عن "بي كا كا" وتظاهرات باريس وستوكهولم وتهديد الصحفية رينا نيتجيس

عن "بي كا كا" وتظاهرات باريس وستوكهولم وتهديد الصحفية رينا نيتجيس

وقعت خلال الفترة الماضية ثلاثة أحداث لافتة ومهمة كشفت مجتمعة حقيقة تنظيم "بي كا كا" الإرهابي بأذرعه وأقنعته المختلفة، كما التغاضي المتعمد والممنهج عن وجوده، بل وتساهل حكومات وسلطات أوروبية معه تحديداً في فرنسا والسويد وبدرجة أقل هولندا.

القصة باختصار، أن نادياً تابعاً لتنظيم "بي كا كا" في باريس تعرض منتصف كانون الأول/ ديسمبر الماضي لهجوم عنصري من أحد المواطنين الفرنسيين، ما أدى إلى مقتل ثلاثة وإصابة آخرين من مسؤولي وأعضاء النادي والتنظيم، وقيام أنصاره ومؤيديه باحتجاجات وأعمال شغب عنيفة جداً ضد الشرطة ومؤسسات وممتلكات عامة وخاصة، كما شهدت الاحتجاجات المنفلتة هتافات وشعارات عدائية ضد تركيا وقياداتها رغم أنها لم تكن طرفاً في الحادثة بأي حال من الأحوال.

فضحت هويات القتلى والإطار نفسه أي النادي باعتباره أحد أذرع وواجهات تنظيم بي كا كا الإرهابي في فرنسا حجم النفاق والانفصام كون باريس نفسها تعتبره رسمياً تنظيماً إرهابياً كما الاتحاد الأوروبي وأمريكا، ورغم ذلك تتغاضى سوية مع عواصم مهمة أخرى عن وجوده ونشاطاته التنظيمية والسياسية، وتتساهل وتتراخى مع تنامي قوة التنظيم بما في ذلك قدرته على القيام بالاحتجاجات العنيفة، وتأسيس مؤسسات وتجمعات وجمع تبرعات وتنظيم تظاهرات علنية بأعلام التنظيم الإرهابي، وما إلى ذلك، حتى إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نفسه كان قد استقبل أعضاء من الجناح السوري للتنظيم بقصر الإليزيه، في تجاوز لكل المعايير الأخلاقية والسياسية والدبلوماسية المعمول بها، والتي تتغنى أو تتبجح بها فرنسا ذاتها زوراً وبهتاناً. 

منتصف كانون الثاني/ يناير الجاري قام أعضاء التنظيم الإرهابي بتظاهرة في العاصمة السويدية ستوكهولم علّقوا خلالها وعلى المبنى التاريخي لبلدية العاصمة دمية تشبه الرئيس التركي المنتخب ديموقراطياً رجب طيب أردوغان بما يوحي بإعدامه دون أي تحرك جدي من السلطات القضائية والسياسية رغم مذكرة التفاهم الثنائية أو للدقة الثلاثية الموقّعة من أجل تخفيف المعارضة التركية في أنقرة لانضمام السويد وفنلندا إلى حلف الناتو، والتي تعهدت فيها ستوكهولم بمحاربة التنظيمات الإرهابية دون تفضيلات أو تمييز بينها.

المعطيات السابقة تنقلنا مباشرة إلى قصة الصحفية الهولندية رينا نيتجيس التي كشفت القناع عن الوجه الحقيقي للذراع السوري لبي كا كا، ونشرت سلسلة تقارير وتحقيقات موثقة بعد معايشتها عن قرب لسياستهم ونشاطاتهم في أماكن سيطرتهم.

التحقيق الموثق أكد تأسيس منظومة سلطوية فاسدة وقمعية مارست تهجيراً قسرياً وتطهيراً عرقياً، وتجنيداً قسرياً بما في ذلك الأطفال، تحت أعين أمريكا وفرنسا والقوى الغربية الداعمة للتنظيم، والتي لا تتوقف عن إرسال شحنات وقوافل الأسلحة له بحجة محاربة تنظيم داعش.

الصحفية الهولندية أكدت ما نعرفه عن الوضع في مناطق سيطرة التنظيم، وأنه مجرد ذراع لبي كا كا وكيف يحكم بالحديد والنار، مع تأسيسه منظومة استبدادية سيئة الصيت، تبدو استنساخاً مباشراً لنظام بشار الأسد نفسه، ما يمثل قاعدة فكرية وسياسية لسبب أو أحد أسباب العلاقات وتشابك المصالح بينهما، كما نرى في الحسكة والقامشلي والشيخ مقصود بحلب، وهي أماكن سيطر عليها التنظيم بتواطؤ النظام ودعم الغزاة "أمريكا وروسيا معاً "ضد الشعب السوري وثورته وإرادته الحرة بعد تدمير حواضره وتشريد أهله.

تعرّضت الصحفية الهولندية لتهديدات مباشرة بالقتل – تم إرسال رصاصة لها في إحدى رسائل التهديد - من أنصار أعضاء التنظيم "بي كا كا" وأذرعه وأقنعته المختلفة في سوريا وجبال قنديل وهولندا وفرنسا وأوروبا، ولكنها واجهت الإرهابيين بشجاعة وتصميم أكثر بكثير مما تفعل الحكومات الأوروبية، واعتبرت الأمر دليلاً إضافياً على حقيقة التنظيم الإرهابي الاستبدادي والفاسد والانفصالي باعتباره الوجه الآخر لنظام الأسد.

