المعارضة التركية تستعد لهجوم كاسح على الحكومة.. ماذا عن اللاجئين وما هي خيارات أردوغان؟

المعارضة التركية تستعد لهجوم كاسح على الحكومة.. ماذا عن اللاجئين وما هي خيارات أردوغان؟

بينما كانت التوقعات تشير أو تأمل أن تخفف كارثة الزلزال من الحملات المناهضة للأجانب في تركيا، وعلى رأسهم السوريون، صُدم الجميع بإطلاق هاشتاغات على مواقع التواصل الاجتماعي في تركيا، تتهمهم بسرقة المنازل المدمّرة، في وقت تتأهب فيه الأحزاب السياسية على ما يبدو للنيل من الحكومة بسبب عدم رضاها عن تدخلها لمواجهة الكارثة.
التكاتف حيال كارثة الزلزال كان واضحاً، لكن تأجيل الجميع المعارك السياسية، وتعليق الحملات الانتخابية، لم يمنع من البدء بتوجيه اللوم في وسائل الإعلام التابعة للمعارضة إلى الحكومة التي اتُهمت بعدم النجاعة حيال الأزمة.

الهجوم قادم

مصادر سياسية تركية أكدت لـ"أورينت نت" أن الانتقادات الخفيفة التي وُجهت حتى الآن للتحالف الحاكم، لن تكون سوى مقدّمة لهجوم حاد سيبدأ بعد توقف عمليات الإنقاذ، متوقعة أن يكون موقف حزب العدالة وحلفائه صعباً للغاية.

تقول المصادر: إن لدى المعارضة وطيف واسع من الشعب، الكثير من المآخذ على أداء الحكومة خلال الأيام الخمسة الماضية، حيث تُتهم بالتقصير والعجز، وانكشاف البنية التحتية وعدم جاهزية المؤسسات المعنية لمواجهة هذا النوع من الكوارث.

وتضيف: من أهم المآخذ التي ستستخدمها أحزاب المعارضة ضد الحكومة، هو تقييد مشاركة الجيش في عمليات الإنقاذ بناءً على قانون تم إقراره سابقاً ويمنع تدخل القوات المسلحة في الشؤون غير العسكرية، بينما تعتقد الكثير من القوى السياسية أنه كان يمكن للجيش تقديم مساعدة كبيرة.

وبالإضافة إلى ما سبق، تتوقع هذه المصادر أن تفتح أحزاب المعارضة ملفات عدم كفاءة الكثير من المسؤولين والوزارات والبلديات، بالإضافة إلى الفساد في قطاع العقارات والبناء وغير ذلك، ما سيؤثر بشدة على موقف التحالف الحاكم.

وعليه لا تستبعد المصادر أن يلجأ حزبا العدالة والحركة القومية إلى طرح تأجيل الانتخابات، من أجل كسب الوقت للملمة الأوراق وتحقيق إنجازات على صعيد التعويضات وإعادة الإعمار، ما يسمح أيضاً بتحريك قوي للعجلة الاقتصادية، كما هي العادة في مثل هذه الحالات، الأمر الذي ستجابهه المعارضة بشدة على الأغلب، ولن تقبل بهذا الخيار.

ورقة جديدة

بالمجمل ستكون تركيا مقبلة خلال الأسابيع القادمة على مواضيع جديدة في السجال بين الأحزاب التي تتأهب لخوض الانتخابات المقرّرة في حزيران/يونيو 2023.

فبينما كانت ورقة الأجانب واللاجئين هي الأكثر استخداماً بالنسبة لغالبية قوى المعارضة، فإن من المتوقع أن تتصدر كارثة الزلزال والأداء الحكومي بمواجهتها الملفات.

الكاتب المتخصص في الشأن التركي "عمر كوش" يؤكد أن كارثة الزلزال ستكون الملف الأبرز بيد قوى المعارضة في مواجتها مع حكومة حزب العدالة والتنمية، وأن ما جرى سيؤثر على الحملات الانتخابية لجميع الأحزاب.

ويقول في تصريح لـ"أورينت نت": في البداية كانت هناك حالة من التضامن الوطني شملت الجميع، لكن بعد اليوم الثالث بدأت الأصوات تخرج لتنتقد أداء الحكومة حيال كارثة الزلزال.

ويضيف: هذه الانتقادات تتصاعد بسرعة، وأعتقد أنها ستشتد بمرو الوقت أكثر، خاصة مع الارتفاع المطّرد بأعداد الضحايا والمرشّحة للوصول إلى رقم صادم، فضلاً عن عدم الرضا عن مسألة إيواء الناجين وعمليات الإنقاذ.

كوش، وهو معارض سوري، يرى أنه وبناء على ما سبق، فإن المعارضة ستوظف تداعيات الزلزال من أجل النيل من حزب العدالة والرئيس رجب طيب أردوغان، أما فيما يخص مسألة اللاجئين، وخاصة السوريين منهم، فقد تراجع التركيز عليها لدى أحزاب المعارضة في الأيام الأخيرة التي سبقت الزلزال، مع إنجاز قوى الطاولة السياسية تفاهماتها، ولم تعد قضية اللاجئين أولوية كما كانت مطروحة من قبل، خاصة بسبب الدور الذي لعبه حزبا أحمد داوود أوغلو وعلي باباجان على هذا الصعيد.

خيارات الحكومة

موقف معقّد، ستجد حكومة حزب العدالة والتنمية نفسها أمامه إذن، وكارثة وطنية ستلحق بتحالفها الحاكم أزمة لم تكن في الحسبان، الأمر الذي يحتم عليها إشكالاً جديداً من التصرف لمواجهة تداعيات الزلزال.

لكن ما هي الخيارات التي يمكن للحكومة اللجوء إليها غير تأجيل الانتخابات؟

سؤال يجيب عليه الكاتب السياسي التركي "جيواد غوك" بالقول: إن "المنتظر هو أن تعترف الحكومة بالتقصير في أوجه مختلفة من التدخل، لكن من دون أن تتحمل المسؤولية لوحدها".

ويضيف في حديث مع "أورينت نت": ما حصل هو نتيجة عمل هذه الحكومة والحكومات السابقة عليها، لكن في النهاية المعارضة ستستفيد مما حدث، وخلال الأيام القادمة، وبعد أن تلتقط تركيا الأنفاس، سيبدأ منافسو حزب العدالة والتنمية بالهجوم عليه وسيستفيدون من ذلك بكل تأكيد.

أما فيما يتعلق بانعكاسات ذلك على ملف اللاجئين واستخدامه في الصراع السياسي، يقول غوك: أعتقد أن التركيز على تداعيات الزلزال سيخفف من التوظيف السياسي لورقة اللاجئين والأجانب، أو على الأقل سيؤجل استخدامها للحظات ما قبل الانتخابات مباشرة كورقة مساندة، بعد أن كانت من أهم الأوراق المطروحة.

بينما تتباين التقديرات حول الوقت الذي سيستغرقه التضامن الوطني مع الكارثة التي تسبب بها زلزال يوم الإثنين، قبل العودة لسجال الأحزاب المتنافسة، يجمع الكل على أن تداعيات هذه الكارثة ستطغى على جميع النقاشات، وستستخدمها المعارضة بقوة ضد التحالف الحاكم، الأمر الذي سيخفف من النقاش في الملفات الأخرى، كالاقتصاد واللاجئين وغيرها، بينما سيكون على حزب العدالة والتنمية الاستعداد لمواجهة سيل جارف من الانتقاد والاتهامات المتعلقة بكارثة الزلزال.

 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات