كشف ضابط روسي منشق عن الانتهاكات الجسيمة والجرائم التي ترتكبها القوات الروسية وميليشياتها بحق الأوكرانيين منذ بدء غزوها للأراضي الأوكرانية في شباط/فبراير 2022.
وقال كونستانتين يفريموف، أكبر ضابط روسي يتحدث علانية عن انتهاكات وجرائم الروس في أوكرانيا، في مقابلة مع شبكة "بي بي سي" البريطانية، إنه شاهد الاستجواب الوحشي للأوكرانيين وإطلاق النار عليهم وتهديدهم بالاغتصاب، إضافة إلى نهب وتعفيش المناطق الأوكرانية.
تعفيش وسرقة
وذكر يفريموف أنه وصل في 10 شباط 2022 إلى شبه جزيرة القرم للمشاركة في "مناورات عسكرية"، وكان حينها رئيساً لوحدة إزالة ألغام، مشيراً إلى أن لم يكن أحد يعتقد أن الحرب ستندلع.. وبعد ذلك بأيام أصبح الرمز Z رمزاً لما كان الكرملين يسميه عمليته العسكرية الخاصة".
وبحسب ما قال يفريموف، فقد قرر الاستقالة.. إلا أن عقيداً هدده بالسجن لمدة تصل إلى 10 سنوات بتهمة الفرار من الخدمة، منوهاً إلى أنه "بسبب خوفي من أن يتم زجّي بالسجن تراجعت وعدت للانضام إلى وحدتي".
وتحدث الضابط الروسي المنشق عن عمليات النهب والتعفيش التي قام بها الجنود الروس بعد أن تلقى أوامر بالتحرك مع رجاله من جزيرة القرم إلى مدينة ميليتوبول عقب 3 أيام من بدء الغز الروسي لأوكرانيا.
وأوضح أنه أمضى 10 أيام في مطار استولت عليه القوات الروسية بمدينة ميليتوبول، "أخذ الجنود والضباط كل ما في وسعهم. تسلقوا جميع الطائرات وذهبوا عبر جميع المباني. أخذ أحد الجنود جزازة العشب.. الجرافات والفؤوس والدراجات، قاموا بتثبيتها جميعاً في شاحناتهم..".
تعذيب واغتصاب
وروى يفريموف أنه شهد عمليات استجواب وسوء معاملة للسجناء الأوكرانيين، بعد أن تم تكليف مجموعته بحراسة ما وصفه بـ "المقر اللوجستي" في بلدة بيلماك شمال شرق ميليتوبول.
وقال: "تم إحضار 3 سجناء، اعترف أحدهم بأنه قناص. وعندما سمع العقيد الروسي ذلك، فقد عقله وقام بضرب السجين الذي كان معصوب العينين، ثم قام بنزع بنطاله وسأله عما إذا كان متزوجاً.. فأجابه السجين نعم، فقال له سنحولك إلى فتاة ونرسل إلى زوجتك".
وخلال استجواب آخر، لفت يفريموف إلى أن العقيد قام بإطلاق النار على ذراع وساق سجين ما أدى إلى تهميش عظامه، وبعد نقله خفية إلى المستشفى طلب من السجين عدم الافصاح بأنه أسير حرب، لأن الأطباء سيرفضون تقديم العلاج له، أو أن الجنود الروس الجرحى سيقتلونه.
ووثق مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة حالات إساءة معاملة السجناء في الحرب في أوكرانيا، وقالت ماتيلدا بوجنر، رئيسة فريق المراقبة التابع للأمم المتحدة ومقره أوكرانيا: "لسوء الحظ، وجدنا أن هناك تعذيباً وسوء معاملة لأسرى الحرب على كلا الجانبين".
"وأضافت إذا قارنا الانتهاكات، فإن تعذيب أسرى الحرب الأوكرانيين أو إساءة معاملتهم يميل إلى الحدوث في كل مرحلة تقريباً من الحبس. وفي الغالب، تكون ظروف الاعتقال أسوأ في العديد من مناطق روسيا أو أوكرانيا المحتلة. "
وبيّنت بوجنر أن أسوأ أشكال التعذيب أو سوء المعاملة التي يتعرض لها أسرى الحرب الأوكرانيين تحدث عادة أثناء الاستجواب. يمكن أن يتعرضوا للصعق بالكهرباء ومجموعة كاملة من أساليب التعذيب بما في ذلك تعليق الأشخاص وضربهم.
وتابعت :"عندما يصلون إلى أماكن الاعتقال، غالباً ما يتم الترحيب بههم بالضرب المبرح، وغالباً ما يواجهون نقصاً في الطعام والماء أيضاً".
"لا أتوقع أن يغفروا لي"
وحول دعم الروس لقرار الرئيس فلاديمير بوتين بغزو أوكرانيا، قال يفريموف إنه لا يعرف ما الذي يدور في رؤوسهم هؤلاء الروس، متسائلاً "كيف يمكن أن يسمحوا لأنفسهم بأن ينخدعوا؟.
واعتبر أن الرجل الذي كان يخدعهم منذ 20 عاماً، في إشارة إلى بوتين، عليه فقط أن يعطي الأمر وهؤلاء الناس مستعدون للذهاب والقتل والموت.
وختم قائلاً: "ليس لدي حتى الحق الأخلاقي في طلب العفو من الأوكرانيين. لا يمكنني أن أسامح نفسي، لذلك لا أتوقع منهم أن يغفروا لي".
انشقاق قيادي بـ"فاغنر"
وكانت شرطة حرس الحدود النرويجية قد أعلنت أنها اعتقلت قيادياً في ميليشيا "فاغنر" الروسية يُدعى أندريه ميدفيديف بعد دخوله البلاد، مشيرة إلى أنه تقدم بطلب لجوء في النرويج بعد عبوره الحدود بشكل غير قانوني في 12 كانون الثاني/يناير الماضي.
وقال فلاديمير أوسيشكين مؤسس Gulagut وهي منظمة لحقوق الإنسان مناهضة للتعذيب، إن ميدفيديف كان بالفعل مع "فاغنر"، وعمل في وقت سابق كقائد لـ"يفغيني نوزين" وهو مرتزق تم تصوير إعدامه الوحشي لتغيير ولائه والانضمام إلى القوات الأوكرانية.
وتابع: "إنها المرة الأولى منذ بداية الحرب في أوكرانيا التي يهرب فيها قائد سابق مع فاغنر من روسيا إلى أوروبا، ويظهر أنه على استعداد للإدلاء بشهادته ضد يفغيني بريغوجين رئيس "فاغنر" والمتورط في قتل الآلاف من الروس والأوكرانيين".
ويعتبر ميدفيديف شاهد عيان على العديد من عمليات الإعدام والقتل خارج نطاق القضاء من قبل الأجهزة الأمنية التابعة لـ"بريغوزين"، والتي ارتكبوها ضد أولئك الذين رفضوا القتال ضد الأوكرانيين، وأرادوا ترك صفوف ميليشيا فاغنر، والتي تجبر بحكم الأمر الواقع الروس على القتال ضد أوكرانيا تحت تهديد إطلاق النار عليهم.
التعليقات (2)