في هذا السياق، لا بد من التذكير أن "قسد" – قوات سوريا الديموقراطية - هي مجرد اسم حركي من اختراع المسؤول الأمريكي بريث ماكغورك - كان مبعوث إدارة باراك أوباما لمحاربة داعش، وبات الآن مسؤول قسم الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي التابع لإدارة جو بايدن - وهي ليست سورية وبالتأكيد ليست ديموقراطية حسب أفعالهم وممارساتهم، وكما فضحتهم بشكل موثق الصحفية الهولندية.

هنا يمكن العودة إلى تصريح رئيس "قسد" السابق هيثم مناع عن قيادة الجناح السوري للتنظيم من معقل التنظيم الإرهابي المركزي بجبال قنديل شمال العراق، وهو ما أكد ويؤكد عليه دائماً رئيس إقليم شمال العراق الزعيم الكردي البارز مسعود برزاني مع استحضار ما نشرته وكالة أكي الإيطالية في آذار/ مارس 2017 وتضمن قائمة بقادة التنظيم السوري وكلهم أتراك وغالبيتهم العظمى لا يتحدثون العربية ولا حتى الكردية بل التركية فقط.

في الحقيقة يعود الموقف الفرنسي والأوروبي الانتهازي والمنافق تجاه التنظيم الإرهابي لعدة أسباب منها حفاظهم على مصالحها في سوريا والمنطقة، واستخدامه كذراع وأداة رخيصة لابتزاز وإضعاف تركيا ومنع نهوضها، وتحجيم حضورها الإقليمي والدولي واستنزافها في معارك داخلية وخارجية جنوباً وشرقاً بعيداً عن الفضاء الأوروبي والعالمي بشكل عام.

من هذه الزاوية أيضاً يمكن فهم فتح فرنسا جبهة اليونان وبدعم أمريكي ضد تركيا بعد نجاح هذه الأخيرة في الدفاع عن نفسها ومنع قيام وتواصل الكيانات الانفصالية لـ"بي كا كا"، وإقامة إقليم حكم ذاتي انفصالي شمال شرق سوريا، والسعي لنقل الفكرة إلى تركيا نفسها، الأمر الذي تم قتله إكلينيكياً بعد عمليات "درع الفرات" و"غصن الزيتون" و"نبع السلام".

إضافة إلى ما سبق ثمة هدف رئيسي لتأسيس ودعم التنظيم الإرهابي وأذرعه المختلفة ويتمثل بإبقاء المشهد في سوريا على حاله وكي تتخلص الدول الأوروبية من العناصر الإرهابية لديها، علماً أنها رفضت استرداد مواطنيها بمن فيهم الأطفال والنساء، وفي نفس الوقت إضعاف واستنزاف تركيا ومحيطها مع التذكير بتصريح إيمانويل ماكرون الشهير الذي يفضح حقيقة الموقف الفرنسي والأمريكي والغربي من القضية السورية، ماذا يفعل بشار الأسد إنه لا يقتل فرنسيين بل سوريين فقط.

وعليه لا غرابة أن يحكم بي كا كا وأذرعه المختلفة بالحديد والنار، وهو وقف دوماً ضد الشعب السوري والأكراد أنفسهم، وقام باحتلال تل رفعت والشيخ مقصود من الثوار لا من داعش، وقام بتدمير المدن - الرقة وعين العرب ومنبج - وتشريد أهلها بحجة تحريرها من الإرهابيين، حيث تبدو منبج نموذجاً عن الاحتلال والتهجير القسري الموصوف ضد أهلها الأصليين.

في الأخير باختصار وتركيز ومن باريس إلى أمستردام وستوكهولم وعواصم ومدن أخرى نحن أمام دليل وبرهان إضافي وساطع على بشاعة التنظيم الإرهابي والتواطؤ الأوروبي الرسمي معه وحمايته ودعمه بكل الوسائل المتاحة السياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية أيضاً ضد حليف موثوق هو تركيا ورغم علاقته مع نظام بشار الأسد والمنظومة السلطوية الاستبدادية الرديفة للنظام التي أقامها بمناطق سيطرته.

التعليقات (4)

    ياسر منصور

    ·منذ سنة 3 أشهر
    نعم عصابات بي كا كا وال واي بي جي مشروعهم إنفصالي لتقسيم تركيا وسوريا بدعم نظام المجرم بشار و الغرب المنافق المجرم الذي يتباهى بالحرية والديمقراطية الكاذبة , (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه) والله يعطيكم العافية أ. ماجد عزام على المقالة .

    أعلامي سوري کوردي

    ·منذ سنة 3 أشهر
    «تصريح رئيس "قسد" السابق هيثم مناع» ..!؟ عملیة أغتیال ثلاث مواطنین أکراد في باریس کانت مخابراتیة دولیة مدبرة علی مستوی عال.. ثم عنصریة (ألبانیة -مغولیة/ترکیة) ..!!

    سمر

    ·منذ سنة 3 أشهر
    قيد الإرهاب تدعمها أوروبا بلا حدود

    وليد

    ·منذ سنة 3 أشهر
    كل ما قلته عن حزب البيكيكي وفرعه السوري الارهابي صحيح ، ماعدا علاقته بتركيا ، من المؤكد ان تواجده في سورية كان بذريعة من تركيا لتبرير احتلالها ووصايتها على اراضينا وشعبنا وثورتنا
4

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات