بأوامر إيرانية.. نظام أسد يتجه لعرقلة المبادرة التركية العربية في سوريا

بأوامر إيرانية.. نظام أسد يتجه لعرقلة المبادرة التركية العربية في سوريا

يتجه نظام الأسد إلى إفشال مشروع الحل السياسي الذي قد تتيحه الخطوات التركية والعربية، كما فعل بداية الثورة، من خلال وضع شروط غير واقعية، وهذه المرة أيضا بدعم أو أو أوامر إيرانية، التي دخلت بشكل متسارع على مسار إجهاض الحل قبل انطلاقه عمليا، بينما لم تصدر من موسكو التي رعت أو وافقت على تلك الخطوات مواقف متقدمة في هذا الإطار، في حين فعّل الغرب مواقفه مجددا تأكيده دعم الحل السياسي على أساس القرار 2254.

ووضعت الخطوات التركية والعربية القضية السورية من جديد في واجهة الاهتمام وإن لم ينعكس ذلك بشكل واضح على الساحة الدولية إلا أنه محليا وإقليميا استحوذ على مساحات تشي بتطورات  في أنحاء البلاد بينها الجنوب السوري، لما يشكله من هاجس للأردن باعتباره بوابة تهريب إيران والنظام الكبتاغون للخليج، إضافة إلى شرق الفرات وما يرسم له في إطار المرحلة المقبلة، والتركيز الأمريكي على تفاصيله ميدانيا، مع ما قابله من تعزيز روسيا تواجدها غرب النهر، واستمرار تركيا بتعزيز حضورها في الشمال عسكريا وعلى صعيد البنى التحتية.

استدعاء وزير دفاع النظام

الدخول الإيراني على مسار الخطوات التركية والعربية ظهر بشكل واضح من خلال استدعاء طهران وزير دفاع النظام علي محمود عباس الإثنين الماضي، بعد زيارة وزير خارجيتها عبد الأمير اللهيان إلى دمشق، إذ وجهت من خلاله رسائل بأنها هي الصديق الحقيقي لما أسماه الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي بـ"الأمة السورية" لأنها وقفت إلى جانبها خلال فترة مواجهة الإرهاب، وستقف إلى جانبها في المرحلة المقبلة، فيما كان لافتا إعلان وزير الدفاع الإيراني اعتزام بلاده إجراء مناورات عسكرية للمرة الأولى مع جيش النظام.

ومن جانبه وفي إشارة إلى الإمارات والأردن وضرورة استبعاد تأثيرهما على النظام قال رئيس الأركان الإيراني اللواء محمد باقري خلال لقائه وزير دفاع النظام إن بعض الدول العربية التي سلكت طريق تطبيع العلاقات، خانت قضية فلسطين والعالم العربي والعالم الإسلامي، ويجب محاسبتها.

وذكّر باقري عباس بأن بلاده دفعت أثمانا لبقاء النظام، وقال: قدمنا ​​شهداءً كراماً، ونحيي سيد شهداء المقاومة ومحاربة الإرهاب، الشهيد سليماني العزيز، ونحيي ذكرا بحسب تعبيره.

وأكد باقري أهمية تشكيل لجنة أمنية ودفاعية بين البلدين في أقرب وقت ممكن وقال: إن الجيش السوري اليوم بحاجة إلى إعادة تأهيل، والقوات المسلحة الإيرانية جاهزة لمساعدته في مجالات الصيانة والتدريب والتجهيز. 

شروط النظام الإيرانية 

نظام الأسد كما هو معروف أظهر تشددا في مطالبه من تركيا مقابل خطواتها التي تصب في النهاية بحل سياسي للقضية السورية كما أعلن وزير دفاعها خلوصي أكار، إذ قال بشار الأسد بعد لقائه وزير خارجية إيران في دمشق لثلاثة ساعات قبل أيام: إن "الدولة السورية لن تسير إلى الأمام في الحوار مع تركيا إلا إذا كان هدفها إنهاء الاحتلال ووقف دعم التنظيمات الإرهابية".. بحسب تعبيره.

مصادر النظام تحدثت أيضا بأن تحركات الإمارات التي ظهرت من خلال زيارة وزير خارجيتها عبدالله بن زايد آل نهيان قبل عدة أيام على زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى دمشق، وركزت على أنها معزولة عن الخطوات التركية، إذ ذكرت صحيفة الوطن أن الوساطة بين تركيا والنظام أطلقتها منذ البداية روسيا، وهي المعنية بشكل أساسي في كيفية إدارتها، وبما يضمن تحقيق النتائج المرجوة منها، علماً أن الدول العربية معنية أيضاً وبالضرورة بأي تطور قد يطرأ على العلاقات السورية التركية وهي لا ترغب بالتأكيد أن تكون بعيدة عن هذا الملف.

الجنوب والنفوذ الإيراني

زيارة وزير خارجية الإمارات إلى دمشق ارتبطت بالخطوات التركية، إذ سبق تلك الزيارة اتصال هاتفي بينه وبين وزير الخارجية التركي مولود تشاوويش أوغلو، مع حديث وسائل إعلام روسية عن إمكانية استضافة الإمارات لقاء لوزيري خارجية تركيا والنظام، ولكن لم يطرأ أي تطور يدل على استجابة النظام للتحرك الإماراتي، والذي يمثل بعدا عربيا وخليجيا أردنيا على وجه الخصوص، ولا سيما بعد الفشل على مدى الأعوام السابقة من الحد من النفوذ الإيراني في سوريا والتوقف عن تهريب الكبتاغون إلى دول الخليج من الجنوب السوري عبر الأردن. 

وليس من المستبعد أن يكون أحد دوافع الملك عبد الله الثاني دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لزيارة عمان استمرار إيران عبر ميليشياتها في التمدد بالجنوب السوري، إذ لفت معلق الشؤون العربية في "القناة 12" الإسرائيلية الخاصة، إيهود يعاري، إلى أن ما يحدث جنوبي سوريا كان أحد محاور لقاء نتنياهو مع ملك الأردن، مضيفا أن الوجود الإيراني في الجنوب السوري يشكل معضلة أمنية مشتركة بين الأردن وإسرائيل، إذ أن  تهريب المخدرات كان دفع ملك الأردن إلى طلب المساعدة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ولكن الأخير مشغول في حربه ضد أوكرانيا.

إقليم إداري

بالمقابل تحدثت تقارير صحفية حول فكرة إقامة إقليم إداريّ في الجنوب السوري، طُرحت خلال زيارة وزير خارجية الإمارات الأخيرة إلى دمشق، في إطار حلول جزئية للوضع السوري الحالي بخاصة بعد تعذر إيجاد حل وفق قرارات الأمم المتحدة وبخاصة القرار 2254”. بحسب تقرير نشره تجمع أحرار حوران المخاص بتغطية شؤون الجنوب السوري. 

تجمع أحرار حوران أكد وجود مؤشرات تدلّ إلى موافقة النظام على فكرة إقليم إداري، لصعوبة سيطرته المطلقة على المنطقة، ولا سيما مع التحركات الشعبية في درعا والسويداء، حيث تظهر في المنطقة أشكال جديدة من الصراع مع النظام، ستطبع المرحلة المقبلة، كإعلان العصيان السياسيّ، وعدم القدرة لاعتبارات عديدة على إعادة تجربة قمع هذه التحركات دون دفع أثمان عسكرية وسياسية.

وعلى الأرض برزت مؤشرات بهذا الاتجاه في ضوء استمرار الاحتجاجات، ولا سيما بعد انكفاء مؤسسات النظام عن تقديم الخدمات لمحافطتي درعا والسويداء، ما حدا بالأهالي إلى إطلاق دعوات لجمع الأموال والاعتماد على الاقتصاد الذاتي، إذ تم جمع مليارات الليرات في غالبية قرى وبلدات درعا وكذلك السويداء بهدف إصلاح وتوفير الخدمات الرئيسية مثل المياه والاتصالات، على نفقة السكّان والمغتربين.

صمت رسمي روسي 

الإندفاع الإيراني باتجاه تخريب الخطوات التركية والعربية جاء متسارعا، إذ رأت إيران أن روسيا تركتها خارج تحركاتها، وتحدث الرئيس الإيراني هاتفياً إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وبلهجة لا تخلو من الإنزعاج، أكد له محورية إطار آستانة في الجهود الرامية إلى حل القضايا السورية، بمعنى أنه يريد أن تشارك إيران بجهود موسكو. 

وفيما تلاشى زخم التصريحات الرسمية الروسية إزاء الخطوات التركية، إلا أن موقع المجلس الروسي للعلاقات الدولية RIAC  المقرب من الكرملين والخارجية الروسية نشر مقالا للمستشرق كيريل سيمونوف قال فيه إن شروط النظام وبينها انسحاب تركيا هي أشبه ما تكون  بالانفصال عن الواقع ولا يمكن لأنقرة أن تقبلها، وهي شروط ضمن تصريحات شعبوية.

ونقل موقع المدن عن سيمونوف قوله إن وجود القوات التركية في سوريا هو "شرعي بالإجمال"، لأنه جاء نتيجة اتفاقات الجولة السادسة من مفاوضات أستانة، والنظام نفسه رحب في حينه بتلك الاتفاقات، وقال: إن الخطوة الأولى بالنسبة للقاءات قد تكون الأخيرة فيها بسبب عدة عوامل بينها الشروط التي يضعها النظام.  

ويشير سيمونوف بحسب الموقع الروسي الذي يترأس وزير الخارجية سيرغي لافروف مجلس أمنائه، والناطق بإسم الكرملين بيسكوف عضوية هيئة الرئاسة، يشير إلى أن تركيا ليس في نيتها القيام بـ"تغيير حاد" في نهجها السياسي أوتدخل في مفاوضات جدية مع دمشق في ظل شروط النظام. 

روسيا ومطار الجراح

واللافت أيضا أنه وفي ذات اليوم الذي زار فيه وزير دفاع النظام طهران أعلنت وزارة الدفاع الروسية تأهيل مطار الجراح العسكري في ريف حلب الشرقي بحضور قائد قواتها في سوريا وأيضا وزير دفاع النظام، الذي كان موجودا في طهران..!، وهذا أمر مستغرب، ويمكن تفسيره بأن احتفال تدشينه ربما كان قبل زيارته إلى طهران، وأخرت روسيا الإعلان عنه لوقت مناسب بالنسبة له، وقد تكون تريد توجيه رسالة من خلاله لإيران حول إمساكها بجيش النظام، الذي بدأت طهران تركز عليه.

وفيما حظي خبر انتشار القوات الروسية في المطار على وسائل الإعلام الروسية، بدا واضحا إحجام وسائل إعلام النظام عن التعاطي مع خبر تأهيل المطار الذي يقع غربي نهر الفرات ويبعد عن الحدود السورية التركية 75 كيلو مترا، ويعد من أحدث القواعد التي تنشر فيها روسيا طائرات الهيلوكبتر، فيما بدا من خلال مقاطع الفيديو التي نشرتها قناة روسيا اليوم وحدات خاصة تتبع سهيل الحسن المحسوب على روسيا، تجري تدريبات في المطار على القفز المظلي.

تركيا: إيران تتدخل بشكل سلبي  

بالنسبة لتركيا لم تصدر خلال الأيام الماضية تصريحات جديدة بشأن اللقاءات مع النظام، في حين نقل موقع "BBC Türkçe" عن مسؤول أمني تركي، لم يفصح عن اسمه، قوله إن طهران تريد أن يكون لها رأي في التطبيع بين سوريا وتركيا، وأن إيران تغذي الصحافة بأخبار سلبية مثل أن الأسد لا يريد لقاء أردوغان، مشيرا إلى أن استمرار المشاكل بين تركيا و النظام يفسح المجال أمام التدخلات الإيرانية في المنطقة.

وتؤكد المصادر التركية أن المسألة بالنسبة لأنقرة ليست تطبيعا مع النظام بقدر ماهي خطوات من أجل المصالح، مع استمرار دعم المعارضة وهو ما أشار إليه حديث مولود جاويش أوغلو وزير الخارجية إذ أكد أن اللقاءات التي تمت مع النظام حتى الآن تركزت حول مكافحة تنظيم ب ك ك/ب ي د الإرهابي والكيان الانفصالي في شرق الفرات وأن الوفد التركي أكد خلال هذه الاجتماعات على إجراء العملية السياسية واللجنة الدستورية وعودة المهجرين والمساعدات الإنسانية وفق قرار مجلس الأمن 2254".، وأيضا ما أكده المتحدث الرئاسي إبراهيم قالين بقوله إن أنقرة لن تتخلى عن دعم المعارضة، وأن ممثليها سوف يلعبون دوراً أساسياً في مستقبل سوريا. 

وبموازاة ذلك واصلت تركيا تكثيف وجودها في مناطق تمركزها في الشمال، إذ أرسل الجيش تعزيزات عسكرية إلى قواعده في ريف حلب، شمالي سورية ضمن مناطق سيطرة الجيش الوطني السوري، كما واصلت دعم مشاريع خدمية وتنموية في تلك المناطق، وبحسب موقع الحكومة السورية المؤقتة فإنه يتم ترميم وتجهيز عشرة مدارس في الشمال السوري وافتتاح مساكن جديدة ولا سيما تلك الملحقة بالجامعات، إضافة إلى مشاريع خدمية أخرى.

الغرب والقرار 2254

ولعل آخر موقف غربي إزاء القضية السورية كان بيان مشترك أصدره نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي إيثان غولدريتش، والمبعوث الألماني الخاص إلى سوريا ستيفين شنيك، والمبعوثة الفرنسية بريجيت كرمي، والمبعوث البريطاني جوناثان هارغريفز، إذ أكدوا فيه دعمهم جهود المبعوث الأممي غير بدرسون للتوصل إلى حل سياسي على أساس قرار مجلس الأمن الدولي 2254، بما في ذلك وقف إطلاق النار على المستوى الوطني وإجراء انتخابات حرة ونزيهة وتهيئة الظروف لعودة آمنة وكريمة وطوعية للاجئين والنازحين بما يتوافق مع معايير الأمم المتحدة.

ممثلو الدول الغربية الذين التقوا رئيسي هيئة التفاوض ووفد المعارضة للجنة الدستورية أكدوا أيضا أن القرار 2254  هو الحل الوحيد القابل للحياة للقضية السورية مشددين على تطلعهم للعمل مع الشركاء في المنطقة ومع المعارضة للمشاركة بشكل كامل ضمن هذا الإطار. 

وعلى الأرض ذكرت وكالة أنباء آسيا أن المخابرات الأميركية عقدت اجتماعات داخل القاعدة الأمريكية في رميلان بمحافظة الحسكة مع شخصيات من عشيرة شمّر، بهدف تشكيل مجلس عسكري في الجزيرة برئاسة  "أحمد العلوش"، القائد السابق لفصيل "لواء ثوار الرقة" الذي تم حله في صيف عام 2018 بعد خلاف مع قسد، وسيكون مسؤولاً عن الانتشار في المناطق القريبة من الشريط الحدودي مع تركيا، وذلك ضمن خطة لإعادة هيكلة قسد، وذلك في محاولة لإرضاء تركيا.

وعدا عن النظام المتمسك بالسلطة، وإيران الممسكة به، دون اكتراث بكارثة السورييين، فإن جميع القوى المعنية بالقضية السورية بمن فيهم روسيا، يتحدثون عن القرار 2254، كذلك فإن التحركات العربية وبينها الإماراتية تستند على هذا القرار، الذي يتضمن تشكيل هيئة حكم انتقالي وانتخابات حرة نزيهة، والملفان اللذان تطرحهما تركيا كأساس للتفاوض مع النظام، محاربة الإرهاب وإعادة اللاجئين، فإنهما مرتبطان بذات القرار، ولا يمكن أن يتقدما بمعزل عنه في إطار الحل السياسي، وبديل فرصة الحل التي أتاحتها الخطوات التركية وسارت بموازاتها التحركات العربية، هو بقاء البلاد في حالة تقسيم وانهيار أوضاع الأهالي أكثر واستمرار مآسيهم.

التعليقات (2)

    ,الله ياخد ايران

    ·منذ سنة شهرين
    الله ياخدا ايران وكل حدا بياخد بنصايحا ويجبر بخاطر السوريين المشردين طال تشريدهم .

    علي السيد

    ·منذ سنة شهرين
    ايران الدولة الأولى بالعالم في الإرهاب والتضليل والكذب والخديعة والمكر لايمكن الوثوق بها اطلاقا
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات