بمصابها، والإمكانيات التي يتيحها مبدأ السيادة للنظام السوري في عرقلة محاولات المجتمع الدولي والمنظمات الدولية لإغاثة المناطق الخارجة عن سيطرته وإعادة تأهيلها؛ يعتقد النظام السوري أن الفرصة سانحة لإرغام المجتمع الدولي على التطبيع معه واجتراح الحلول التي تناسب تطلعاته، ويرى هؤلاء أن مثل هذا التصوّر من قبل النظام لم يأتِ من فراغ، فهناك سابقة دولية مشابهة، إذ يُروى أن الزلزال الذي ضرب في المحيط الهادي قبالة الساحل الغربي لشمال سومطرة في إندونيسيا عام 2004؛ تسبب بإنهاء حرب أهلية في إقليم "آتشيه" الإندونيسي، حيث بدأت جولات الحوار بين الانفصاليين وجاكرتا بمساعدة دولية، وخلال وقت قصير، توصّل الطرفان إلى اتفاق ألغت بموجبه "جاكرتا" قانون الطوارئ في الإقليم وسحبت وحدات الجيش مقابل إلقاء الانفصاليين أسلحتهم؛ ليُسدل الستار على الحرب الأهلية وتنتهي تماماً.

هم هكذا

أخيراً، هناك من قال بأن النظام السوري هو بطبعه نظام قذر، بل هو يتباهى بهذه القذارة، وأن أخشى ما يخشاه أن يظهر بمظهر الضعف، ولعله يرى أن إظهار بعض مظاهر الحزن أو التأثر أو التساهل مع إدخال المساعدات إلى الشمال السوري هو خرق لمبادئه وقيمه العليا؛ هو نظام عوّدنا أن يرقص ويحتفل في كل مناسبة يُضرب فيها، وإن أفضل ما يقال في هذه المناسبة: إن لم تستحِ فافعل ما شئت.

كل الاحتمالات في تفسير سعادة النظام واردة، إلا أن أهم ما يجب أن يقال فيها: إن كان النظام السوري حقاً يعوّل على الكارثة أن تجلب له الحل، فلا بد من القول له: إنها أضغاث أحلام، فلا أحد فعل بشعبه كما فعلتم، وإن دفعت الكارثة الإنسانية بالسوريين في الشمال الشرقي من سوريا إلى ضرورة المصالحة، فلديهم العديد من الجهات التي يمكن أن يتصالحوا معها، بالمختصر، يتصالحون مع الجميع إلا النظام الذي أذاقهم سوء العذاب. 

 

التعليقات (5)

    Hope

    ·منذ سنة شهرين
    عندما يفلت المجرم من جريمته المره تلو المره يصل بكل وقاحه ليطالب الان بمكافاته برفع العقوبات بغض النظر عن آلام الناس .. لم يخطئ من وصفه بالحيوان!

    اللهم عليك بالظالمين

    ·منذ سنة شهرين
    بشار المجرم ليس لديه أحاسيس ومشاعر البشر إطلاقا وهو أقذر مخلوق في الكائنات وأحقر وأحط إنسان على وجه الكوكب

    ابو شحاطة

    ·منذ سنة شهرين
    متعبين حالكم على تحليل شخصية وابتسامة الديكتاتور بشار وكأننا لا نعرفه. العرب معروفين بعلم الفراسة، ولا يوجد شخص عربي لايعرف من هو بشار، فقط غير العرب من العلويين والفرس يتصنعون الغباء ويلقبوه بالثيد الرئيث. بشار شخص معتوه متبلد الإحساس، ولن تدمع عينه على وفاة طفل سوري بريء. الرجل السوري ليس كالرجل الاندونيسي الذي يرسل نساءه للعمل في الخارج كخادمات منزليات. الزلزال مهما بلغت قوته لن يركع الثوار الاحرار للمجرم بشار، ولن يتصالحوا مع نظام بعثي قذر له تاريخ طويل في جرائم الإبادة والتعذيب الممنهجة.

    أفلاطون

    ·منذ سنة شهرين
    للأسف ... إنها سوريا الأسد !! لا يعلنون الحداد عندما يستشهد السوريين بالآلاف بسبب الزلزال أو بسبب الحرب العبثية التي شنها هذا المعتوه إبن المقبور حافظ الاسد من أجل كرسي الحكم في حين فرضوا الحزن و الحداد و أوقفوا برامج التلفزيون عندما فطس باسل بحادث سير و أسموه شهيد و عندما نفق الخنزير الأكبر حافظ الاسد .... أما باقي الموالين فيبتسمون إذا ابتسم الرئيس و يضحون إذا تظارف او أظهر فهمه الضحل و فلسفته الصبيانية و يبكون إذا مرض او فطس أحد من سادتهم ... و لأول مرة سأستعير هذه الجملة .... صب عمي صب

    lkm

    ·منذ سنة شهرين
    وأخبث منك لم تر قط عين و أنجس منك لم تلد النساء ولدت مبرأ" من كل خير فلا دين لديك و لا انتماء
5

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات